صحافة إسرائيلية

كابوس نتنياهو الايراني

نتنياهو في الأمم المتحدة
نتنياهو في الأمم المتحدة
تحدث نشيط في الساحة السياسية مؤخرا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وناشد قلبه. طلب منه أن يخفف من حدة تصريحاته ضد الادارة الامريكية؛ حذر من أن المواجهة العلنية الناشئة تضر باسرائيل؛ شرح بأن الرابح الوحيد هو ايران التي شعرت بانها نجحت في دق اسفين بين اسرائيل والولايات المتحدة.
 
نتنياهو لم يرد الانتقال ردا باتا، ولكنه شرح بانه كان سيتخذ سبيلا آخر لو لم يكن يؤمن بان هذا موضوع حرج لامن اسرائيل. وأجاب لمحادثه "اذا لم يكن على هذا سنصطدم بالولايات المتحدة، فعلى ماذا نصطدم؟". بقدر ما يتعلق الامر به، فانه لا يعتزم الصمت. ويعترف مسؤولون امريكيون واسرائيليون بان الخلاف بين نتنياهو وبين الرئيس اوباما يكاد لا يكون قابلا للجسر. وحتى المكالمة الهاتفية من ساعة ونصف يوم الجمعة قبل اسبوعين لم تنجح في التقريب بين الرجلين. 
 
 في البيت الابيض يعتقدون بان نهج إما كل شيء أو لا شيء الذي يتخذه نتنياهو، والذي يعتقد بانه يجب تشديد العقوبات الى أن ينزع الايرانيون آخر أجهزة الطرد المركزي ليس ناجعا بل وخطيرا. في نظر البيت الابيض هذا بالضبط هو النهج الذي سيؤدي بايران الى تفجير المفاوضات والاندفاع بكل السرعة نحو سلاح نووي. والنتيجة، على حد قول المسؤولين الامريكيين، ستكون الحرب. 
 
أما نتنياهو فيرى الامور بالعكس تماما. فهو يشعر بان كل ما قاله وحذر منه في الاشهر الاخيرة يحصل أمام ناظرينا. وهو يعتقد انه يقرأ الخطوات الايراني وتكتيك المفاوضات الذي يتبعونه على نحو افضل من معظم الاشخاص الذين يشاركون في المحادثات في جنيف. وهو يعتقد أن سلوك القوى العظمى بالذات من شأنه أن يؤدي الى الحرب.
 
 المحادثة مع اوباما ومحادثات اخرى منذئذ، مع وزير الخارجية كيري، لم تهدىء روعه. بل العكس. وفاجأه السلوك الامريكي في اليومين الاخيرين سلبا. فالزعيم الاعلى لايران، علي خمينئي، وصف رئيس وزراء اسرائيل بـ "الكلب المصاب بالصرع"، واكتفت الادارة الامريكية بقول هزيل بان الاقوال تثير "عدم راحة". نتنياهو، الذي توقع شجبا امريكيا حادا، لم يصدق ما تسمعه اذناه. 
 
 كل هذا يدفع نتنياهو الى الايمان بان الامريكيين، وبعض من القوى العظمى الستة، يريدون التوقيع على الاتفاق بكل ثمن. الانهاء من ذلك والمواصلة الى الامام. في نظره، يشخص الايرانيون هذه الحماسة ولهذا فقد تشددوا من جديد في مواقفهم في جولة المفاوضات الحالية. 
 
ان كابوس نتنياهو هو أن يعطي الاتفاق المتبلور في جنيف ايران قدرة غير مسبوقة على الاختراق الى الامام نحو سلاح نووي، من اللحظة التي يقرر فيها خمينئي عمل ذلك. وحسب سيناريو الرعب هذا، ستتخلى ايران عن تخصيب اليورانيوم الى مستوى متوسط بنسبة 20 في المئة، في هذه الاثناء ستواصل تطوير اجزاء اخرى من البرنامج النووي. 
 
  في حديثه امس مع الرئيس الروسي بوتين حذر نتنياهو من أن الاتفاق المتبلور لا يتعلق على الاطلاق بالجوانب العسكرية للبرنامج النووي الايراني، وبالمنشآت المشبوهة التي لا تسمح لمراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخولها، مثلما في برتشين.
 
 في سيناريو نتنياهو، كما رسمه وزير كبير، ستواصل ايران بعد الاتفاق المرحلي التطوير بلا عراقيل للراس المتفجر لصواريخ شهاب 3 بحيث يتمكن من حمل قدرة نووية، وأجهزة التفجير النووية اللازمة للقنبلة. وعندما يظن الايرانيون بانهم قريبون من انهاء تطوير العناصر اللازمة للسلاح النووي، فانهم سينتظرون اللحظة المناسبة – انتخابات في الولايات المتحدة، أو ازمة دولية دورية تجتذب الانتباه العالمي – لينطلقوا الى الامام. 
 
وعندما سيحصل هذا، فان كل الـ 18 الف جهاز طرد مركزي في منشأتي نتناز وبوردو، بما في ذلك الف جهاز طرد مركزي متطور وسري بشكل خاص – ستبدأ بالدوران بتخصيب خمسة أطنان من اليورانيوم، من مستوى منخفض 3.5 الى مستوى عال بنسبة 50 في المئة، يمكن بها انتاج سلاح نووي. في مثل هذا السيناريو، سيحقق الايرانيون ما يكفي من اليورانيوم المخصب بثلاث  - أربع قنابل ذرية، في غضون 26 يوما. والى أن يستيقظ العالم ويحاول منعها، هكذا يخشى نتنياهو، يكون الايرانيون قد اجتازوا الحافة النووية. 
 
لقد سلم نتنياهو بالاتفاق المرحلي الذي توشك القوى العظمى على التوقيع عليه مع ايران. ووجهته الان نحو التسوية الدائمة التي ستدور حولها مفاوضات في النصف سنة القريبة القادمة. ويخشى نتنياهو من أنه مثلما في حالات عديدة – سيتحول الاتفاق المؤقت مع ايران الى اتفاق دائم.  

عن صحيفة هآرتس
0
التعليقات (0)