كتاب عربي 21

دعوة البغدادي لاسالة الدماء: مستقبل داعش

طارق الكحلاوي
1300x600
1300x600
الرسالة الصوتية الاخيرة لزعيم "داعش" ابو بكر البغدادي أتت لتنفي التقارير الامنية حول مقتله. هناك عدد من الرسائل التي تضمنتها كلمة البغدادي اهمها هو التعبير عن حالة الحصار والهزائم المتكررة للتنظيم والتصدي لذلك بالدعوة لـ"الثبات"، ومن هنا يختار البغدادي التركيز على الصراع الاكثر حدية "المؤمنون والكفار" ومن ثمة استحضار ذكرى "شيخ الذباحين" الزرقاوي دون غيره والقفز على ذكرى "القاعدة". لكن بمعزل عن عن التكتيك الانتحاري المتوقع "افضل طريق للدفاع هو الهجوم"، هل هناك من مستقبل لـ"داعش" بعد سلسلة الهزائم؟ سنحاول تبين ذلك من خلال المقالات الاخيرة للباحث البريطاني المتخصص في موضوع مستقبل داعش بول روجرز.

ربما افضل توصيف لتنظيم من طينة داعش انه يحصد الاحباطات، خاصة الاحباط الحدي لشباب بدون افق. مثلما اشار بول روجرز في مقال على موقع "الديمقراطية المفتوحة" الصيف الماضي فان الافاق القاتمة لنسبة الشباب المتعاظمة ديمغرافيا في العالم الاسلامي يمكن ان يمثل الخزان الاستراتيجي لتنظيمات مثل "داعش". بالاستناد الى تقرير حديث يقول بول روجرز: "اثنتين وعشرين بلدا عربيا موطن لـ 100 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاما، في حين أن بلدانا في آسيا والمحيط الهادئ لديها 400 مليون نسمة. ويمثل هذا العدد الإجمالي البالغ 500 مليون نسمة 60 في المائة من سكان العالم من الشباب. وتعاني الدول العربية على وجه الخصوص من معدلات عالية جدا من بطالة الشباب، حيث تبلغ في المتوسط 30 % في المنطقة، لكنها تصل إلى ذروتها في الدول التي مزقتها الحروب مثل اليمن بنسبة 55%".

نفس الباحث في مقال اخر على موقع "مجموعة اكسفورد للابحاث" يقول: "بعد ثلاث سنوات وأكثر من 22 الف غارة جوية، يبدو أن مظاهر "الخلافة" في بلاد الشام من المزمع تدميرها في عام 2017. إلا أن ثورة العرب السنة المتطرفين من غير المرجح أن تخفق في العراق أو سوريا، مع تحول ساحة المعركة إلى تمرد عصابات محلي ، وزيادة الهجمات داخل الدول الغربية، وفتح جبهات جديدة على الهوامش العالمية، وليس آخرها آسيا وأفريقيا. هذه الثورات الاتية من التوقعات المحبطة ستكون جزءا كبيرا من المشهد الجيوسياسي لعقود قادمة".

بمعنى اخر ما هو ثانوي هو اذا ما كان البغدادي سيبقى حيا ام لا. وان كانت قيادة التنظيم الحالية ستستطيع ان تبقى على رأسه، وان اسم "داعش" ذاته سيبقى ام لا. كل هذه مسائل ثانوية مادام الاساس الموضوعي الذي سمح لداعش بالظهور لايزال قائما. وما تبقى من "داعش" يبدو واعيا بذلك من خلال "تصدير الجهاد" الى خارج مركز "الخلافة". بمعنى اخر الاستثمار في الاحباط الذي لم يجرب كارثة "خلافة البغدادي". فحسب روجرز: "إن استراتيجية داعش الحالية لها عنصران آخران. الأول هو تصدير الحرب إلى الدول المعتدية - المكونات الأوروبية والأمريكية الشمالية للعدو البعيد. وتشمل الأمثلة الأخيرة الهجمات التي وقعت في مانشستر ولندن، وهي الهجوم المدمر الذي يحتمل أن يكون مدمرا في 27 حزيران / يونيه في المحطة المركزية لبروكسل. وتهدف هذه العمليات إلى إثارة أكبر قدر ممكن من التعصب ضد المسلمين، مما يضعف التماسك الاجتماعي في الدول الغربية وربما حتى تصميمها على مواصلة القتال ضد داعش".

وحتى "الاستعراض الانتحاري" من قبل التنظيم في معركة الموصل الخاسرة يأتي في هذا السياق. مثلما يشير روجرز: "إن قدرة داعش على نشر ما لا يقل عن 1000 من الانتحاريين في معركة الموصل تعني أنه يمكن أن يمثل نفسه رمزا قويا للنضال المستمر. ومن المهم هنا أن يتم قياس الجدول الزمني للحركة للنجاح في عقود عديدة، مع الخلافة قصيرة الأجل جزء واحد فقط".

روجرز يركز على هذه النقطة تحديدا: "من الواضح أن تنظيم الدولة الإسلامية في طريقه إلى إعادة اختراع نفسه لعهد ما بعد الخلافة: أولا، من المحتمل أن تعدل مطالبتها بحكم الخلافة التي تعتبر من وجهة نظرها نموذجا حقيقيا لنظام عالمي إسلامي جديد. وبدلا من ذلك، سيغير ذلك إلى إظهار ما كان من الممكن تحقيقه لمدة ثلاث سنوات، حتى ضد القوة الساحقة التي تستخدمها الأنظمة الإقليمية المدعومة بقوة من التحالف الغربي - "العدو القريب" المتحالف مع "العدو البعيد". وهكذا، فإن الخلافة قصيرة الأجل سوف تقدم كرمز غني لعالم آخر من شأنها أن تتطور بالتأكيد مرة أخرى، وسوف تكون في نهاية المطاف منتصرا". 

في المحصلة: "مع فقدان داعش لخلافتها، فإنها تنتقل إلى تمرد عصابات في العراق وسوريا، يتصاعد محاولاته لتدمير التماسك الاجتماعي في الدول الغربية، وهو يبذل قصارى جهده لنشر الرسالة وجمع المؤيدين عبر الجنوب العالمي". 

روجرز ينتقل بنا حينها الى نظرة تتجاوز التركيز على "الارهاب الاسلامي" وتحاول ان ترى داعش ضمن سياق دولي لاحباطات تتجاوز مجموعات دينية واثنية محددة: "في حين أن معظم التركيز على داعش والمشكلة المفترضة مع الإسلام، تجدر الإشارة إلى أن الحركات الماوية الجديدة لا تزال تتوسع، وليس أقلها تمرد الناكساليين في الهند. ولعل الاستنتاج الحكيم يجب أن يكون أن كل من داعش، ناكساليتس، بوكو حرام وآخرين يجب أن ينظر إليها على أنها أمثلة على عصر من التمرد من الهوامش، التي قد لا تكون ببساطة قابلة للانصياع والقمع عبر العمل العسكري حصرا".
التعليقات (1)
AYMEN GOURI
السبت، 30-09-2017 04:57 ص
أود القول فقط أن صورتك مضحكة تبدو كأنك معتقل سابق في بوكا أو بوغريب ههههههه????