كتاب عربي 21

هل يصبح الهزل جدا؟

عبد الرحمن يوسف
1300x600
1300x600
حين أصبح الخديوي إسماعيل (ظهره للحيط)، وأحاطت به الديون بسبب فساده وسفهه وإسرافه، وأصبح يحتاج إلى ظهير يقويه في وجه الباشاوات والإنجليز، قرر أن يتخذ من المصريين ظهيرا، وفي نفس الوقت أن يظهر أمام العالم المتحضر وكأنه على رأس دولة دستورية، لذلك قرر إنشاء "مجلس شورى النواب".

كان المجلس أضحوكة، فهو مجلس استشاري، لا علاقة له بالسلطة التنفيذية، أعضاؤه من أعيان المصريين الغارقين في خيرات القصر، ولا سلطة له على أي شيء، ولا يمكن أن يتدخل في سلطة الخديوي، فهو مجلس يجتمع شهرا واحدا في السنة، ولا يحق له أن يطلع على ميزانية الدولة، إنه "خيال مآتة"، لا أكثر.

الخديو أخذ الأمر على أنه مسرحية هزلية، ولكن الشعوب تأخذ هذه الأمور بمنتهى الجدية، وأجريت الانتخابات في جو حماسي ساخن، وهذا المجلس الذي بدأ وكأنه "لا شيء"، كاد أن يصبح بعد ذلك كل شيء.

المجلس الأول عقدت جلسته الأولى في 25 نوفمبر 1866، وأصبح مهبط أفئدة المصريين، وتعلقت آمالهم به، وأصبح من يمثلهم فيه نجوما، لقد تفجرت العواطف الوطنية المصرية بسبب هذا المجلس الشكلي، ولم يستطع أحد أن يعيد هذه العواطف والآمال إلى صدور المصريين مرة أخرى، إنها سهم انطلق من القوس، وهيهات أن يوقفها أحد.

هذا المجلس كان سببا في اندلاع الثورة العرابية، وثورة 1919، وكان مصنع القيادات الوطنية لعشرات السنين، حتى عام 1952.

حين قرر مبارك أن يكتب مسرحية الانتخابات الرئاسية، قرر كاتب السيناريو أن يحرم الجميع من حق الترشح لانتخابات الرئاسة، وبالفعل، تطوع مستشارو السوء ليجعلوا من المادة 76 أضحوكة للأمم، فهي مادة لمنع الترشح، وليست لشروط الترشح.

ولكن الشعوب تأخذ هذه الأمور على مأخذ الجد، وكانت النتيجة أن ظهر من المجهول شخص اسمه "أيمن نور"، وأيا كان رأينا في هذا المرشح وفي جدارته في احتلال المنصب الرفيع، فإن خيالات المصريين ورغباتهم في التغيير انطلقت، ولم يستطع أحد أن يمنع الجيل الجديد من المصريين من الحلم.

اليوم... بعد أن اندلعت ثورة يناير وأجبرت سائر المصريين والعرب على أن يتخيلوا وطنا شريفا نظيفا، وبعد أن طار طائر الأحلام إلى أعلى السموات، يريد بعض ضيقي الأفق القادمين من القرون الماضية أن يعتقدوا أن المصريين يمكن أن يدخلوا إلى جحور الاستبداد مرة أخرى، يفكرون كما فكر الخديو في عام 1866، ويحسبون أن هذه الأحلام العريضة لجيل كامل سوف تختفي، وأن قتل الناس في الشوارع مع الرقص على جثثهم في التلفزيونات سوف يرهب الشباب، أو سوف يحملهم على نسيان أحلامهم العريضة.

مسرحية الدستور، التي أعطت للدولة العميقة كل ما تريده من مكتسبات، لن تمنع المصريين من أن يحلموا بدستور حقيقي، لا يكتب في دبابة، ولا يعدل في حفل عشاء.

انتخابات الرئاسة المزعومة التي أعلن عنها، لن تستطيع كبح أشواق المصريين في رؤية رئيس حقيقي، منتخب من الناس، لم يأت لهم ليزعم أنه رئيس عادل بينما كرباجه أسود من سواد الليل.

أيها السادة ...
أنتم تسخرون من شعوبكم، وتقدمون لهم وجبات من الكوميديا، ولكن تأكدوا أن الشعوب تأخذ هذه الأمور بجدية شديدة، وكل المسرحيات الهزلية التي تقدم اليوم...ستصبح جدا غدا، وهذا الغد قريب، قريب جدا بإذن الله.

