ملفات وتقارير

كيف تنظر إيران إلى الحلف الجديد ضد "داعش"؟

إيران لم يتم دعوتها إلى الحلف الدولي لمحاربة "داعش" - أرشيفية
إيران لم يتم دعوتها إلى الحلف الدولي لمحاربة "داعش" - أرشيفية
نشرت وكالة أنباء فارس الإيرانية مقالا، الجمعة، تناولت فيه الحلف الدولي الجديد الذي يتوسع من أجل محاربة "تنظيم الدولة" في العراق وسوريا، ووقف تمدده والحد من خطورته، وأثر هذا الحلف على المنطقة، وعلى الخريطة السياسية، كما يراه إيران.

ويعكس المقال كيف تتخوف إيران من الأثر الذي سيخلفه التحالف بشكل كبير على مصالحها في الشرق الأوسط بشكل عام، وفي بعض الدول العربية بشكل خاص.

واستبعدت واشنطن اي دور لإيران في الحلف الجديد.

وتناول مقال الوكالة المقربة من الحرس الثوري الإيراني، ما قالت إنه توريط للبنان في "استراتيجية أميركية سعودية لاحتواء داعش، وليس القضاء عليه"، على حد قولها.

واعتبرت الوكالة أن أول ما يقفز إلى الواجهة في بيان العشرة العرب الذين اجتمعوا في جدة من أجل مناقشة الحلف هو اقحام لبنان في حقل ألغام أمريكي سعودي ضد "تنظيم الدولة".

وقالت "فارس" إن لبنان لا طاقة له على احتمال الروزنامة الزمنية التي وضعها التحالف الدولي، حيث اعتبرت الوكالة أن أمريكا تتعمد إطالة أمد العمليات بحسب ما ترتئيه مصالحها، حيث تريد إدخال لبنان نهائيا في المحور الأميركي السعودي، على حد قولها.

وكان لبنان قد وقع على بيان التزمت فيه بمحاربة "داعش" إلى جانب 40 دولة من "أصدقاء سوريا"، وزعمت الوكالة أن السعودية تعمدت وضع لبنان على جبهة واحدة مع اليمن والعراق وسوريا وليبيا لمواجهة الإرهاب في حرب شاملة، من دون أن تسمي في الجبهة نفسها.

واتهمت وكالة أنباء "فارس" السعودية بأنها صدّرت وتصدر الآلاف من المقاتلين إلى "داعش" الذي تدعو إلى تدميره.

وأشارت إلى أن لبنان يهدف من خلال مشاركته في الحلف إلى جانب الأمريكيين لأن يكون شريكا للعالم في الحرب ضد الإرهاب، حيث قال وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، إنّ "الأولوية هي استئصال داعش، وليس تحجيمه أو احتوائه فقط، فيجب أن لا يوجد له أساس، وأيديولوجيته يجب أن تزول وتختفي".

وتخوفت الوكالة من إلزام لبنان، باستراتيجية التحالف، حيث سيفتح أجوائه للطائرات الاميركية ولطائرات الحلفاء ولشركاء التحالف الذين قد يقومون باستخدامها للإغارة على مواقع "داعش" في سوريا والعراق.

وذهبت الوكالة أيضا إلى أن تركيا تحاول أن تنأى بنفسها عن التوقيع على بيان الحرب، وأنها تتهرب من اعتبارها "الطرف الأول" المعني بفقرة "تمويل الإرهابيين و توفير ملاذات آمنة لهم، ومعابر إلى العراق وسوريا" في البيان، على حد زعمها.

وقالت إن البيان يقصد بوضوح "الأتراك والأردنيين والسعوديين والقطريين"، فيا يخص "وقف تدفق المقاتلين الأجانب عبر الدول المجاورة، ومواجهة تمويل تنظيم الدولة، وجلب المرتكبين أمام العدالة، والمساهمة في عمليات الإغاثة الإنسانية". 

وتتجاهل الوكالة التي تعتبر شبه رسمية أن الميليشيات الإيرانية تدخلت في كل من سوريا والعراق بشكل علني.

ويذكر أن الأتراك يتخوفون من مصير 40 رهينة من ديبلوماسييهم في قنصلية الموصل الذين وقعوا تحت رحمة أبو بكر البغدادي، حيث اكتفت تركيا بالمشاركة في الإغاثة الإنسانية. 

وهاجمت الوكالة تركيا باعتبارها تتذرع بالرهائن، "من دون أي التزام بإغلاق حدودها بوجه قوافل «الجهاد العالمي» العابر من حدودها إلى سوريا، والذي لم يتوقف حتى الآن"، على حد زعمها.

ويشار إلى أن تركيا ترفض حتى الآن تقديم قواعدها للعمليات الجوية للتحالف.

شكوك طهران

تطرقت الوكالة إلى شكوك طهران التي لم يتم دعوتها إلى التحالف في "جدية وصدق" الائتلاف الدولي الذي تريد الولايات المتحدة تشكيله، ما يعكس الانزعاج الإيرانية من عدم إشراكها في التحالف الدولي.

حيث عبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم عن هذا الانزعاج في تصريح لها بأن "هناك علامات استفهام بشأن الائتلاف الدولي المزعوم ضد داعش".

واتهمت أفخم بعض دول الائتلاف من دون أن تسميها بـ"تقديم الدعم المالي"  لتنظيم "داعش" في العراق وسوريا، في حين "يرغب آخرون في إحداث تغييرات سياسية في العراق وسوريا لخدمة مصالحهم الخاصة".

جامعة الدول العربية وتزعم أمريكا للحرب

وهاجمت الوكالة في المقال الجامعة العربية باعتبارها "وضعت إراداتها في خدمة الحرب الأميركية على الإرهاب من دون قيد أو شرط (...) الأمر الذي ينسف ما تبقى من المنظومة الإقليمية العربية"، على حد قولها.

