ملفات وتقارير

ساينس مونيتور: ماذا جرى لآثار "تدمر" التاريخية؟

آثار سورية من مدينة تدمر (أرشيفية)
آثار سورية من مدينة تدمر (أرشيفية)

كشفت صحيفة "كريستيان ساينس مونتيور" أن آثار بلدة تدمر التارييخية أصبحت خارج البلاد.

وأفردت الصحيفة تقريرا خاصا عن مصير آثار تدمر.

وقالت الصحيفة إن مهربي الآثار السوريين لم يبقوا على أي شيء في ظل انعدام الملاحقة الأمنية.

وينقل التقرير عن عن أحد المقاتلين المعروف باسم أبو علي التدمري إن فوضى الحرب أعطت دفعة لتجارته.

أبو علي الذي التقته الصحيفة في تركيا حيث يشارك عدد من المقاتلين شقة هناك، ولد في مدينة تدمر التاريخية، وعاش مثل بقية عائلته على التنقيب والبحث عن القطع الأثرية القديمة وتهريبها.

وتشمل ثروة التدمري، أبو علي، على قطع إسلامية وتماثيل قديمة هرب جزءا منها إلى تركيا أما الباقي فلا يزال مخبأ في تدمر، وكل ما جلبه معه إلى تركيا باعه.

وتشير الصحيفة إلى أن تدمر التي تقع على طرق القوافل القديمة والغنية بالتراث الروماني- اليوناني والقبور القديمة واعتبرتها منظمة اليونسكو جزءا من التراث الإنساني، تحولت إلى ساحة حرب بين المعارضة وقوات النظام، حيث وجد المقاتلون في آثارها القديمة ملجأ ووفر لهم فرصة جيدة للنهب.

ويقول التدمري: "بعد الأحداث في سوريا أصبح كل شيء مفتوحا ولا أحد يحميه"، وقام الجيش بضرب المناطق تحت ذريعة استهداف المقاتلين فيها، مما أدى لفتح ثغرات في الآثار وسمح للكثيرين بسرقة الآثار بحثا عن الثراء كما قام مقاتلو الجيش الحر بأخذ  قطع للحصول على المال والذخيرة". 

التدمري استطاع الهروب ولكن بعد أن قام بدفن كنزه الكبير الذي لم يستطع حمله معه وتهريبه إلى تركيا.

تدمر الأثرية وجارتها الحديثة كانتا قبلة للسياح وعاش سكان البلدة من الفنادق والدكاكين والمطاعم التي تخدم السياح، بينما كان يقوم البدو بأخذ السياح في جولات على جمالهم داخل البلدة الأثرية وبالذات أوقات شروق الشمس وأوقات الغروب. وتأثرت الأبنية الأثرية بالحرب ولكنها لم تدمر تماما كما في أماكن أخرى من سوريا.

ولا يزال التدمري والذي أخذ اسمه من اسم البلد يعتقد أن السياحة ستعود لبلده، وهو لا يحس بالذنب للدور الذي لعبه في تضييع تراث بلده. 

الآثار التدمرية والتي تجمع بين الأساليب اليونانية والرومانية والتأثيرات الإيرانية والمحلية مرغوبة في كل أنحاء العالم. وكان هناك سوق غير قانوني لهذه التحف قبل الأزمة ولكن الخوف من الأجهزة الأمنية كان يحد من حجم السوق، حيث كان الاتجار بهذه التحف يودي بصاحبه إلى السجن لمدة 15 عاما. 

وادي القبور، مقبرة كبيرة تقع خارج أسوار المدينة الأثرية، وهو موقع النهب الرئيسي، وبحسب التدمري فقد بيعت أحجار القبور وبعضها عليه تمثال نصفي لصاحب القبر في السوق السوداء، ويقول: "لا أحد يخاف الآن".

ونقلت الصحيفة عن فرانس ديسماريس من مجلس المتاحف العالمي قولها إن الاتجار بالتحف التراثية تزايد بشكل كبير منذ بداية الصراع في سوريا، وغذاه التجار المحترفون والهواة الذين لا يعرفون الآثار المترتبة على ما يقومون به. 

وأضافت ديسماريس أن مؤسستها أصدرت قائمة بالتحف السورية المعرضة للتهريب في 2013 لمساعدة المدنيين والشرطة التعرف على تلك التحف التي قد تباع بشكل غير قانوني وحذرت من أن الكثير من هذه التحف لن تظهر في السوق إلا بعد سنوات. 

ويعتبر التدمري أنه يجوز الاتجار بأي شيء غير مسجل في سجلات اليونيسكو قبل الحرب، ومعظم زبائنه من الأتراك المرتبطين بمافيات التهريب أو من السوريين الآخرين الذي يعملون في نفس التجارة، مع أنه باع قطعة مباشرة لمشتر خاص من ألمانيا. ويسافر أحيانا إلى إسطنبول ليبيع بعض القطع الصغيرة للمهتمين الأجانب أو تجار التحف الشرقية. 

وليس كل ما يبيع التدمري مصدره تدمر، فلديه بعض القطع الخزفية من منطقة إدلب والتي تزخر بالآثار القديمة، ويزعم أن المزهرية الخزفية تعود إلى مملكة ماري، حضارة ازدهرت في العصر البرونزي غربي نهر الفرات، وقد عرضها بـ 500 دولار ولكن في لحظة يأس باعها مقابل 150 دولار.  

ويشكو التدمري من أن القادمين الجدد يدفعون بالأسعار للهبوط بإغراق السوق بالتحف وبيعها بأسعار متدنية ويقول ممازحا: "أرجو أن تقوم السلطات التركية بملاحقة المهربين لترتفع الأسعار".

ويقول بسخط واضح: "ترى قطعا ثمينة تباع بـ 300 أو 400 دولار للقطعة، وهذا لا شيء.. يشعر المهربون القدامى بالحزن عندما يرون قطعا مهمة تباع بأسعار زهيدة". 

ويعرض ثلاثة مهربين بضاعتهم في شقة متهالكة في ريهانلي. أحدهم رجل مسن يلبس النظارات والثاني ثائر سابق وجريح يأمل أن يبيع بضاعته لدفع تكاليف علاجه والثالث موظف سابق في السياحة ويتحدث القليل من الإنجليزية.

وتشمل بضاعتهم على بعض التماثيل الخزفية الصغيرة من تلبيسة في سوريا وبعض النقود من العصر البرونزي وبعض مصابيح الزيت المصنعة من الصخر الأسود. كما أنهم يحملون صورا على هواتفهم لتحف تركوها في سوريا ويمكن جلبها إلى تركيا إذا حصلوا على السعر المناسب.

ولإعطاء فكرة عن الأسعار يطلب المهربون 3200 دولار لقطعة نقدية فضية إغريقية تحمل نقشا لبومة أثينا، وكأسا حجرية وتمثال طير معدني. ويطلبون 3500 دولار ثمنا لرأس روماني بحجم قبضة اليد.

وبالتفاوض يوافق الثائر الجريح والذي يعمل وسيطا للاعب أكبر على بيع القطعة النقدية بـ 200 دولار. ويعلق الرجل المسن بغضب: "إنه مضطر ولا يعرف القيمة الحقيقية لما بين يديه".
التعليقات (0)