مقالات مختارة

دموع الرئيس وحدها لا تكفي!

محمود سلطان
1300x600
1300x600

أعرف مُقدما، أن أي انتقادات لمؤتمر الشباب بشرم الشيخ، سيثير غضب مؤيدي الرئيس، وكذلك حاضنته الإدارية والأمنية، وهي ظاهرة باتت سياسة رسمية عامة، فلم يعد مُباحا إلا أن تتحدث عن "الإنجازات" وحسب!

المفزع أن تلك السياسة بدأت تتوسع على نحو شديد العبثية؛ فلم يعد مطلوبا عرض "الإنجازات".. وإنما إمّا أن تسكت عن "الفشل" و"الإخفاقات"، وإمّا أن تحيلها إلى "إنجازات" هي أيضا!! في واحدة من أكثر غرائب إدارة المشهد الحالي في مصر!

لن يمنعوك من النقد، أو الحديث عن الفشل، ولكن عليك أن تكون مستعدا لسداد الفاتورة.

لقد رأيت زملاء صحفيين وباحثين كانوا محل تقدير واحترام، وتحولوا إلى محض "أنفار" في الكتائب الإلكترونية، يصنعون من "فسيخ" الفشل "شربات" يوزعونه "دليفري" على الناس، مقابل وجبات "تدليع" رسمي، يُترجم إلى وجاهة اجتماعية، والتقلب في دفء السلطة، والبقية معروفة للجميع.. مع أداء فريضة الحج إلى عاصمة المال والأعمال "دبي"، أكثر من مرة في الشهر الواحد، دون معرفة السبب، حتى باتت مدعاة للتباهي والفخر، وادّعاء "الأهمية" يلونون بها صفحاتهم على "السوشيال ميديا"!

هؤلاء الزملاء، شاهدتهم "كامل العدد" في مؤتمر شرم الشيخ للشباب، ومن قبله في كل المناسبات من سفريات مع الرئيس، أو في غيرها من مناسبات لا يكاد صُنّاع القرار يلتقطون أنفاسهم، بين كل واحدة وأخرى، فيما هي في فحواها الحقيقي "ملهاش لازمة" إلا "أخذ اللقطة"!

تتّبعت ما كتبه هؤلاء عن مؤتمر شرم الشيخ، على صفحات الـ"فيسبوك"، وكأنهم يقرأون من ورقة واحدة وُزعت عليهم: إبداع عالمي غير مسبوق!!.. فيما لا نعرف ما الإبداع الذي به.. وما هي دلائل عالميته، إلا إذا كان دعوة 3500 شاب غير مصري، وعلى حساب فقراء المصريين يعدّ في عرف هؤلاء "حدثا عالميا"!

الضجة بشأن هذا المؤتمر، لم نشعر بها إلا في مصر، وتحديدا في الفضائيات المصرية التي لم يعد يراها أحد.. وفي الصحف القومية والخاصة التي لم يعد يشتريها أحد.. العالم كله لم يلتفت إليه، ولم يشغل باله به.. بل إنه عشية إطلاق الألعاب النارية في سماء شرم الشيخ، إعلانا ببدء فعاليات المؤتمر، كانت 5 دول عالمية كبيرة، تصدر بيانا تدين فيه، انتهاكات حقوق الإنسان في مصر!!

لستُ ضد عقد مؤتمرات ذات فحوى إنساني.. ولكن كيف سيصدق العالم إنسانية مؤتمر شرم الشيخ.. فيما يُعامل شباب مصر التي نظمت المؤتمر وأنفقت عليه كل هذه الملايين، بلا إنسانية؟ من بطالة وفقر وموت في البحار؛ هربا من السحق تحت عجلات الغلاء الفاحش.. وحرمانه من حقوقه الطبيعية كإنسان، من تعليم وصحة وحماية من إهدار كرامته في الشارع وفي مقار الأمن؟!

ما هو السند الذي يعطي لهذا المؤتمر "شرعيته الإنسانية".. هل ستكفي دموع الرئيس عبد الفتاح السيسي وحدها، في إقناع العالم، الذي يرانا ويعلم سرنا ونجوانا.. أن الإرهاب وحده، هو الذي يعتدي على إنسانيتنا؟!

فكرة المؤتمر بالتأكيد "حلوة".. لكنها ستكون أحلى، وسيحترمها العالم.. عندما يسترد المصريون إنسانيتهم.. ففاقد الشيء لا يعطيه!

المصريون المصرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل