حقوق وحريات

منظمة حقوقية تكشف تسلسل القيادة في سجن صيدنايا

النظام أعدم ما لا يقل عن 500 معتقل في "غرف الملح" بين أعوام 2018 - 2021 - خرائط غوغل
النظام أعدم ما لا يقل عن 500 معتقل في "غرف الملح" بين أعوام 2018 - 2021 - خرائط غوغل

كشف تقرير جديد صدر عن "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا"، الضوء عن الهرمية العسكرية وتسلسل القيادة والأوامر وتوزع المسؤوليات داخل سجن صيدنايا العسكري، أحد أكثر الأماكن سرية في سوريا.

وأورد التقرير تفاصيل التسلسل القيادي في السجن لأول مرة، كاشفاً المسؤولين عن ارتكاب عمليات التعذيب والقتل الواسعة والممنهجة للمعتقلين في صيدنايا والتي ترقى إلى جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية.

وتضمن التقرير وصفا لمخطط السجن ودفاعاته وهيكله الإداري بالتفصيل وعلاقته مع باقي أجهزة ومؤسسات “الدولة”، ويوضح كيف تم تحصينه عمداً لصد الهجمات الخارجية المحتملة وقمع المعتقلين داخله.

وقدرت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، أن أكثر من 30 ألف معتقل إما أُعدموا، أو قضوا نتيجة التعذيب، أو نقص الرعاية الطبية أو الجوع بين عامي 2011 و2018 في سجن صيدنايا.

وسلط التقرير الضوء على كيفية إنشاء "غرف الملح"، التي كانت بمثابة مكان لحفظ جثث الضحايا ريثما يتم نقلها إلى مشفى تشرين العسكري، مرجحا أن النظام قد أعدم ما لا يقل عن 500 معتقل إضافي بين عامي 2018 و2021، وفقًا لشهادات ناجين وثقتهم الرابطة.

وقال دياب سرية المؤسس المشارك في الرابطة والمعتقل السابق في سجن صيدنايا، إن النظام السوري أراد أن يكون هذا المكان ثقبًا أسود يبتلع كل من يقترب إليه ولا معلومات تخرج منه مع إفلات تام من العقاب وعدم وجود عدالة تلوح في الأفق.

وأوضح لـ"عربي21" أن هدف التقرير هو توثيق أن سجن صيدنايا معسكر موت فيه تسلسل واضح للقيادة والأوامر والأعمال الداخلية.

وأضاف: "على مدى سنوات، وقعت جرائم مروّعة، بما في ذلك الاختفاء القسري والتعذيب المنهجي والقتل داخل هذا السجن الذي أصبح رمزًا لواحدة من أكثر الفترات الدموية في تاريخ البلاد، نأمل أن تقدم المعلومات في هذا التقرير صورة أوضح عن القادة والمسؤولين عن إصدار الأوامر لهذه الجرائم وكذلك توضيح علاقة السجن بباقي أجهزة ومؤسسات الدولة".

 

اقرأ أيضا: معتقلون سابقون يروون رعب "غرف الملح" في سجن صيدنايا

واستعرض التقرير كيفية حماية السجن على ثلاثة مستويات أمنية مع مئات الحراس المتمركزين في مواقع مختلفة عبر السجن، موضحا أن الجدران الخارجية للسجن يحميها موظفو سجن الشرطة العسكرية المعروفون باسم الشركة الخارجية والفرقة الثالثة للجيش السوري، الذين يمثلون خط الدفاع الأول للحماية من التهديدات الخارجية ومنع الهرب من السجون.

وبحسب التقرير، يقوم حوالي 40-50 فردًا من اللواء 21 التابع للفرقة الثالثة بتأمين محيط السجن بين الجدران الداخلية والخارجية، وتتولى وحدات منفصلة مسؤولية تأمين الجزء الداخلي من السجن وكذلك مراقبة وتأديب المحتجزين.

