كتاب عربي 21

ما الذي يجري في العراق وما هي تداعياته؟

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600
لو طرحنا السؤال التالي: ترى هل كان بشار الأسد سعيدا بما جرى في العراق خلال الأيام الماضية، أعني سيطرة تنظيم الدولة على الموصل وسواها، وتهديده بالسيطرة على أخرى؟

لا يبدو أن ثمة إجابة حاسمة هنا، والأرجح أن بشار قد أصابته الحيرة حيال المشهد، فمن جهة لا يبدو أن تهاوي حصون حليفه المالكي يشكل خبرا سارا بالنسبة إليه نظرا للتحالف الوثيق بينهما، والدعم المالي واللوجستي الذي يقدمه المالكي، فضلا عن الدعم البشري من مليشيات عراقية تمر بتواطؤ منه دون شك (رشح مقاتلا في سوريا على قائمته الانتخابية)، وهي مزايا قد يفقدها، بما في ذلك تدفق المقاتلين (قد يعود بعض الموجودين منهم إلى العراق للمشاركة في الحرب الجديدة)؛ ومن جهة أخرى، فإن ما جرى قد يمنحه (أعني بشار) دفعة كبيرة من الغرب؛ هو الذي يقدم نفسه كرأس حربة متقدمة "في مواجهة الإرهاب"، وإن كان شقا من ذلك قد حدث فعلا، كما أكد هو في مقابلته مع صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله.

وما يزيد في حيرته هو الخوف من نقلة جديدة للتنظيم عنوانها استخدام مدد القوة الجديد (السلاح الذي غنمه من العراق ونقله إلى سوريا) في مواجهات جديدة تغير ميزان القوى في غير صالحه (أعني بشار). ولكن ما الذي جرى حتى تهاوت حصون المالكي على النحو الذي تابعنا؟

من الصعب الركون إلى نظرية المؤامرة هنا، إذ يبدو أن ما جرى قد فاجأه وفاجأ إيران، بل ربما فاجأ العالم أجمع، والأرجح أن جنوده لم يكونوا جاهزين لخوض معركة قد يخسرون فيها حياتهم، لاسيما أن تقهقر القادة قد سبق الجنود.

المؤكد أن حجم الحشد الطائفي في العراق، والذي تسبب به المالكي، وازداد تأكيدا بعد الانتخابات وما يشبه حسم حصوله على ولاية جديدة، وقبلها النسبة المحدودة التي حصل عليها العرب السنة من مقاعد البرلمان، كل ذلك أدى إلى منح تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام مزيدا من الحاضنة الشعبية والتأييد، ثم انسجم معه قطاع لا بأس به من ثوار العشائر والتنظيمات الأخرى، وجميعهم كان لهم دور في المعركة، فكانت النتيجة التي تابعناها.

لكن السؤال التالي يبقى الأكثر أهمية، وهنا يمكن القول إن الحشد الدولي لصالح المالكي يبدو كبيرا وواسعا، وتعترف به للمفارقة، بل تطالب به إيران التي ستضطر إلى استنزاف جديد في العراق إن هي تدخلت، لاسيما أن أي دعم دولي لن يتعدى الدعم التسليحي، إذ لا يملك أي طرف دولي ترف الزج بجنوده في معركة من هذا النوع؛ لا أمريكا ولا أية دولة أخرى، بخاصة تلك التي ذاقت ويلات المقاومة في العراق، ولذلك سيكون التعويل كله على الحشد الطائفي الشيعي، وعلى "جيش المتطوعين" الذي وعد المالكي بتشكيله بدعم من المرجعية الشيعية، وحيث يبدو ان الأحداث قد وحَّدت الساحة الشيعية من جديد رغم العداء المستحكم بين فرقائها، بخاصة بين التيار الصدري الذي يملك قطاعا شبابيا مؤثرا في حال دخوله المعركة، وبين المالكي وحزب الدعوة.

هذا يعني أننا سنغدو أمام مشهد حرب أهلية حقيقية لا تختلف أبدا عن تلك التي تشتعل في سوريا، بل ربما كانت أكثر شراسة (الحروب الطائفية غالبا ما تكون ذات كلفة باهظة على الجميع)؛ مع فارق أن المعسكرين هنا أكثر وضوحا، بينما تبدو جبهة الثوار مشرذمة في سوريا، من دون أن نعدم شرذمة هنا في العراق أيضا، وإن كانت ستغدو أقل وضوحا في حال اشتعلت المعركة أكثر فأكثر، واضطر جميع العرب السنّة إلى مواجهة المعسكر الشيعي.

