صحافة دولية

التايمز: الخلافة تعد بالوظائف والأمن لكسب القلوب

"خلافة داعش" تعد بتوفير الأمن والغذاء والوظائف للناس - أرشيفية
"خلافة داعش" تعد بتوفير الأمن والغذاء والوظائف للناس - أرشيفية
قالت صحيفة "التايمز"، إن داعش عرضت خطة لتوليد الوظائف والخدمات في الخلافة الإسلامية التي أعلنتها، وتبدو الخطة مصممة من أجل تجنب الأخطاء الماضية التي وقع فيها من سبقها من تنظيمات القاعدة. 

وفي نشرة للتنظيم على الإنترنت جاءت أشبه بالبيان الرسمي لحزب سياسي، قام بتقديم عدد من الوعود المصممة لجذب السكان المحليين الذين همشتهم الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة. 

وأطلق على الوثيقة "عودة الخلافة"، ووضعت عددا من الأهداف مثل: "إعادة الحقوق والممتلكات لأصاحابها، وضخ ملايين الدولارات في الخدمات التي تهم المسلمين، وتوفير الأمن وإيصال الغذاء، وجبي الزكاة وتوزيعها على الأرامل واليتامي والمحتاجين، بالإضافة إلى تجنيد المقاتلين والحث على توبة المرتدين".

ولا تذكر الوثيقة شيئا عن القيود على الحياة العامة والتي بسببها يخاف الناس من داعش. وبنشر هذه الوثيقة مع ظهور القائد الذي كان يتجنب الظهور سابقا، يبدو أن المجموعة بدأت تحول تركيزها من غزو الأراضي إلى بناء الدولة. 
 
وكان هناك ادعاءات الليلة الماضية بأن داعش بدأت بصرف جوازات سفر في الموصل التي تعتبر ثاني أكبر مدن العراق. وبحسب صورة الوثيقة فهي تحمل العبارة التالية: "حامل هذا الجواز نسير له الجيوش لو مسه ضرر".

وجاءت هذه التحركات بعد ظهور رجل في المسجد الرئيسي في الموصل يقول إنه أبو بكر البغدادي، قائد داعش المرهوب.

وتحت قيادته قامت المجموعة التي انفصلت عن القاعدة العام الماضي باحتلال مساحات كبيرة في الجزء الغربي من العراق قبل ثلاثة أسابيع، لتضيفها إلى الأراضي التي تسيطر عليها في سوريا.

وأثارت سرعة الاجتياح الفزع في المنطقة والعواصم الغربية، وقامت داعش بعدها بإعلان قيام خلافة، وهو الحلم الذي تصبو إليه المجموعات الجهادية المتطرفة. 

ويقول السكان إن البغدادي وصل في موكب من السيارات المصفحة، حيث استخدمت أجهزة التشويش الأمريكية المتطورة التي حصلوا عليها من الجيش العراقي، للتشويش على إشارات الهاتف المحمول المحلي. ومنع المسلحون بعدها المصلين من مغادرة المسجد حتى مر بعض الوقت على مغادرة البغدادي.  

وحاول خلال خطبة استمرت 30 دقيقة أن يظهر بمظهر الشخص المتواضع وعبدالله الذي اختير لمهمة مقدسة: "ولقد ابتليت بهذا الأمر العظيم.. لقد ابتليت بهذه الأمانة الثقيلة، فوليت عليكم ولست بخيركم ولا أفضل منكم. فإن رأيتموني على حق فأعينوني وإن رأيتموني على باطل فانصحوني وسددوني. وأطيعوني ما أطعت الله فيكم".

وقد ارتدى البغدادي عمامة وجبة سوداء تقليدا لخلفاء الفترة العباسية التي انتهت عام 1258، بحسب المحللين، وتنازله الوحيد للحداثة كان ارتداؤه الساعة التي تشبه الرولكس على يده اليمنى والتي جلبت الكثير من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي لمظهرها الثمين. 

