صحافة دولية

بلومبيرغ: هل يكون قلبك الجديد صناعة صينية؟

الشركات الصينية تسعى جاهدة لتطوير أعضاء بديلة للأعضاء البشرية
الشركات الصينية تسعى جاهدة لتطوير أعضاء بديلة للأعضاء البشرية
نشر موقع "بلومبيرغ" الأمريكي مقال رأي للكاتب آدم مينتر، تحدث فيه عن البحوث الصينية المثيرة للجدل في مجال صناعة الأعضاء.

وقال الكاتب في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن الشركات الصينية تسعى جاهدة لتطوير أعضاء بديلة للأعضاء البشرية. ولكن، ما يجعل هذه الأبحاث المتطورة محل تساؤل هو اعتمادها على الحيوانات مثل الخنازير والقردة.

في الواقع، إن استخدام الأنسجة الحيوانية لاستبدال الأنسجة البشرية التالفة أو المريضة ليست تقنية حديثة، إنما تعود جذورها إلى القرن السادس عشر، واكتسبت هذه الجهود العلمية زخما في القرن التاسع عشر. في المقابل، وضعت مقاومة جسم الإنسان للأجسام الغريبة حدا لهذه البحوث التي نجحت في ظل تنامي الأدوية المقاومة للمناعة. ومنذ ذلك الحين، أصبح نقل الأعضاء بين الكائنات الحية فرعا من فروع الطب المعترف به. فعلى سبيل المثال، تُستخدم صمامات قلب الخنزير عادة لتحل محل صمامات القلب البشري المريض.

وأضاف الكاتب أن زراعة عضو حيواني كامل يقوم بكامل وظائفه يشكّل تحديا هائلا، لا سيما أنه من الضروري كبح استجابة النظام المناعي للجسم البشري أو خداعه. والجدير بالذكر أن العلماء الصينيين أضحوا رائدين في مجال تعديل المحتوى الوراثي للخنازير للقيام بذلك، حيث يطمحون إلى إنتاج أعضاء يمكنها مساعدة الأشخاص الذين يعانون من العديد من الأمراض، على غرار أمراض القلب.

وبيّن الكاتب أن الصين تُعتبر من أكثر البلدان التي تولي اهتماما كبيرا لهذا المجال مقارنة بأي بلد آخر في العالم. ويُذكر أن الطلب على زراعة الأعضاء في الصين ارتفع بنسق سريع بسبب زيادة عدد سكانها المتقدمين في السن، وارتفاع مستويات الدخل التي تسمح في الوقت الراهن للمرضى بالتعامل مع الأمراض المزمنة. في المقابل، يوجد نقص كبير في عدد المتبرعين بالأعضاء. ووفقا لأحدث التقديرات، هناك حوالي 300 ألف مريض صيني ينتظرون عمليات زرع كل سنة، في حين أنه لا يوجد سوى 10 آلاف متبرع.

وما زاد الأمر سوءا هو تشديد الصين الخناق على اللوائح المتعلقة باستخدام أعضاء السجناء، الذين أُعدموا، في عمليات زرع الأعضاء. من جهتها، حاولت السلطات زيادة عدد عمليات التبرع التطوعية من خلال تنظيم حملات توعية عامة وتطوير سجل للمانحين. لكن، مثلت التحيزات الثقافية والدينية ضد الفصل بين الجسد بعد الموت، فضلا عن شبهات الفساد والمحسوبية في توزيع الأعضاء، عقبة رئيسية كان لا بدّ من التعامل معها بحزم.

وأفاد الكاتب بأن التكنولوجيا قد توفر حلا لهذه المشكلة ومخرجا من هذا المأزق. وفي أوائل القرن الحادي والعشرين، طور العلماء في الولايات المتحدة تقنية التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة منتظمة التباعد، أو كما تُعرف باسم كريسبر، وهي تقنية ثورية لتعديل الجينات، حيث أتاحت للعلماء إجراء تغييرات محددة في الحمض النووي للبشر والحيوانات والنباتات بسهولة نسبية.

وعلى الرغم من أن الصين كانت متخلفة عن ركب الأبحاث العلمية في هذا المجال، بيد أن العلماء والمسؤولين الصينيين أدركوا أهمية هذه التقنية الجديدة التي من شأنها أن تخلق فرصا متكافئة مع الدول البحثية الرائدة الأخرى، ولم لا التفوق عليها أيضا. لذلك، سخّرت الحكومة الصينية أموالا طائلة وعلماء موهوبين لتطوير تقنية كريسبر، حيث تمكّنت في نهاية المطاف من تصدر المراتب الأولى في هذا المجال بولادة أطفال معدّلين جينيا.

والجدير بالذكر أن تفوّق الصين في هذا المجال يُعزى لاعتمادها الكبير على الأبحاث التي تقوم بها على الحيوانات، على غرار الفئران والخنازير والرئيسيات، نظرا لكون الصين تفرض قيود تنظيمية أقل صرامة على اختبارات الحيوانات، لا سيما الأبحاث على الرئيسيات، مقارنة بمنافستها الولايات المتحدة. وعلى نحو مماثل، لا يخضع العلماء الصينيون لرقابة كبيرة، نظرا لأن الصين لم تتبن حقوق الحيوان بشكل واسع، وهو ما يسمح لها بإجراء اختبارات وأبحاث على مئات القرود.

ونوّه الكاتب بأنه من غير المحتمل أن تتقلّص هذه الفوارق والتباين بين البلدين على المدى القصير. وعلى الرغم من التجارب القاسية التي قامت بها الصين مؤخرا، بما في ذلك استنساخ قرود تعاني من أمراض عقلية، بيد أن الحكومة الصينية ومجتمعاتها العلمية تدعم فكرة القيام بإجراء تجارب على الحيوانات لتحسين رفاه الإنسان.

وأشار الكاتب إلى أن الشركات الصينية تستفيد من التدابير غير المتشددة في هذا المجال، ما جعلها تنجح في تطوير الأبحاث العلمية، والتوصل إلى أساليب للحد من العقبات الرئيسية التي تواجه عملية زرع الأعضاء، من ذلك التخلص من آثار الفيروسات القديمة الموجودة في جينات الخنازير، التي يمكن أن تصيب، من الناحية النظرية، إنسانا حصل على عضو من خنزير خلال عملية الزرع.    

وفي الختام، ذكر الكاتب أن الأبحاث ما تزال متواصلة لتجاوز العقبات حول مقاومة الجهاز المناعي للإنسان والشروع في القيام بتجارب سريرية على البشر، وهذا يعني أن عمليات زرع الأعضاء من هذا النوع ما زالت غير مرجحة للاستخدام البشري في المستقبل القريب. ولكن، ما لا شك فيه أن المختبرات الصينية لن تتخلف عن ركب هذه الاكتشافات المتطورة.
0
التعليقات (0)