سياسة عربية

تعرف على تفاصيل أكبر قضية فساد بتاريخ قطاع البترول المصري

المتهم هو نجل محفوظ الأنصاري الرئيس السابق لمجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط ورئيس تحرير جريدة الجمھورية - أرشيفية
المتهم هو نجل محفوظ الأنصاري الرئيس السابق لمجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط ورئيس تحرير جريدة الجمھورية - أرشيفية

فتح الاتهام المباشر للمتهم الرئيسي لأكبر واقعة فساد بقطاع البترول المصري في التاريخ، محمد محفوظ الأنصاري، بارتكابه اختلاسات تقترب من مليار دولار أمريكي عبر التلاعب بحسابات الشركة، باب التساؤل واسعا عن ملفات الفساد الكبرى ومدى قدرة الدولة على احتوائها ومحاسبة المسؤولين عنها.

 

الأنصاري الذي كان نائب رئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لشركة تراي أوشن للطاقة، نقل موقع "هاف بوست" عن مصادر لم يسمها، أن ثمة "أموالاً" حصل عليها عبر نشاط الشركة بشكل غير مباشر، وأن الأزمة ظهرت للعلن عندما رفض الأخير اقتسام المال مع شركائه.

 

وتتحدث القضية عن اختلاسات بمليار دولار تمت لـ3 سنوات متواصلة ولم تُكتشف سوى في عامها الثالث.

 

وسارعت مصادر قطاع البترول بتأكيد أن "الاختلاس الذي حدث لا علاقة له بوزارة البترول أو أي من قطاعاتها، وأن هناك قلقاً لدى قيادات القطاع من تأثير هذه القضية على القطاع وسمعته".

 

اقرأ أيضا: تضاعف فاتورة الفساد بعام السيسي إلى 80 مليار دولار

ومحمد محفوظ محمد الأنصاري، هو نجل محفوظ محمد عوض الأنصاري الرئيس السابق لمجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط (منذ 1998 إلى 2005) ورئيس تحرير جريدة الجمھورية (منذ 1984 إلى 1998).

ويشغل الأنصاري الابن منصب عضو مجلس إدارة شركة ناقلات البترول "ETC"، وهو خريج كلية إدارة الأعمال بجامعة ھارفارد وجامعة ماساتشوستس، وسبق له العمل بمجموعة شركات شل، وهو يحمل الجنسية الهولندية إلى جانب الجنسية المصرية.


 

كما يرى مقربون من الأنصاري أن تبنّي صحف قريبة من النظام وليس معروفاً عنها شن حملات جادة ضد الفساد الحقيقي، رواية واحدة هي رواية خصوم الأنصاري، يلقي مزيداً من الشك حول الأسباب الحقيقية للنزاع، لا سيما أن تلك الصحف تورطت في الترويج لقرار "تقليدي" من النائب العام بالتحفظ على أموال المتهم، بحسبانه دليلاً على إدانة الأنصاري.

يشير حساب شركة "تراي أوشن" على موقع "لينكد إن" إلى أنها تأسست عام 2006، وتعود ملكيتها لعدد قليل من الأشخاص، وتعمل في مجال التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجها وتسويقها، بينما يوضح بروفايل الشركة على موقع "زاوية" أنها توظف نحو 60 شخصاً.

وبحسب بيانات صادرة عن الشركة، فإن "تراي أوشن" هي إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة المصرية الكويتية التي تمتلك عائلة الخرافي الكويتية الجزء الأكبر منها، كما يمتلك بنك "سي آي بي-CIB" حصة فيها، واستحوذت في 2014 على حقلين للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط شمال سيناء؛ هما "كاموس"، و"تاو" اللذان يحتويان على احتياطيات تزيد على 200 مليار قدم مكعب.

في عام 2013، أصدر الاتحاد الأوروبي قراراً بوضع شركة "تراي أوشن تريد" تحت الحظر، وتجميد كل ما يتعلق بالشركة من أعمال وأموال، بعد اتهامها بخرق العقوبات المفروضة على نظام بشار الأسد عبر إمداد سوريا بشحنات من النفط.

ونشرت رويترز في كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، تحقيقاً قالت فيه إن وثائق كشفت تلقي نظام الأسد واردات كبيرة من النفط العراقي من ميناء سيدي كرير المصري في أول 9 أشهر من 2013 ضمن تجارة سرية، وقالت إن تلك التجارة التي تنكرها الشركات المعنيّة "تدرُّ أرباحاً طائلة؛ إذ تطلب الشركات مبالغ كبيرة فوق التكلفة المعتادة للنفط مقابل تحمُّل مخاطرة شحنه إلى سوريا".

وأضافت أن الوثائق كشفت أن شركة تراي أوشن للطاقة كانت ضمن من تولّوا تحميل شحنات نفط إلى سوريا، ونقلت عن مصدر حكومي في إحدى دول الاتحاد الأوروبي قوله إن الولايات المتحدة تتحرى أمر "تراي أوشن".

 

لكن "تراي أوشن" نفت في بيان للصحافة أصدرته في الشهر ذاته، تورُّطها في إرسال أي شحنات إلى سوريا، وقالت إنه لم يحدث بتاتاً أن قامت الشركة بتوريد خام نفط إلى سوريا، وأنها لا ولم تتعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع أي من الشركات الإيرانية أو السورية.

فيما تحدثت تقارير إعلامية عن "وسيط تركي" كان يشتري الشحنات من "أوشن" ثم يعيد بيعها مرة أخرى إلى سوريا، مع شكوك حول دور الأنصاري في تنسيق تلك الصفقات، "محمد الأنصاري أصبح محل شك لدى الملاك باعتبار أنه سهّل وصول الشحنات إلى المستورد التركي، ورتّب معه وصول الشحنات إلى سوريا، مع وضع اسم تركيا كمستورد".