ويقول الخبراء إن قراره بالظهور في العلن، قرار ينطوي على جرأة غير عادية. ويعلق تشارلز ليستر الزميل الزائر في مركز بروكنغز في الدوحة قائلا: "بكل بساطة، استطاع شخص من أخطر المطلوبين على وجه الأرض التنقل إلى مركز الموصل، ليعطي خطبة مدتها نصف ساعة في أهم مساجدها، وفي أكبر مدينة تحت سيطرة أسوأ المجموعات الجهادية سمعة في عصرنا الحديث".

وقالت الحكومة العراقية أمس الأحد، إنها لا تزال تحلل الفيديو للتأكد من أن الشخص هو القائد الغامض لداعش وكانت الحكومة قد ادعت أصلا أن الجيش العراقي أصاب البغدادي.  

وكان نشر داعش للوثيقة الأحد، لطرح برنامجها لبناء دولة متباينة مع مناشيرها السابقة التي كانت تركز فيها على المعارك التي تخوضها والمعاملة القاسية التي توجهها لأعدائها. 

 وهناك اعتراف ضمني من المجموعة بأنه ينقصها المتعلمون القادرون على إدارة الخلافة، حيث وجه البغدادي خلال خطبته دعوة خاصة للعلماء والفقهاء والدعاة وخاصة القضاة، بالإضافة إلى من يملكون الخبرة في الشؤون العسكرية والإدارية والخدمات، والأطباء والمهندسين المختصين في مختلف المجالات.

ويقول شاشانك جوشي، الزميل في معهد "رويال يونايتد سيرفيسز، إن المجموعة ستجد من الصعب تحقيق ما وعدته في بيانها الحزبي على أرض الواقع "فحسها الحقيقي بالعدالة يختلف عن حس الأشخاص العاديين". 

وفي الموصول وتكريت والفلوجة، يقول المواطنون الذين تم التحدث معهم عن طريق الهاتف، إن المجموعة فاجأتهم بأنها لم تقم بفرض مراسيمها الاجتماعية المتزمتة.

وقال أحد الأشخاص من الفلوجة التي سقطت بيد داعش بداية العام: "قد تكون داعش تعلمت الدرس من القاعدة في المرة الماضية، فهم لا يريدون إغضاب الناس كما فعلوا في 2005"، وأضاف أن "الأمور لا تزال هادئة وطبيعية هنا"، وليس هناك أي إشارات لحالات جلد عام أو إعدام كما حصل في الرقة السورية عندما وقعت تحت سيطرة داعش. 

وكانت القاعدة قد سيطرت على الأنبار في 2005، ولكنها خسرت دعم السنة بنظام وحشي وصل لحد قطع أصابع المدخنين، واستطاعت القوات الأمريكية استغلال هذا لإنشاء "الصحوات" عام 2006.

وفي الموصل وتكريت قال السكان إن بإمكان النساء المشي في الشوارع دون غطاء الرأس، وإن الوضع الأمني جيد. ولكنهم أيضا قالوا إن مقاتلي داعش بدأوا بإصدار ما أسموه "تشجيعات" للالتزام بممارسات اجتماعية أكثر محافظة. وفي الموصل منع تدخين الشيشة والسجائر في الأماكن العامة ولعب الورق والدومينوز في المقاهي.

وفي تكريت قالت امرأة، إن داعش لم تفرض الحجاب ولكنها أغلقت كلية الحقوق في الجامعة على أساس أن الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع.

وفي الموصل قال مواطن إنه تم إخبار الموظفين في وزارات البيئة والاستثمار والاتصالات بأنه تم الاستغناء عن خدماتهم. وقال إن داعش تركز على إدارة الكهرباء والصحة والتعليم والإطفاء. 

وتسبب دخول داعش في نزوح أكثر من 500 ألف شخص، حوالي ربع سكان الموصل. ولكن السكان يقولون إن نسب الحكومة ما حصل إلى داعش وحدها ليس صحيحا، حيث قال سكان المدن الثلاث إن ما حصل يمثل تعبيرا عن الانتفاضة السنية الأعرض ضد الأجندة المعادية للسنة في حكومة نوري المالكي التي يتنفذ فيها الشيعة. وقال سني آخر إن إعلان الخلافة لاقى معارضة.  
التعليقات (0)