قاوموا التغيير بكل ما أوتيتم من قوة، اقتلوا الناس في الشوارع، لفقوا لهم ما شئتم من تهم، قاضوا رموزهم بما تريدونه من ألاعيب القانون، شوهوا شرفائهم بكل ما يعيب وما لا يعيب، في النهاية ... التغيير قادم ...!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...
13
التعليقات (13)
محمود شلبى
الأحد، 09-02-2014 08:37 م
ايها الساده الشعب المصرى يذداد صموده واصراره كل يوم على كسر الانقلاب -- الوعى زاد-- الفهم زاد- الغشاوه-زالت- والغضب الساطع قادم لتطهير بلاد الله -- الاعلاميين السحره بطل سحرهم وكشفت الاعيبهم ايها المصريين كافه بلاد المسلمين ينظرون اليكم يتطلعون الى رؤيتكم تمسكون برقاب الباطل وتكنسون البلد من القازورات العفنه -كل بلد اسلاميه ينتهك فيها الاسلام الان واطراف الدوله الاسلاميه تؤكل فى مينامار-فى مالى- فى افريقيا الوسطى الكل فى انتظار العملاق المصرى الاسلامى ليعيد الحق لاهله وينشر العدل فى ربوع الامه -ايها السااده حكام امه الاسلام هذا الزمان انتم وامثالكم اعقتم تقدم الامه 500 عام لاجل مصالحكم الشخصيه الضيقه افهمونا ارجوكم اعيدوا الحق لاهله
أم محمد
السبت، 08-02-2014 08:38 ص
هذا الذي يتهكم على أسياده ألم يعلم أن الكاتب المحترم ابن العالم المبجل لايتكلم من فراع ..كل الفضائح مسجله صوت وصورة أمام العالم لكنكم يا إنقلابيين وإنفلاتيين أنتم وشعبكم النامي إعتدتم أن تدفنوا رؤوسكم في التراب النجس وعلي فكره شعبكم الذي تدعونه لا يساوي خمسة في المائة من الشعب المصري الأحرار والباقي تزوير وغش كعادتكم فاخجلوامن أنفسكم ودعوا الشباب الطاهر الذي تحبسونه وتعذبونه بإرهابكم ظانين بإجرامكم أنهم سوف يتخلوا عن حلمهم في بناء وطن متحضرطاهر من الفساد والمفسدين أمثالكم كفاكم نهب وسلب وتخريب ربنا ينتقم منكم <br>
عمر خالد
الأربعاء، 05-02-2014 12:36 م
أقسم بالله إني أعشقك وعليك أن ترمي كل من يخطئ في حقق خلف ظهرك وتضعهم تحت قدمك فأنت أشرف منهم جميعا أنا عندي 19 سنة وأنت مثلي الأعلى في الوطنية وحب هذا الوطن الذي أعشقه وأرجوا منك في بعض كتاباتك أن تحث هؤلاء الفشلة من جماعة الإخوان أن يتخلوا عن مطلبهم الساذج برجوع مرسي مرة أخرة وهو الأمر المضحك المبكي ويتحالفوا مع الكتل الشبابية الضخمة الرافضة لما يحدث من هزل والرافضة أيضا لعودة مرسي والأخوان مره أخرة ..... وشكرا
خالد
الإثنين، 03-02-2014 02:12 ص
لو صبرت و غيرك على الدكتور مرسي لنجحت الثورة لكنكم أسرفتم في المعارضة ظنا منكم أنكم قد وصلتم لمرحلة الديمقراطية و لا عودة للوراء و للأسف كل من عارضوا مرسي كانوا سببا في الوصول للانقلاب و أفاقوا الآن كمن أعطي صفعة قوية على وجهه و عرف أنه لم يصل بعد للديمقراطية التي يجب أن يعارض معها وقت البناء لا يحتاج نقدا بل معونة و بعد البناء و الوصول لإضافة التفاصيل يكون النقد بناء و فعالا و أما و الدولة مازالت في مرحلة حفر الاساسات و تنظيفها فلا تحتاج للمعارضة التي أظهرتها و غيرك و أكثرتم من نقد الإخوان باندفاع للاسف وصلت متأخرا و كما قلت لا عودة للوراء
فاطمة
الإثنين، 03-02-2014 09:35 ص
دائما مقالات عبدالرحمن يوسف تحمل مضمون جديد يضع النقاط على الحروف وتكون لمسة صدق في زمن المساحيق نعم أننا أمام مهزلة عصابة سرقت أحلام الوطن وهي تظن أنا ممكن أن يمرر المصريين سرقة أحلامهم هل يخافون لا أظن لقد قدم الشعب المصري تضحيات بالدماء دماء أبنائهم ولاكن مستمرون فعلا نحن أمام صمود العجيب للشعب المصري سيسقط دستور القتل سيسقط رئيس مصطنع بأرادة الشعب المصري الذي يخرج إلى الشوارع يقدم روحه من أجل مصر وحرية وكرامة وأسقاط حكم العسكر فشباب مصر أحلام مصر هم من يحملون لواء إسقاط الأنقلاب العسكري وعجلة الزمان لن تعود ستسقط الدولة العميقة بفسادها