ونبه إلى أن سجن صيدنايا محاط بحقلي ألغام، أحدهما داخلي يتكون من ألغام مضادة للأفراد والآخر حقل خارجي يتكون من ألغام مضادة للدبابات. حتى أن هناك وحدة مهمتها تحديدًا مراقبة جميع الاتصالات الأرضية واللاسلكية الواردة والصادرة إلى السجن والمنطقة المحيطة به، بالإضافة إلى جميع الاتصالات اللاسلكية القريبة.

ويقع السجن على قمة تلة في منطقة جبلية شمال دمشق. تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 1.4 كيلومتر مربع – أي ما يعادل 184 ملعبًا لكرة القدم – وهي مساحة أكبر بثماني مرات من المساحة الإجمالية لجميع ملاعب كرة القدم ذات الحجم القياسي الدولي في سوريا.

وقال شادي هارون مدير برامج، في الرابطة وأحد الناجين من سجن صيدنايا، إن "السجن هو معسكر للموت شهد على جرائم بشعة ضد الإنسانية بما في ذلك القتل الجماعي للمعتقلين والتعذيب وغيره من المعاملات القاسية واللاإنسانية".

وأضاف لـ"عربي21": "بالنسبة للمعتقلين، كان كل يوم في حياتهم يوم معاناة وعذاب – من التعذيب على أيدي الحراس الساديين إلى التجويع، وتجريدهم من ملابسهم، والحرمان من الرعاية الصحية. كانوا يتوقعون الموت في أي لحظة".

وتابع: "هذا التقرير لا يحفظ فقط ذكرى معاناتهم، ولكن يمكن أن يلعب أيضًا دورًا في ضمان المساءلة عن هذه الجرائم".

وأكد أن جميع الروايات عن سجن صيدنايا استندت إلى شهادات معتقلين سابقين محظوظين بما يكفي للنجاة من هناك، لافتا إلى أنه يستند إلى 31 مقابلة، معظمها مع موظفين سابقين في الجيش والأجهزة الأمنية بالإضافة إلى ستة عاملين سابقين ممن شغلوا مناصب بارزة في سجن صيدنايا.

ويسلط التقرير الضوء على الهيكل التنظيمي للسجن وعلاقته بالأجهزة الأمنية والمحاكم ووزارة الدفاع ومؤسسات الدولة الأخرى ويوضح دور السلطات التي ترتكب جرائم بحق المعتقلين وصلاتها بالفرع 227 والفرع 293 بالإضافة إلى غطاء الشرعية القانونية الذي تمنحه محكمة الميدان العسكري ومحكمة الإرهاب لهذه الإجراءات.

وأظهر التقرير الدور الذي يلعبه مستشفى تشرين العسكري في التخلص من جثث المعتقلين عقب إعداماتهم. حيث تنقل جثث الأشخاص الذين تم إعدامهم في "شاحنات حفظ اللحوم" المبردة لدفنها في مقابر جماعية. أما جثث المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب حتى الموت أو توفوا بسبب المرض أو الجوع في زنزانات السجن فيتم تجميعها والاحتفاظ بها لمدة تصل إلى 48 ساعة في "غرف الملح". ثم يتم نقلها إلى مستشفى تشرين العسكري لفحصها وإصدار شهادة وفاة وإرسال الجثث للدفن في المقابر الجماعية في نجها والقطيفة وغيرها من الأماكن. لم تتسلم العائلات جثث أحبائهم.

وغالباً ما تصدر أحكام الإعدام على المعتقلين عن محاكم عسكرية ميدانية بعد محاكمات موجزة في كثير من الأحيان، تستغرق دقائق معدودة، إذ يعتبر ذلك انتهاكا للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة ولا يمكن اعتبارها إجراءات قضائية مشروعة.

 

 

1
التعليقات (1)
Jordan the hope
الإثنين، 03-10-2022 10:05 م
هل صحيح لا يستطيع المجتمع الدولي أن يمنع هذه الفظائع والجرائم. يستطيع لكن سادي مثل جلادي ومجرمي سجن صيدنايا