سياسة عربية

بين سوتشي وجنيف.. سوريا ضحية الوضع الإنساني الحرج

يعاني قرابة 10.5 مليون سوري من سوء التغذية بسبب صعوبة التزود بالمواد الغذائية - عربي21
يعاني قرابة 10.5 مليون سوري من سوء التغذية بسبب صعوبة التزود بالمواد الغذائية - عربي21
نشرت صحيفة "لوتون" السويسرية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الوضع الكارثي الذي يعيشه السوريون، في الوقت الذي تتأهب فيه بلادهم للوصول إلى حل سياسي ترعاه روسيا، خاصة بعد العودة المرتقبة للأطراف المتدخلة في النزاع إلى محادثات جنيف، يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن بوتين كثف من اتصالاته من أجل المفاوضات التي ستستأنف في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر في جنيف، بهدف إيجاد حل للنزاع السوري. ويوم الاثنين، هنأ سيد الكرملين ضيفه رئيس النظام السوري بشار الأسد على النجاحات العسكرية التي حققها، معتبرا أن أكثر من 98 في المائة من الأراضي السورية خاضعة اليوم لسيطرة الحكومة.
 
وتحدثت الصحيفة عن الاجتماع المرتقب في سوتشي، المدينة الروسية الواقعة على ضفاف البحر الأسود، الذي سيحضره الرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اللذان يعتبران من أبرز الفاعلين في سوريا. ويهدف هذا الاجتماع بالأساس لكسر الجمود بين الأطراف المتدخلة في هذا النزاع.
 
وبينت الصحيفة أن "بوتين يعتقد أنه قد حان الوقت لزحزحة العملية السياسية، علما بأنه قد أجريت سبع جولات من المحادثات حول سوريا في جنيف منذ أوائل سنة 2016 ولكنها لم تحرز أي تقدم. ولئن ساهمت مناطق خفض التوتر التي وضعت في أستانا في التقليل من حدة الصراع، إلا أن الوضع من الناحية الإنسانية لا يزال حرجا".
 
وذكرت الصحيفة أن تقريرا صادرا عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، الذي عرض يوم الثلاثاء الماضي في قصر الأمم، كشف عن حقيقة الوضع الإنساني في سوريا. وبين التقرير أن الصراع السوري، مع دخوله عامه الرابع، قد خلف أكثر من 13.1 مليون سوري بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، من بينهم 5.6 مليون شخص بأشد الحاجة للمساعدة العاجلة بسبب قلة الخدمات المتوفرة والغذاء، أو لعدم قدرتهم على الحصول عليه.
 
كما أفادت الصحيفة بأن 8.2 مليون شخص هم عرضة للمتفجرات التي خلفتها الحرب، خاصة وأن ثلث تلك المتفجرات ما زال مبعثرا على الأراضي الزراعية السورية. ويعتبر تواصل الأعمال القتالية من العوامل الرئيسية التي تفسر تفاقم هذه الأزمة، خاصة في ظل صعوبة وصول المساعدات الإنسانية.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن "الأرقام التي قدمها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أكدت أن الأزمة السورية هي الأسوأ في العالم من حيث عدد النازحين. فخلال الفترة الفاصلة بين شهر كانون الثاني/ يناير وأيلول/ سبتمبر من سنة 2017، نزح قرابة 1.8 مليون سوري، ما يعني نزوح قرابة 6550 شخص يوميا".
 
كما كشف التقرير الأممي أن أكثر من 5.5 مليون سوري قد غادروا البلاد، حيث لجأ غالبيتهم إلى الدول المجاورة، بينما عاد إلى سوريا نحو 721 ألف لاجئ فقط. وإجمالا، انخفض عدد النازحين بعد أن كان يقدر بنحو 6.3 مليون سوري ليصل اليوم إلى 6.1 مليون.
 
وتحدثت الصحيفة عن أزمة التغذية في سوريا، حيث يعاني قرابة 10.5 مليون سوري من سوء التغذية بسبب صعوبة التزود بالمواد الغذائية، فيما يواجه أربعة ملايين منهم وضعا حرجا. كما أن أكثر من نصف سكان سوريا بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة.
 
وأوردت الصحيفة أن إنتاج القمح قد شهد تراجعا، إذ لم يعد يتجاوز الإنتاج السنوي 1.8 مليون طن، مقارنة بسنة 2011، حيث كان يعادل قرابة 4.1 مليون طن. كما أكدت الصحيفة أن 19 ألف طفل، أعمارهم دون سن الخامسة، يعانون من مشاكل حادة تتعلق بسوء التغذية.
 
وذكرت الصحيفة الأضرار التي لحقت قطاع الصحة في ظل الصراع السوري. ففي الوقت الراهن، تعمل أقل من نصف مراكز الصحة في سوريا بشكل دائم، وقد تسبب هذا العجز في تقديم الخدمة الصحية المناسبة في خسائر بشرية فادحة، جراء حالات كان من الممكن علاجها. وقد ذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن 142 هجوما قد استهدف المرافق الصحية وموظفيها بسبب الحرب الأهلية.
 
أما في مجال التعليم، لم يتمكن حوالي ثلث الأطفال في سن الدراسة من الالتحاق بالمدارس، بينما يوشك قرابة 1.3 مليون منهم على الانقطاع عن الدراسة. وعلى الصعيد الاقتصادي، تسبب الصراع السوري في وقوع خسائر تراكمية بلغت قيمتها 254 مليار دولار، أي أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لسوريا في سنة 2010. كما ارتفع متوسط أسعار المواد الغذائية بنسبة 800 بالمائة مقارنة بالأسعار قبل اندلاع الحرب.
 
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه في حال فشلت الأطراف المتنازعة في التوصل إلى حل سياسي حيال الملف السوري خلال محادثات جنيف، فإن الوضع الإنساني سيبقى حرجا حتى سنة 2018، وذلك وفقا لما أفاد به مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة. وبناء على ذلك، يتوقع المكتب أن يكون التشرد مصير قرابة مليون ونصف مليون سوري في الأيام القادمة، بينما سيظل عدد العائدين محدودا جدا.

التعليقات (0)