صحافة دولية

فيلت: هل تفي المصالحة الفلسطينية بوعودها؟

اتفاق المصالحة- تويتر
اتفاق المصالحة- تويتر
نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا تناولت فيه مستقبل المصالحة الفلسطينية، التي نزعت فتيل الأزمة بين الحركتين بعد صراع دام عشر سنوات. ولكن، تلوح في الأفق بعض الصراعات المستقبلية فيما يخص الهيمنة الفعلية لحركة حماس على القطاع.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لم يدخل إلى قطاع غزة منذ سنة 2007، أي منذ تولي حركة حماس مقاليد الحكم في القطاع. ويوم الخميس الماضي، أعرب عباس عن ثقته في أن هذه المصالحة ستمثل نهاية انقسام الشعب الفلسطيني. وفي الوقت نفسه، أكد رئيس حركة حماس، إسماعيل هنية، أن فتح وحماس قد تمكنتا من إنهاء مرحلة الانقسام تحت رعاية مصرية.
 
وأضافت الصحيفة أنه بعد يومين من المفاوضات في القاهرة، استطاعت أطراف المصالحة وضع حد للحرب الأهلية في فلسطين، واحتفلوا جميعا بتلك اللحظة التاريخية. في المقابل، يشكك البعض في استمرارية هذه المصالحة لفترة طويلة، بعلة أن الطرفين اتفقا على بعض التفاصيل الصغيرة، بينما لم يتطرق أحد إلى المشاكل الحقيقية العالقة.
 
وأوردت الصحيفة أن أول هذه المشاكل ستظهر مع مطلع شهر كانون الأول /ديسمبر من العام الجاري، حين تصبح السلطة الفلسطينية برئاسة عباس مطالبة بتشكيل حكومة موحدة تشارك فيها حركة حماس. ومن جانبها، سوف تسلم حماس مسؤولية القطاع لثلاثة آلاف شرطي من السلطة الفلسطينية قبل تشكيل الحكومة، لإدارة الشؤون المدنية والأمنية. وفي الأثناء، يتولى الحرس الجمهوري الخاص بعباس تأمين المعابر كافة على حدود قطاع غزة، من أجل حل مشكلة "العزلة الكاملة للقطاع".
 
وبينت الصحيفة أن مصر وإسرائيل أغلقتا حدودهما من ناحية القطاع منذ تولي حماس زمام الأمور في قطاع غزة، باعتبار حماس العدو الأول لكليهما. ومن جانبهما، أبدت كل من مصر وإسرائيل ارتياحا لعودة سيطرة حركة فتح على القطاع، ما سيسهل الحركة على الحدود بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. في هذا الإطار، أعلن المتحدث باسم البعثة الأوروبية للمساعدة في تأمين الحدود، أنهم على استعداد لتقديم يد العون للسلطة الفلسطينية لتأمين حدود القطاع.
 
ووفقا للاتفاقية، ستنعقد خلال سنة انتخابات برلمانية ورئاسية يشارك فيها جميع الأطراف. أما عباس، فيتوجب عليه رفع جميع العقوبات التي فرضها على القطاع، من بينها السماح لمصر وإسرائيل بضخ الوقود مرة أخرى إلى غزة من أجل حل مشكلة انقطاع "التيار الكهربائي".
 
وأفادت الصحيفة بأن هناك بعض الأسئلة التي لم تجب عنها بنود اتفاق المصالحة، فيما يتعلق بترسانة أسلحة حماس. وفي هذا الصدد، صرح عباس قبل المصالحة في أكثر من مناسبة أنه لن يقبل بوجود "حزب الله" آخر في فلسطين. والجدير بالذكر، أن حزب الله اللبناني الشيعي يمتلك مليشيات عسكرية قوية من أجل تثبيت أركانه في جنوب لبنان، ويعتبر منذ سنوات دولة أخرى في صلب الدولة، لأنه بالفعل أقوى من الجيش اللبناني.
 
وذكرت الصحيفة أن عباس أكد أن غزة يجب أن تمتلك حكومة، وسلطة مستقلة وقانونا وبرنامجا سياسيا خاصا بها. من جهتها، رفضت حماس الدخول في أية مفاوضات تتعلق بحلّ كتائب القسام، فضلا عن تفكيك ترسانة الأسلحة التي تمتلكها منذ سنة 2008، والتي كونتها على خلفية حربها مع إسرائيل. وحيال هذا الشأن، أكد المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، أن "المقاومة المسلحة حق شرعي للفلسطينيين، ولا يوجد ما نناقشه في هذا الشأن".  
 
كما أكدت الصحيفة أن سبب التوصل إلى تلك التسوية هو المعاناة التي يعيشها سكان القطاع منذ فترة. وفي سياق متصل، أكد إسماعيل هنية أن مسألة التخلي عن حمل السلاح غير قابلة للنقاش في الوقت الحالي، ولكن الحركة ستقرر كيف ومتى ستتخلي عن السلاح بالتشاور مع باقي الفصائل الفلسطينية. في الواقع، تبدو تلك التصريحات مناورة سياسية من أجل حفظ ماء وجه جميع أطراف المصالحة، ولكن الوضع سيبقى على ما هو عليه.
 
بعبارة أخرى، يدير 3000 شرطي تابعين لحركة فتح قطاع غزة ظاهريا، بالإشراف على جوازات السفر وتنظيم حركة المرور. في الأثناء، يواصل مقاتلو حركة حماس، البالغ عددهم 25 ألف مقاتل، استعداداتهم في شبكة الأنفاق العملاقة التي شيدتها الحركة تحت قطاع غزة، تحسبا لأي اعتداء من الجانب الإسرائيلي أو حركة فتح. نتيجة لذلك، تكون حماس هي المهمين الفعلي على القطاع، ويبقي المقاتلون هم الضمانة الوحيدة من أجل الحيلولة دون تقديم الحركة لتنازلات أخرى في المفاوضات القادمة.
 
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن تجاهل الحركتين الخوض في المواضيع الحساسة قبل الانتخابات المقبلة، يشير إلى أن مستقبل تلك الانتخابات مازال ضبابيا؛ إذ يبدو أن عباس لن يستطيع إيقاف تحويل قطاع غزة إلى "لبنان آخر". وعلى غرار حزب الله في بيروت، تدير حماس قطاع غزة من وراء الكواليس، في حين تواجه السلطة الفلسطينية مشاكل المواطنين اليومية في غزة.
 
التعليقات (0)

خبر عاجل