ملفات وتقارير

فيسك: العالم لن يصمت على هجمات الطائرات بلا طيار

مظاهرة في باكستان ضد الهجمات الأميركية بطائرات بدون طيار - أ ب
مظاهرة في باكستان ضد الهجمات الأميركية بطائرات بدون طيار - أ ب
يرى روبرت فيسك في مقال له في صحيفة "إندبندت" البريطانية أن هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية في باكستان والتي ذهب ضحيتها مئات المدنيين أصبحت من كثرتها أمرا مألوفا ولا تثير حفيظة الرأي العام.

ويذكر فيسك قصة اختطاف الناشط كريم خان، فيقول إنه "عندما يختطفك 20 مسلحا بعضهم في زي الشرطة تابعون لجهاز المخابرات الباكستانية المعروف بـ (آي إس آي) يمكن أن تختفي للأبد".

وتابع "ففي قبر جماعي اكتشف حديثا في بلوخستان جنوب غربي البلاد وجد العديد من المختفين في اعتقالات سابقة. ولكن وبعد ثمانية أيام من اختطافة وتعذيبه -بشهادته وشهادة محاميه شاساد أكبر، والعلامات التي لا تزال على جسده- عاد إلى بيته في باكستان، وجريمته هو أنه انتقد الهجمات الأمريكية بطائرات دون طيار ضد المدنيين في باكستان بحرب أوباما ضد القاعدة". 

وأشار إلى أن حساسية المخابرات الباكستانية "ربما تكون نابعة من أن الأراضي الباكستانية التي كانت حتى عام 2009 المكان الذي تنطلق منه تلك الطائرات".

وأضاف فيسك أن "ابن خان حافظ زين الله وأخوه آصف إقبال، ورجل ثالث يعمل في البناء، واسمه خالق داد، قتلوا في هجمة طائرة دون طيار أمريكية على بيت خان في كانون أول/ ديسمبر 2009".

وقام خان برفع قضية أمام القضاء الباكستاني ضد هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار، بحجة أنها وحسب قانون البلاد، ارتكاب لجرائم قتل متعمد.

ولكن "الجريمة الأكبر" لخان هو أنه كان على وشك السفر إلى بروكسل، ليتحدث مع برلمانيين أوروبيين عن مخاطر هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار في باكستان.

وذكر فيسك أن خان ظهر في الفيلم الوثائقي "جروح وزيرستان"، الذي أنتجته مديحة طاهر حديثا، وذكر أن ابنه كان يعمل حارسا في مدرسة البنات المحلية، وكان يدرس للصف العاشر، وأن أخوه آصف كان يحمل ماجستيرا باللغة الإنجليزية وكان يعمل موظفا حكوميا وكيف قطع الهجوم جسديهما. 

ومدح الكاتب جرأة الإعلام الباكستاني الذي تحدث عن الاختطاف، و قسم روال بندي في المحكمة العليا في لاهور، الذي أصدر حكما مطالبا الحكومة بإظهار خان قبل الخميس القادم، وقال إن خان في أمان "لحد الآن" بسببهما.

وسخر من استخدام الصحفيين الأمريكيين لتعبير "حرب الطائرات بدون طيار" قائلا "لا أرى أن القاعدة أوالمدنيين الأبرياء الذي يقتلون بتلك الطائرات يردون على هذه الهجمات بطائرات بدون طيار يملكونها".

وذكر أن استخدام هذه الطائرات كان في أولى أيام حكم جورج بوش، ولكن معظم الهجمات -384 هجمة- صادق عليها السيد أوباما، وليس هناك أرقام دقيقة عن عدد الضحايا المدنيين لهذه الهجمات، فهناك من يقدرها بـ 300 والبعض 900 من بين 2500 مجموع ضحايا الهجمات بالإضافة إلى 50 على الأقل قتلوا في الهجمات الثانية، والتي عادة تتبع الهجمة الأولى وتقتل الذين يحضرون لإسعاف الجرحى.

وأشار إلى أن متلازمة الهجمات هذه انتشرت في الشرق الأوسط، حيث تستخدم ضد القاعدة والمدنيين في اليمن، واستخدمها الإسرائيليون في لبنان عام 2006، عندما أطلق شاب يركب دراجة نارية على طائرة بدون طيار، حيث قامت بالرد وهدمت عمارة سكنية، وفي غزة وبحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قتلت الطائرات بدون طيار 825 شخصا كثير منهم مدنيون.

وعلّق على هذه المتلازمة قائلا إن "العار الأخلاقي فيها ليس نابع من أن السيد أوباما أو ضابطا أمريكيا قرب لاس فيغاس يقرر بناء على معلومات من الأقمار الصناعية أو المكالمات الهاتفية أو سرعة السيارات من يجب أن يعيش أو يموت، ولكن الجانب المخزي فيها أن هذه الحرب أصبحت طبيعية، حيث استمرت لفترة طويلة، وكذلك الاحتجاجات ضدها، بحيث أصبح أمرا طبيعيا مألوفا وأمرا واقعيا".

وذكر الحملة التي شنتها أمريكا وبريطانيا في تسعينيات القرن الماضي بالعراق، في منطقة حظر الطيران، حيث كانوا يستهدفون "أهدافا عسكرية"، ويقول إنه خلال الثمانية أشهر حتى آب/ أغسطس من عام 1999، قام الأمريكان والبريطانيون باطلاق 1100 صاروخ على 359 هدفا عراقيا، وكانت عدد الطلعات حوالي ثلثي تلك التي قام بها الناتو فوق يوغسلافيا خلال 78 من القصف في نفس العام.

ويقول أن الطائرات كانت تستهدف البطاريات المضادة للطائرات في العراق، بالإضافة الى أنابيب النفط والمخازن، وأدت إلى مقتل العشرات من المدنيين بعضهم منطقة سكنية في البصرة.
  
وكانت كل غارة جوية تحظى بفقرة مقتضبة في الصفحات الداخلية للصحف البريطانية والأمريكية في قسم الأخبار السريعة "أي أن حملة جوية كاملة تمت من وراء ظهر الشعب البريطاني والأمريكي" بحسب الكاتب.

وتابع أن "في جنوب لبنان كانت إسرائيل ولمدة 28 عاما تسيطر على معتقل للتعذيب في الخيام للثائرين وعائلاتهم من رجال ونساء، حيث كان بلطجية إسرائيل في جيش لبنان الجنوبي يستخدمون الصدمات الكربائية عادة في تعذيب المساجين"، واشتكت "أمنستي" و"هيومان رايتس واتش" والصليب الأحمر، ولكني سأذكر دائما جواب مسؤول سويسري في الصليب الأحمر وكنا ننظر إلى سجن الخيام عندما سألته: "لماذا لا يشجب العالم هذا المكان المروع"، فأجاب: "أصبح هذا شيئا طبيعيا" وفق ما ذكره الكاتب.

واختتم مقاله بالقول: "إذن هذا هو الحل؛ أقتل وعذب كما شئت وعلى فترة زمانية طويلة – ولكن لا ترتكب مذابح كبيرة، ولكن قدرا معقولا من القتل على مدى أشهر وسنوات طويلة – ويمكنك أن تتملص منها دون عقاب. فأن تقتل الأشخاص السيئين أمر مقبول ومؤسف أن يذهب فيها أبرياء. ولكن تأكد من أن تكون حربك غير جاذبة للاهتمام وألا تستمع لكريم خان".
التعليقات (0)

خبر عاجل