صحافة دولية

باحث: واشنطن عادت لهوايتها بدعم الأنظمة الشمولية

دعا حميد واشنطن لتغيير سياستها وفتح قنوات اتصال مع القوى الإسلامية
دعا حميد واشنطن لتغيير سياستها وفتح قنوات اتصال مع القوى الإسلامية
كتب الباحث شادي حميد في صحيفة "ذا سياتل تايمز" الأمريكية محللا الموقف الأمريكي من الثورات العربية ومتسائلا إن كانت الولايات المتحدة تدعم حقيقة الديمقراطية، وذلك في ضوء القرار الأمريكي استئناف إرسال الدعم العسكري وغيره للنظام الحاكم في مصر.

 ويرى الكاتب أن واشنطن بعد الربيع العربي عادت لهوايتها السابقة وهي التعامل ودعم الأنظمة الشمولية بدون أدنى احترام لمن يعارض هذه الأنظمة. ودعا حميد واشنطن لتغيير سياستها وفتح قنوات اتصال مع القوى الإسلامية وعدم الإذعان لضغوط النظام العسكري في مصر.

 ويرى حميد أن واشنطن بحاحة لإعادة تقييم سياستها في المنطقة والتحضير  لكافة الاحتمالات حتى لا تجد نفسها وسط تيارات التغيير في المنطقة كما حدث معها بعد الانتفاضات العربية عام 2011.

 ويقول حميد الزميل الباحث في معهد بروكينغز، "التقيت لأول مرة مع محمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، في أيار/مايو 2010 ، وكان زعيما منذ فترة طويلة في جماعة الإخوان المسلمين، أكبر جماعات المعارضة في البلاد، كانت فترة مظلمة في البلاد، والقمع يتزايد".

و"لم يكن مرسي يحلم أن يطاح بالحزب الحاكم في مصر عام 2011 وأنه سينتخب كرئيس ليطيح به انقلاب عسكري بعد عام".

ويعلق الكاتب هنا  أنه مثلما تغيرت حظوظ الإخوان بشكل سريع تغيرت مصالح الولايات المتحدة والتزامها بالديمقراطية، حيث عادت إدارة أوباما لأسلوبها القديم في دعم الأنظمة الديكتاتورية وعدم احترام القوى المعارضة لهذه الأنظمة.

ويشير الكاتب هنا إلى أن الإخوان المسلمين فازوا عام 2005 وبطريقة غير مسبوقة بـ 88 مقعدا في مجلس الشعب، ولكنهم لم يفوزوا حتى بمقعد واحد بانتخابات عام 2010 التي اعتبرت من أكثر الإنتخابات غشا في تاريخ مصر، وبعد عام أطيح بمبارك وصعد مرسي للسلطة ليرث تركة ثقيلة.

"لم يكن الإخوان ورفاقهم في المنطقة ساذجين حول التحديات التي يواجهها مرسي". وينقل حميد ما قاله له القيادي في الإخوان عصام العريان في عام فوز مرسي "لن يقبل الشعب رئيسا إسلاميا، ويشعرون أن أي إسلامي سيثير عداء الولايات المتحدة وأوروبا".
 ويعلق حميد بالقول "كان العريان محقا في جزء مما قاله، فرغم عدم الارتياح الأمريكي الطويل من الحركات الإسلامية التي تريد تطبيق الشريعة، كانت إدارة أوباما مستعدة لتقبل انتصارات الإخوان المسلمين في صناديق الاقتراع وبدأت بإقامة علاقة عمل مع الرئيس مرسي".

لكن العلاقة كما يقول شابتها مظاهر عدم الثقة، خاصة أن الحكومات الأمريكية المتعاقبة حاولت  إبعاد نفسها عن الإخوان "وعندما وصلت الجماعة للسلطة، كان على الأمريكيين بدء العلاقة من الصفر".

ومن هنا فكل الجهود ذات النية الحسنة للتعامل مع حكومة مرسي قضى عليها الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013 والقمع الذي تلاه. وهو م يذكر برد فعل الإدارة الأمريكية في التسعينيات من القرن الماضي عندما دعمت إدارة بوش الأب وإن بشكل تكتيكي انقلاب العسكر في الجزائر على الإسلاميين  الذين فازوا في الإنتخابات.

وأشار الكاتب إلى تصريحات جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي الذي قدم الكثير من التعليقات على ما جرى في مصر؛ منها أن الجيش المصري يقوم "بإعادة مسار الديمقراطية"، وإعادة الثورة للشعب التي "سرقها الاخوان"، وتصريحات كهذه يطلق عليها الإخوان "الفيتو الأمريكي"، وهي طريقتهم في التعبير عن عدم سماح الولايات المتحدة لهم بالفوز.

وأيا كانت هذه النظرة، صحيحة أم خاطئة، ولكنها النتيجة التي توصل اليها الكثيرون بعد ثلاثة أعوام من الثورات التي فتحت الأمل حول إمكانية تغيير الولايات المتحدة مدخلها الضيق وتقف مع  تطلعات المنطقة الديمقراطية.

ويعتقد الكاتب أن "الحركات الإسلامية هي جزء من النسيج الاجتماعي من المجتمعات العاملة فيها، وتعكس الرغبة الواسعة في أن تلعب الشريعة  الإسلامية دورا مهما في الحياة السياسية"، ومن هنا فمحاولات النظام العسكري المصري سحق الإخوان المسلمين ما هي إلا عملية مجنونة، لأن المحاولات السابقة فشلت.

ويشير حميد إلى تجارب مصر  في الخمسينيات وتونس في التسعينيات وسوريا في الثمانينيات من القرن الماضي التي فشلت، وإن حققت بعض النجاح على المدى القصير، وفي الحالة السورية فقد سحق النظام الإخوان المسلمين تقريبا لكنهم عادوا وظهروا من جديد عام 2011 كقوة سياسية مهمة. 

ويدعو الكاتب الولايات المتحدة رفض كل الضغوط من القادة المصريين والعمل على فتح قنوات اتصال منظمة أو حوارات مع الإخوان المسلمين وبقية الإسلاميين ومن يعيشون في المنفى منهم، وأن تقوم بتنسيق الجهود مع دول الاتحاد الأوروبي.

وفي حالة فشل الولايات المتحدة الاتصال والحوار مع الإخوان المسلمين وجماعات المعارضة "فقد تجد نفسها في وضع لا تكون فيه قادرة على إقامة علاقات بناءة مع الأحزاب التي ستصعد للسلطة في المستقبل تماما كما حصل بعد سقوط مبارك عام  2011".

ويقتضي هذا من الولايات المتحدة تفكيرا طويل الأمد، لأن دروس الربيع العربي علمتنا أن التخطيط للاحتمالات مطلوب.

ويختم الباحث بالقول "عندما التقيته كان مرسي في المعارضة يحضر نفسه للأسوأ، ثم شهد الإخوان صعودا سريعا للسلطة، والآن يقضي الرئيس السابق وقته في السجن، متسائلا عن الخطوة القادمة".
التعليقات (0)