في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تحدثت تقارير إعلامية لأول مرة عن "أكبر قضية فساد بقطاع البترول المصري في التاريخ".

بدأت الحكاية ببلاغ للنيابة من "تراي أوشن" يفيد باكتشافها اختلاس 962 مليون دولار من حساباتها خلال الفترة من 2014 إلى 2016، متهمةً الأنصاري ومحمد فرحات المدير المالي السابق للشركة بالوقوف وراء الاختلاس.

طاهر الخولي المحاسب المالي والمستشار القانوني للشركة، قدم مستندات ادعى أنها تكشف التحويلات المالية التي أجراها المتهمان لحسابات في الخارج، وتضمنت كشفاً بأسماء شركات وهمية بالخارج تعمل في مجال البترول، أنشأها المتهمان لإجراء توريدات ونقل مواد بترولية.

وأضافت التقارير أن نيابة الأموال العامة العليا أجرت تحقيقاً استدعت خلاله الخولي واستمعت لأقواله، ثم أمرت بتشكيل لجنة ثلاثية من البنك المركزي، وهيئة الرقابة المالية، لفحص أوراق الدعوى وفحص المعاملات المالية كافة للمتهمين فترة عملهما بالشركة، وأمرت بمنعهما مؤقتاً من السفر والتحفظ على أموالهما ومنعهما هما وزوجتيهما وأولادهما القصّر من التصرف فيها. ثم أيدت محكمة جنايات القاهرة قرار النائب العام.

 

اقرأ أيضا:  7 دلالات حول تورط قائد عسكري مصري كبير بالفساد

وفي 18 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قالت الشركة القابضة المصرية الكويتية في بيان للبورصة المصرية، إنها "فقدت السيطرة" على "تراي أوشن" اعتباراً من 25 شباط/ فبراير2016، وإن العلاقة بين الطرفين انتهت. ولم توضح ملابسات هذا الإجراء.

ومنذ 20  تشرين الأول/ أكتوبر الجاري حتى اليوم، لم تنشر الصحافة أي جديد عن سير القضية.

على صفحته الرسمية بـ"فيسبوك"، كتب أحمد زهران، الرئيس التنفيذي لشركة "كرم سولار" لتكنولوجيا الطاقة الشمسية، محاولاً تفنيد الاتهامات الموجهة للأنصاري، باعتبارها لا تتعدى "تصفية حسابات" من رجال أعمال أقوياء ونافذين في الدولة، على حد قوله.

 

 

 

  

 

وأضاف أن الاتهام هو الثالث من نوعه ضد الأنصاري، بعد بلاغين تم حفظهما؛ لثبوت فبركة الاتهامات.

وتابع أن الشركة حققت 1.6 مليار دولار إجمالي دخل (دخل وليس ربحاً) في عام الاختلاس.

واعتبر زهران الهدف من الحملة الحالية هو ربط اسم الأنصاري بالفساد وعزله عن الناس: "أنا عندي تفاصيل كتير لأسباب الخصومة ولأسباب إصرارهم على كسر أنصاري، لكني مش من حقي أحكيها وهو ممكن يحكيها لو عايز".

 

أسامة داود رئيس تحرير موقع "طاقة نيوز"، لفت أيضاً إلى أن الأنصاري يحمل الجنسية الهولندية، وهي جنسية ترتب عليها حقوق كما يترتب عليها امتيازات، "لو كان قد ثبت ضلوع الأنصاري في تهريب شحنات بترول لسوريا، لخضع لعقوبات في الاتحاد الأوروبي لا تمتد فقط إلى تجميد أمواله؛ بل تصل إلى تقييد حريته بالسجن".
 
ينقل الموقع عن مصادر قال إنها قريبة الصلة بشركة "تراي أوشن" اعتبرت "القضية بأكملها تصفية حسابات بين قيادات الشركة والأنصاري".

 

و"الرجل كان هو المسؤول عن توريد شحنات من النفط إلى عدد من الدول العربية، من ضمنها سوريا، وحصل خلال فترة عمله في الشركة على عمولة عن تلك الشحنات، ورأت قيادات الشركة أن تحصل على نسبة من تلك العمولة، لكن الأنصاري رفض فقرروا توجيه مقاضاته بهذه التهمة".

 

وأوضح أن الأنصاري ترك شركة "تراي أوشن" في النصف الأول من عام 2015، "الاتهام يقول إن الأنصاري قام بالاختلاس خلال الفترة من عام 2014 إلى 2016 فكيف لشخص أن يُتهم باختلاس أموال في شركة لا يعمل بها؟".
 
وأجمل الموقع  الأسباب التي تجعل القضية في نظره غامضة في 6 نقاط: 
 
1- الاتهامات تشير إلى اختلاسات في الفترة بين 2014 و2016 بينما الأنصاري غادر الشركة في 2015.
2- موقع الشركة غير متاح ومسؤولو الشركة ممتنعون تماماً عن الرد على أسئلة الإعلام.
3- مالك الشركة غير معروف بعد بيان "المصرية الكويتية" عن بيع الشركة.
4- البلاغ مقدَّم منذ عام، لكن الإعلام المصري احتفى بالخبر فقط بعد قرار المحكمة 5 في الأسبوع الماضي بالتحفظ على أموال المتهمَين والتحقيق معهما.
5- من غير المعروف إذا ما كان المتهمان قيد الحبس الاحتياطي أم أُطلق سراحهما.
6- فريقا الدفاع عن المتهمين لا يردّان على اتصالات وأسئلة الإعلام.

 

التعليقات (0)