ملفات وتقارير

آثار الحرب على غزة تطال أطفال الضفة الغربية

أطفال فلسطين يعيشون المعاناة في كل أطرافها - تعبيرية
أطفال فلسطين يعيشون المعاناة في كل أطرافها - تعبيرية
ما إن يسمع الطفل "نسيم راشد" ذو السنوات الخمس صوت الألعاب النارية حتى يسرع إلى والديه طالبا الأمان، وقد تجلى الخوف على ملامح وجهه وحركات جسده، ظانا أنها صواريخ ورصاص يطلقها الاحتلال الإسرائيلي كما كان يشاهد على التلفاز؛ "نسيم" هو حالة من بين أطفال في الضفة الغربية وصلتهم آثار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.. حيث رصدت اصابة اطفال بحالات اضطراب نفسي، تجلت بالخوف الشديد والتوتر، والتبول اللاإرادي، وهناك حالات لأطفال تنام وأصابعها في اذانها.

ويرى الدكتور ماهر ابو زنط استاذ علم الاجتماع، أن الأطفال هم اكثر الفئات العمرية تأثرا في حال مشاهدتهم أي كرب أو وفاة، فالطفل لا يستوعب ما حصل لقرينه أو ما يحدث حوله، فيتوقع أن يتعرض لنفس الشيء ويصيبه بسبب ذلك حالة ذهول وخوف، أصعبها عندما يفقد قدرته على الكلام، ويشعر بالخوف والرعب، وظهور مشاكل عدة منها فقدانه للشهية، والتبول اللاإرادي، والخوف من الظلام وخلل في التوتر.

ودعا أبو زنط الأهالي في حديثه لـ"عربي21"، الى ضرورة تجنب الأطفال مشاهدة مشاهد الحرب والدمار، وإدراك خطورة الأمر على أطفالهم، ومتابعتهم حتى لا تصيبهم حالة من العزلة.

بدوره قال طبيب الأطفال الدكتور أكرم سعادة، إنه لا يمكن تجنب الاثار النفسية السلبية على الاطفال الناتجة عن احداث الحروب كالتعرض للأصوات المرعبة ليلاً نهاراً ولمصادر الخوف والقلق من فزع الناس وهروبهم إلى مناطق آمنة، ولكن يمكن التحكم بأثر ذلك.

وأوضح، أنه "يجب أن يخفف من تعرض الأطفال للضغط النفسي من خلال توضيح ما يجري من حولنا وبنفس الوقت طمأنتهم بأن الله يحمينا من عدونا، وأننا لا يجب أن نخاف كما يريد لنا العدو، وأن نجعل أحاديثنا إيجابية لنبث الروح المعنوية في نفوس أطفالنا".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن الاهالي يرتكبون خطأ كبيرا بتعريض الأطفال لمشاهد مؤذية لا يتحملها عقلهم لضحايا الحرب، مما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي والتلفزيون لشهداء محروقين وخاصة من الأطفال أو لأشلاء الشهداء، وهذا خطر لسببين وفق تعبير سعادة، "فهذه المشاهد قد تسبب ردة فعل عكسية عند الطفل، فقد تسبب له اضطرابات نفسية (مثل التبول الليلي) أو مرضاً نفسياً مستقبلاً وليس كما يتوقع الأهالي من أن ذلك سيزيد من حقدهم على العدو من وراء تلك المشاهد، فهذه المشاهد تجعل الكبار والصغار يعتادون على مشاهدة أبشع المناظر مما يحدد مخيلتهم وتقييمهم لأي جريمة مستقبلا بناء على مشاهداتهم، بينما الصحيح وصف الموقف وجعل مخيلات الناس تتصور الوضع، وهذا يجعل ردة فعلهم ضد الحدث مستمرة (أي لا تتجمد احاسيسهم ويصيبها البرود) ولهذا فإن اسرائيل لا تعرض صورا لجثث القتلى، ولم نر أمريكا عرضت ضحايا أحداث 11 سبتمر".

وتزخر الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة منذ أكثر من شهر، بمشاهد وصفت بالقاسية لجثث الأطفال، وصور الجرحى، ويقدر من فقدوا آباءهم وأمهاتهم، وعائلاتهم بشكل كامل، اضافة الى الجرحى، بالآلاف من الاطفال.

ويدعو سعادة، إلى اتخاذ خطوات عدة لحماية الأطفال من آثار الحرب النفسية، تتمثل بـ"محاولة الإكثار من الضحك والمزاح بالمنزل مهما كانت الظروف لتفريغ التوتر النفسي، وملاعبة الاطفال قدر المستطاع لتفريغ طاقاتهم المكبوتة باللعب بدل التفكير السلبي وتخيل الأحداث، اضافة الى اشراكهم بالألعاب والأنشطة المرهقة، ليناموا بعمق، وهذا يضمن عدم يقظتهم ليلا على اصوات الانفجارات، والتنويه الى ما يجري من عدوان من خلال اللعب كجعلهم يقلدون صوت الصاروخ".

وينصح الأهالي بعدم "تغييب الأطفال عن الواقع، وإنما شرح لهم بأننا نتعرض لعدوان، وهناك من يحمينا وأن الله معنا، وعدم ترك مجال للأطفال لمشاهدة مناظر صعبة مثل الدم والأشلاء حتى لو كانت للأعداء، بل جعلهم يشاهدون لقطات من نصر المقاومة والفرحة بها".

ويشير سعادة، الى أهمية جعل جو المنزل حيويا صاخبا اثناء الحرب، وترك الأطفال يلهون بعلو صوتهم، ورفع صوت التلفاز أو الراديو، وعدم الحديث عن الحرب بشكلها المفزع وعن الشهداء والجرحى خاصة من معارف الأهل أمام الأطفال، وفي حال اضطر الأهل لمغادرة المنزل، التوضيح للأطفال بأن الخروج من باب الحذر وليس الخوف وان العودة قريبة.

وينصح، أنه في حال "سأل الأطفال أهلهم عن موعد انتهاء الحرب؟ لا يحدد لهم موعد، وإنما القول انها فترة بسيطة وننتصر وتنتهي الحرب، وأن الحق سينتصر، مع ضرب الأمثلة على الصبر والانتصار، لتجنيبهم أي تأثير نفسي حاليا ومستقبلا، وهكذا ينبعث الأمل في نفوس الأطفال".

في مقابل حالات الاضطرابات النفسية التي عانى منها بعض الأطفال، بادر عدد من الأطفال في الضفة الغربية الى فعاليات تضامنية مع اقرانهم في غزة، منها جمع تبرعات واضاءة الشموع، وإعتصامات امام الهيئات الدولية تدعو الى وقف المجازر التي ترتكب بحق المدنيين.

يذكر أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اشارت في بيان لها صدر أمس الأربعاء، أن أكثر من 400 طفل استشهدوا في العدوان الاسرائيلي على القطاع، وأن نحو 400 ألف طفل أصيبوا بصدمة ويواجهون مستقبلا "قاتما للغاية".

وحتى الرابع من الشهر الجاري، أشارت التقارير الى استشهاد 408 أطفال أي 31 بالمئة من العدد الاجمالي للشهداء المدنيين، وكان أكثر من 70 بالمئة من 251 فتى و157 فتاة استشهدوا أعمارهم 12 عاما أو اقل.
 
التعليقات (0)