الذي لا شك فيه أن إيران في صلب هذا النزيف، فكما أنها هي مَنْ تدير المعركة في سوريا بشكل عملي، وإن لم تزج بمقاتليها في المعركة خشية تداعيات ذلك على الداخل الإيراني في ظل صراع الإصلاحيين والمحافظين، فإنها ستضطر إلى إدارة المعركة بنفسها هنا في العراق أيضا، ما سيرتب عليها أعباءً إضافية رهيبة تضاف إلى أعبائها الأخرى (كان المالكي يساعدها بقوة في سوريا).

ولا تسأل عن فضيحة الخطاب السياسي، لها ولحلفائها، في ظل استغاثتهم بأمريكا والغرب لإنقاذ حبيبهم من الإرهابيين الذين كانوا عملاء أمريكا والصهيونية حتى الأمس!!!!

هنا تتأكد حالة الارتباط العضوي بين الملفين السوري والعراقي، وهنا تتبدى فضيحة النظام الإيراني أيضا، إذ كيف له أن يعتبر أن من حق الشيعة في العراق أن يحكموا بوصفهم أغلبية (القصة هنا فيها كلام كثير عند الطرف السنّي حين نأخذ الأكراد في الاعتبار)، في حين يستكثر على سنّة سوريا أن يحكموا، رغم أن الطرف الذي يقابلهم لا يتعدى 10 في المئة من السكان؟!

ربما تعتقد إيران أن التضحية بالمالكي قد تحل المشكلة، وكذلك أمريكا، لكن الأمر لا يبدو كذلك هذه المرة، اللهم إلا إذا قدمت للعرب السنة تنازلات مقنعة، مع العلم أن ذلك لو حدث سيشكل هزيمة كبيرة لإيران، وسيكون له ما بعده أيضا.

من هنا، وما لم يتم التوصل إلى تسوية إقليمية تضع حدا لجموح إيران وغرور القوة الذي يتلبسها، فإن أحدا لا يمكنه التنبؤ بطول المعركة في سوريا والعراق ولا بتداعياتها، ولا بخسائرها على سائر الأطراف، ويبدو أن الخيار الأول لم تظهر ملامحه؛ حتى هذه اللحظة على الأقل.
التعليقات (5)
حسام مصطفى
السبت، 14-06-2014 12:59 ص
نفسي اشوف (محلل سياسي) يقرأ الأمور صح كلام فاضي
حسبى الله ونعم الوكيل
الجمعة، 13-06-2014 05:59 م
؟واين مليارات السنة فى الخليج ام ستذهب لدعم مصر ومتى ستعود دول السنة للمشهد فى العراق
@ahmed197374
الجمعة، 13-06-2014 04:33 م
نرجو من جميع الاخوة قراءة المنشور بشكل كامل داعش والمالكي..والمؤامرة على الثورة السورية بعد انكسار داعش في دير الزور كان لزاما دعمها بالرجال والذخيرة فهي منجية بشار الأخيرة .. فقد تم استنزافهم من الرجال والذخيرة واصبح مواردهم النفطية في خطر بعد سيطرة مجلس شورى المجاهدين على العديد من الحقول واصبح واجب على المالكي تعويضهم ?داء مهمتهم المرسلين لأجلها..اجهاض الثورة وافقادها حاضنتها الشعبية.. ولكن بذكاء ولعبة اعلامية ..فترك المالكي لهم السلاح والذخيرة والمال وانسحب 1-اقتحمت داعش الموصل في غضون يوم واحد فقط وهي ثاني اكبر مدينة في العراق!!! 2-غنمت داعش العشرات من الآليات الثقيلة والاف الذخيرة التي سوف تعينها على ارجاع سورية لبشار الأسد 3-اخذت داعش بنك الموصل وفية عشرات المليارات من الدولارات. 4-استلمت داعش سجن الموصل وفيه1500 اسير سيكونون مقاتلين في صفوف البغدادي ولكن في سوريا وليس العراق 5-صنعت داعش نصرا وهميا وخدعت السذج من المسلمين ووفرت لها مادة اعلامية "صليل الصوارم5" كما خزنت ارشيف من العمليات المصطنعة تستخدمها في الوقت اللازم 6-سيستعيد المالكي الموصل قريبا وستنسحب داعش انسحاب تكتيكي بحجة حرب عصابات لامواجهه فيها مع الاسلحة والاموال التي سلمها المالكي لهم. وسيحقق المالكي نصرا اعلاميا في استعادة الموصل ويرفع رصيده في الشارع الشيعي العراقي ويرعب خصومه بقدرته على استعادة اي مدينة تنفلت منه 7-سيقاتلون المهاجرين ضمن صفوف داعش "الدراويش"بسلاح ايراني وهم مطمئنين بأنها غنائم من"الصفويين" وسيزدادو يقينآ بأن الله ناصر دولتهم ولاحول ولاقوة الا بالله ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
فيصل الخوالدة
الجمعة، 13-06-2014 01:53 م
وماهو دور النظام الاردني و تدعايات الحرب
أبو أويس
الجمعة، 13-06-2014 11:33 ص
دفاع عن الوجود