وانتقدت الوكالة جامعة الدول العربية بتركها زعامة الحرب لأمريكا، على الرغم من أن الحرب تجري فوق الأرض العربية وفي سماء العرب، إلى جانب عدم اجتماعها على استراتيجية عربية مستقلة عن الأجندة الأميركية الغربية، والتباس أهدافها في الحرب.

واعتبرت الوكالة أن الدول العربية في مقدمتها كل من من الأردن ولبنان والكويت ومصر والسعودية وعمان وقطر والبحرين والعراق والامارات، يفوضون استقلالهم وإرادة شعوبهم لأجندة الولايات المتحدة، مكتفين بدور المنفذ للأميركيين الذين سيقودون سياسة التحالف وعمليته.

ورأت "فارس" أن أمريكا تتعمد إطالة الحرب بحسب ما ترتئيه مصالحها وبالجرعة التي تفي باستراتيجيتها في سوريا، باستمرار الحفاظ على ما يكفي من الجماعات المسلحة لإطالة أمد الحرب، ومنع استفادة النظام السوري من الضربات الجوية.

"المشروع البندري"

قالت الوكالة المقربة من الحرس الثوري الإيراني إن أمريكا لجأت إلى أفكار أمير الاستخبارات السعودية السابق بندر بن سلطان وأحيتها، وذلك لمواجهة "داعش".

وكان بندر قد اقترح قبل عامين إنشاء "الجيش الوطني السوري الحر"، ووضع ميزانية من خمسة مليارات دولار تنفق على ثلاثة أعوام لتسليح وتدريب 15 ألف مقاتل على أيدي عسكريين باكستانيين وأميركيين وأردنيين في مخيمات الطائف، وفق الوكالة.
وكانت الخطة قد منيت بفشل ذريع أزيح من بعدها بندر. 

وتابعت بأن الأميركيين يحاولون إحياء خطة بندر عبر تكليف ضابط منشق من الدائرة الرئاسية السورية الأولى بتشكيل الجيش، وبتشجيع فرنسي.

وزعمت الوكالة بأن هناك معلومات تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، التقى بندر في عمان مؤخرا لتكليفه رسميا بالعودة إلى العمل بـ"المشروع البندري"، على حد تعبيرها.

تناقضات الحلف

جاء في المقال الذي نشرته الوكالة دون نسبته إلى كاتب أن التحالف الجديد يواجه كتلة كبيرة من التناقضات تسوده.

وأوضحت أنه "ليس واضحا حتى الآن ما إذا كان السباق القطري السعودي إلى تسليح الجهاديين في سوريا سيتوقف. وكيف يمكن أن يعهد بتجفيف ينابيع تمويل داعش وجبهة النصرة إلى حلف تتوسطه قطر"، على حد قولها.

واتهمت "فارس" قطر بأنها تقيم أفضل العلاقات مع جبهة "النصرة"، مستدلة بتقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية الذي يقول بأن قطر "أنفقت على حلفائها في سوريا ثلاثة مليارات دولار مع نهاية العامين الأولين من الحرب السورية".

ولا تتوقف التناقضات عند هذا الحد، -وفق الوكالة- فالمعارضة المعتدلة التي يدعو أوباما الكونغرس إلى مساعدتها وتخصيص موازنة لها لتعوض عن رفضه للتعاون مع الجيش السوري، ليست سوى المعارضة نفسها التي كان يعتبر وجودها قبل شهرين ضربا من الوهم. 

كما أن السجال على ضرب "داعش" في سوريا من دون التنسيق مع دمشق أو الاكتفاء بضربه في العراق، يخالف موقف الأركان الأميركية، ولكن الأهم أن المخزون الأكبر من غنائم "تنظيم الدولة" من أسلحة الجيش العراقي ومعداته المقدرة بمليارات الدولارات، أعيد تجميعها وخزنها في الشرق السوري، ومن دون ضربها، سيكون بوسع "تنظيم الدولة" متى شاء إدخالها إلى العراق وإطالة أمد الحرب، وفق مقال الوكالة.

وقالت إن التدخل في الشق السوري الذي لا يزال موضع خلاف كبير يواجه اعتراضا روسيا وإيرانيا، وشكوكا في أوساط التحالف نفسه، على خلاف الشق العراقي. 

وتعتمد روسيا شرطان لأي ضربة عسكرية في سوريا هما "موافقة الحكومة السورية، وقرار من مجلس الأمن، وإلا سيعد انتهاكا للقانون". 

ورد جون كيري حينها قائلا إنه من "المفاجى أن تتطرق روسيا للحديث عن القانون الدولي بعد ما حدث في أوكرانيا".

حذر وتردد غربي

ونسب مقال الوكالة إلى دول غربية صديقة لأمريكا حذرها من "حرب أوباما" على رأس العرب ضد "داعش"، دون قرار من مجلس الأمن.

وقالت إن الفرنسيين يتحفظون -بحسب مصدر في الإليزيه- على المشاركة في الأعمال العسكرية في سوريا. 

وتناولت تصريحات بريطانية "حريصة على عدم التدخل"، حيث أعلن وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أن لندن لن تشارك في ضربات جوية في سوريا، قائلا: "فلنكن واضحين، بريطانيا لن تشارك في ضربات جوية في سوريا"، مذكرا بمعارضة التدخل العسكري في سوريا في تصويت أجراه البرلمان البريطاني العام الماضي.

واعتبرت أن تصريحات هاموند في مؤتمر صحافي مشترك في برلين مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي أكد أيضا أن ألمانيا لن تشارك في أي غارة جوية، سواء في سوريا أم العراق، تعكس الحذر والتردد الغربي.
التعليقات (0)