صحافة دولية

فايننشال تايمز: ما خيارات السعودية للخروج من مأزقها بلبنان؟

فايننشال تايمز: ليست لدى السعودية خيارات كثيرة في لبنان- أ ف ب
فايننشال تايمز: ليست لدى السعودية خيارات كثيرة في لبنان- أ ف ب

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها إريكا سولومون، تقول فيه إن السعودية تواجه مصاعب في كيفية مواجهة إيران في لبنان

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه في الوقت الذي اتهمت فيه الرياض لبنان بإعلان الحرب عليها، وربما احتجزت رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ضد إرادته، فإن المملكة لا تجد وسط التصريحات النارية، إلا نفوذا قليلا للتعامل مع الحزب الذي تدعمه إيران، ويسيطر على الحياة السياسية والعسكرية اللبنانية، ويعد من أقوى المليشيات في المنطقة.

 

وتلفت الكاتبة إلى أن السعودية كان لها يوما تأثير سياسي واسع في لبنان، ومن الاستثمارات الكبيرة في مجال العقارات، ودعمها لكتلة المستقبل، التي يقودها رئيس الوزراء سعد الحريري، الذي أدهش اللبنانيين بإعلان استقالته في الرياض بدلا من بيروت، مستدركة بأن هذا التأثير تراجع بعدما ركزت الحكومة السعودية على ملفات أخرى في المنطقة، وتراجعت معه القوة الاقتصادية في بيروت.

 

وتقول الصحيفة إن "الضغط الذي تتعرض له السعودية من المجتمع الدولي هو بسبب اليد القوية التي تمارسها في لبنان، وستجد بالضرورة صعوبة في الضغط على الحكومة اللبنانية للحد من تأثير حزب الله".

 

ويذهب التقرير إلى أن "السعودية ربما تجد نفسها مجبرة على التراجع عن تهديداتها، أو اتخاذ إجراءات اقتصادية متشددة ضده، تماما كما فعلت مع الجارة قطر، التي تتهمها بالتقارب مع إيران، ودعم الإسلام السياسي، حيث قامت مع تحالف رباعي بفرض حصار جوي وبحري على الدوحة، ومنعت خطوط الطيران والتجارة؛ في محاولة لخنق الجارة الخليجية ودفعها للاستسلام.

 

وتنقل سولومون عن الاقتصادي البارز في "بانك أودي" مروان بركات، قوله: "آمل أن تحصل تسوية بين الأطراف السياسية المختلفة، حتى لا تفعل للبنان ما فعلته مع قطر من ناحية المقاطعة الاقتصادية". 

 

وتعلق الصحيفة قائلة إن "أساليب قاسية كهذه من الصعب فرضها، حيث ترفض الحكومات الغربية السياسات التي تتخذها الرياض، ولا تريد الحكومات الغربية أن ترى فوضى في المنطقة التي مزقتها الحرب، وتخشى من تشدد أكثر ولاجئين". 

 

وينوه التقرير إلى أن الحكومة الفرنسية أعلنت يوم الأربعاء أنها قدمت دعوة للحريري لزيارة باريس وعائلته، في محاولة لتخفيف التوتر، وتسهيل عودته النهائية لبيروت.

 

وتنقل الكاتبة عن دبلوماسي غربي، قوله: "كنا واضحين في القول إن زعزعة استقرار لبنان أكثر ليس من مصلحة الجميع"، وأضاف: "أعتقد أن السعوديين اكتشفوا عدم قدرتهم على الضغط أكثر، وإلا أضروا بأنفسهم". 

 

وتذكر الصحيفة أن غالبية اللبنانيين تعتقد أن استقالة الحريري لم تكن طوعية، وجاءت بعد إطلاق صاروخ باليستي من اليمن، الذي تخوض فيه السعودية حربا منذ ثلاث سنوات تقريبا، حيث نظر للصاروخ على أنه رسالة من إيران، مع أن الأخيرة نفت ذلك.

 

ويفيد التقرير بأن "لبنان حضر نفسه لأن يكون مرة أخرى ساحة للمواجهة بين السعوديين والإيرانيين، إلا أنه بوجود الضغوط الأجنبية والحنق المحلي، فإن السعودية قد تجد صعوبة في دفع السنة لمواجهة جديدة مع حزب الله، وربما لم يكن السنة راغبين أصلا بها".

 

وتورد سولومون نقلا عن النائب عن كتلة المستقبل عقاب صقر، قوله: "لا رغبة لدينا لمواجهة مسلحة مع حزب الله.. ولا أعتقد أن أحدا يريد مواجهة لبنانية لبنانية، ويجب أن يصبح (حزب الله) حزبا سياسيا لبنانيا، وإلا واجهنا عقوبات اقتصادية". 

 

وتعلق الصحيفة قائلة إن هذه الإجراءات قد تكون مدمرة للبنان، ففي حين استطاعت قطر، التي تعد من أكبر مصدري الغاز المسال في العالم، تجاوز الأزمة، فإن فرض حصار اقتصادي على لبنان سيكون مدمرا، حيث يعتمد اقتصادها على تحويلات اللبنانيين في الخارج، خاصة من دول الخليج الغنية، وتساعد هذه التحويلات على تقوية العملة الأجنبية. 

 

ويفيد التقرير بأن السعودية ودول الخليج كانت قبل الحرب في الجارة سوريا، التي تركت أثرها على الاقتصاد اللبناني، عصب السياحة، وربما ساعد هذا على فرض ضغوط قليلة، خاصة أن السعوديين استثمروا في العقارات في لبنان. 

 

وتنقل الكاتبة عن مدير البحث في مصرف "بيبلوس" نسيب غبريل، قوله: "يتصل بي الناس من كل أصنافهم، ويسألون: ماذا لو توقفت الاستثمارات؟ وأقول لهم على أي حال فإن استثماراتنا الأجنبية المباشرة لا شيء، ماذا هناك ليتوقف؟" وأضاف أنه في الفترة ما بين 2008- 2009 كانت نسبة الاستثمار الخارجي تمثل 15% من النشاط الاقتصادي، ومعظمه من الخليج، وبحلول عام 2016 انخفضت النسبة إلى 5% من الدخل القومي، أي 53 مليار دولار، وهي الآن "125 مليون دولار، لا شيء". 

 

وتبين الصحيفة أن هذا الأمر يترك التحويلات المالية التي يأتي ثلثاها من العاملين اللبنانيين في دول الخليج، وهي ضرورية لتمويل خدمات الاقتراض الحكومية، ما سيترك الأثر المدمر على لبنان، وليس على حزب الله الذي يعمل خارج النظام المصرفي اللبناني، وتموله إيران. 

 

ويورد التقرير نقلا عن إميل هوكاييم من معهد الدراسات الاستراتيجية، فوله إن السعودية لن تستطيع الحصول على تنازلات من حزب الله، و"ربما اتفاق تكتيكي من الحزب ليخفف من لهجته الخطابية". 

 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول هوكايين: "لو أراد السعوديون التسبب بأضرار اقتصادية للبنان، فهم يستطيعون، لكنني لا أعرف كيف سيخدم هذا الأمر هدفهم".

التعليقات (0)