مقالات مختارة

نهاية عصر النفط... متى؟

حسن العالي
1300x600
1300x600
تحت هذا العنوان، نشر صندوق النقد الدولي دراسة لثلاثة من خبرائه الاقتصاديين، أعادوا من خلاله طرح فرضية نهاية عصر النفط، ولكن السؤال هو: متى سوف ينتهي؟

وخلصت دراسة الصندوق إلى أن العوامل المتعلقة بالعرض، مثل ظهور النفط الصخري والتكنولوجيات الجديدة، ستكون قوة رئيسية وراء بقاء أسعار النفط منخفضة لمدة أطول. ولكن هناك دراسات أحدث تشير إلى أن التكنولوجيات الجديدة الأخرى، مثل انتشار السيارات الكهربائية وتوليد الطاقة الشمسية يمكن حتى أن يكون تأثيرها أعمق على سوق النفط والطلب عليه في الأجل الطويل. 

فقد شهدت الطاقة المتجددة تطورات جذرية في العقد الماضي، حيث انخفضت تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية منذ عام 2008 بنسبة قدرها 80% ومن طاقة الرياح بنسبة بلغت 60%. وتشير توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح غير المدعمة، المتوفرة بالفعل بأسعار تنافسية في 30 بلدا، سوف تصبح أرخص من الفحم والغاز الطبيعي في أكثر من 60% من العالم في السنوات القليلة القادمة. وحتى من دون حدوث إنجازات تكنولوجية أخرى، فإن تغلغل الطاقة المتجددة سيكون أوسع انتشارا مع استكمال استثمارات الطاقة الإنتاجية الجاري تنفيذها في الوقت الحالي، مثل خلايا الوقود، أي توليد الطاقة باستخدام الهيدروجين، وتقاسم ركوب السيارات، وسيارات القيادة الذاتية. 

وبالتالي حتى إذا لم يكن بوسعنا التنبؤ بما ستؤول إليه أسعار النفط في الأسبوع المقبل أو الشهر المقبل، فإن النفط بحلول عام 2040 سيكون أرخص كثيرا بالمقارنة بسعره اليوم، وعندئذ فإن القيمة المعادلة لسعر قدره 50 دولارا للبرميل ستبدو مرتفعة للغاية.

وتتوافق هذه الفرضيات مع تنبؤات أطلقها قبل عدة سنوات عالم الاقتصاد في جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا توني سيبا، الذي انتشر تقرير له بعنوان «إعادة التفكير في وسائط النقل خلال الفترة من 2020 – 2030» على نطاق واسع وسبب حالة من القلق والإرباك في أوساط هذه الصناعة. وتقوم فرضية البروفيسور سيبا على أساس أن الناس سيتوقفون عن قيادة السيارات نهائيا، وسوف يتحولون بشكل جماعي إلى العربات الكهربائية الذاتية القيادة التي ستكون أرخص عشر مرات من السيارات التي تعمل بالبترول، والتي لا تكلف أي نفقات على الوقود. 

وسوف يشكل ذلك ضربة قاضية مزدوجة لكل من الصناعات النفطية الكبرى وشركات السيارات الكبرى، وهو ما سينعكس سلبا على الشركات الكبرى في أسواق المال ما لم تتأقلم مع التغيرات الجديدة، وسوف ينخفض سعر النفط الخام على المدى الطويل إلى 25 دولارا للبرميل الواحد. وسوف تختفي كل أشكال الحفر الصخري والعميق، وسوف تبقى هذه النفوط في مكانها، وسوف تجد دول مثل روسيا ودول عربية ونيجيريا وفنزويلا نفسها في مشكلة كبيرة.

وكل هذا يحدث بسرعة أكبر مما اعتقدت «أوبك»، فقد استبعدت مجلة هذا التكتل النفطي العام الماضي فكرة إحلال السيارة الكهربائية باعتبارها مجرد هواجس غريبة، وأن الطلب على النفط آخذ في الارتفاع. وتوقعت المجلة حدوث قفزة في استهلاك النفط الخام بمعدل 16.4 مليون برميل يوميا، أي ما يصل إلى 109 ملايين يوميا بحلول عام 2040 مع نمو أسواق الهند.

وفي ظل هذه الآفاق، ليس من المستغرب أن يتأهب منتجو النفط في الوقت الحالي لنهاية عصر النفط. 

لذلك، فإن الكثير من البلدان المصدرة للنفط، التي تعتمد على العائدات النفطية لتمويل برامجها الحكومية وتوفير فرص العمل، توخت الحكمة بالفعل في إطلاق مبادرات واسعة النطاق لتنويع اقتصاداتها؛ لكي تتأهب لانخفاض أسعار النفط على المدى البعيد.

الشرق القطرية
0
التعليقات (0)