حول العالم

عاشوراء .. يوم "ماء زمزم" المقدّس في المغرب

رجل يحتفل في يوم عاشوراء على الطريقة المغربية - الأناضول
رجل يحتفل في يوم عاشوراء على الطريقة المغربية - الأناضول
تتميز الاحتفالات بحلول يوم "عاشوراء" في المغرب بطقوس وعادات خاصة، منها المستوحاة من الموروث الديني وأخرى من وحي الذاكرة التراثية الشعبية، أبدعها المغاربة منذ مئات السنين طبقا للتصور الذي يحمله بعضهم عن هذا اليوم.

وعاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم في التقويم الهجري، واليوم الذي نجّا الله فيه نبيه موسى عليه السلام من فرعون، واليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم،وهو يوافق اليوم الخميس.

وتعكس العادات المليئة بالرمزية التاريخية التي يقيمها المغاربة طوال الأيام التسع التي تسبق حلول يوم عاشوراء، أو ما يطلقون عليه عندهم بـ"يوم زمزم"، التراكم والتأثير الذين مارسته روافد دينية وثقافية مختلفة على عادات المغاربة خلال هذا اليوم.

وحيث يمثل "التراشق بالماء" تيمنا ببركته واستحضارا لقصة انتصار نبي الله موسى على فرعون، إلى جانب الطقوس الاحتفالية المبتهجة وما يرافقها من إيقاد لـ"شعالة" عاشوراء أحد أبرز مظاهر الاحتفال بهذا اليوم الديني في المغرب.

وشعالة عاشوراء، هي عادة يقوم به الشباب المغاربة، بإشعال النار باستخدام الإطارات وأغصان الأشجار.

وفي صباح هذا اليوم يحرص الأهالي على الاستيقاظ المبكر، وفي البوادي والقرى ترش النسوة أنفسهن وأولادهن بالماء البارد وهن يلهجن بالدعاء أملا في استدعاء بركة هذه اليوم، بل ويقوم الفلاحون برش محاصيلهم وماشيتهم أيضا طلبا لموسم زراعي وفير.

وأياما قبل حلول العاشر من شهر محرم تخضب النسوة أيديهن بالحناء ويشترين "فاكهة عاشوراء"، وعي عبارة عن مكسرات محلية وفواكه جافة، توضع في أطباق وقد رتبت بعناية، يتوجب على كل قاطني البيت تذوقها ومن غاب منهم من الأبناء تحفظها له الأم إلى حين عودته، فهي حسب التعبير الشعبي الدارج "حق بابا عاشور".

هذه الاحتفالات والعادات لا تختلف في البوادي عن نظيرتها في المدن، إلا أن يوم عاشوراء أو ما يسميه المغاربة بـ"يوم زمزم "، يستحيل في أحياء المدينة إلى معركة حامية الوطيس للتراشق بالماء،  ينخرط فيها أهل الأحياء خاصة الشعبية منها رجالا ونساء وأطفالا.

ووفقا للمعتقدات الشعبية المغربية فإن الرشق بمياه "زمزم عاشوراء"، وهي مياه عادية إلا أنها تقرن بهذا الاسم "زمزم" ليضفي عليها هذا اللقب قدسية دينية خاصة، يشفي من الكثير من الأمراض، ودأب أهالي هذه الأحياء على إحيائها اقترنت لديهم بحلول عاشوراء.

والحركة الدؤوبة التي تعرفها الأسواق المغربية أياما قبل عاشوراء، تشي أيضا بإرث غني من  العادات المغربية التي تميز هذا البلد عن سواه من بلدان العالم الإسلامي في الاحتفاء بعاشوراء.

فلا مفر للآباء من اقتناء "لعبة عاشوراء" لأطفالهم، أو "طعريجة " عاشوراء (آلة موسيقية شعبية شبيهة بالدف) حيث يشعل شباب الأحياء المغربية في يوم التاسع من محرم النار أو ما يسمونه "الشعالة" بجلب الإطارات المطاطية وأغصان الأشجار، ويتحلقون حولها وقد حملوا "طعارجهم" وانطلقوا في إنشاد أهازيج شعبية من وحي التراث المحلي.

كما تحضر النسوة ليلة عاشوراء طبق "الكسكس" المغربي بالقديد (لحم مملح)، يحتفظ به منذ عيد الأضحى خصيصا لطهيه في مثل هذا اليوم.

الأبعاد الرمزية لاحتفالات يوم عاشوراء ، ورغم أنها مستمد من روافد تاريخية عدة، تحضر فيها المظاهر الدينية الإسلامية بقوة والدلالات التي تقدمها هذه الأخيرة  لأحداث يوم عاشوراء، فيحيه المغاربة بالصوم والدعاء، بل وتستمر هذه المظاهر إلى ما بعد يوم العاشر من محرم.

فيوم الحادي عشر من هذ الشهر، كان يطلق عليه يوم "الهبا والربا"، ينقطع فيه على ما تقول الرواية التاريخية التجار عن البيع والشراء، وظل بعض التجار المغاربة المسلمون أيضا يقلدونهم إلى وقت قريب.

إلّا أن كثيرا من هذا العادات في طريقها للاندثار، إذ لا تظهر إلا في بعض الأحياء الشعبية والبوادي، فيكاد يوم عاشوراء  لدى البعض لا يختلف عن سائره من أيام السنة فلا يقيم فيه احتفالا، بينما يكتفي البعض الآخر بصيامه، بالإضافة إلى صيام يوم قبله أو بعده.
التعليقات (1)
خديجة
الخميس، 27-08-2020 02:06 م
سمي بماء زمزم لأنهم ان ماء زمزم المبارك يوزع على جميع آبار الدينا