مقالات مختارة

سنوات سوريا العجاف المقبلة

جمال خاشقجي
1300x600
1300x600
قراءة عناوين الصحف غير كافية، فجملة «بشار الأسد انتصر» التي يعمد بعض المحررين إلى تصدير مقالة أو حوار بها غير دقيقة، انتصاره يقتصر فقط على حقيقة أنه لا يزال في الحكم ولم يلقَ المصير الذي يستحقه، بوصفه رئيسا شرّد نصف شعبه. السبب الآخر لهذا العنوان الصحفي هو أن الثورة السورية تمر بأصعب أيامها منذ اندلاعها قبل ستة أعوام، فحلفاؤها مختصمون، والدول الغربية باتت تقدم «الحرب على المتشددين» على الحرية وحقوق الإنسان.


الأزمة السورية ستلاحقنا سنوات طويلة مقبلة، فبعدما كانت ثورة على ديكتاتور تروم الحرية والعدالة الاجتماعية، تعقدت وأضحت أزمة إقليمية. وحدة سوريا الجغرافية والعرقية والسياسية باتت محل نظر وتقليب احتمالات، واستقلالها ربما يحتاج إلى ثورة أو حرب أخرى، بل أضحت جزءا حتى من صراعات دولية، تمتد بعيدا حتى أوكرانيا.


إنهاء الحرب في سوريا ممكن، ولكن إعادة سوريا إلى ما قبل 2011 حتى بصيغة حكم آل الأسد الاستبدادي مستحيلة، فنظام بشار الأسد لم يعد يملك غير 70 ألف مقاتل بالكاد يحمون مفاصل حكمه في ما هو تحت يده، يعينه على ذلك أكثر من 85 ألف مرتزق شيعي تدفع طهران رواتبهم. نظام الدفاع الجوي السوري بات جزءا من نظام الدفاع الجوي الروسي، ما يعني أنه لن تستطيع طائرة «عربية سورية» الإقلاع من دون إذن الروس، وما يعني أيضا أن القوات التابعة لبشار، وكذلك الإيرانيون و «حزب الله»، هم تحت رحمة الروس، ولا يستطيعون التحرك على الأرض من دون العودة إلى جنرال روسي ما في قاعدة حميميم! أي انتصار هذا؟ ولكنه أفضل من لا شيء لبشار وحلفائه الإيرانيين، فهو معني بالبقاء وأسرته وأقليته في الحكم، وقد ضمن ذلك حتى الآن. الإيراني يراهن على المستقبل وينتشر في مفاصل الدولة السورية (أو ما تبقى منها) أمنيا واقتصاديا وتعليميا، مثلما فعل في العراق، حتى يجعل اقتلاعه منها صعبا، وإذا نجح في ذلك، وخصمه الأمريكي بجواره، في العراق، فحظه بالنجاح أوفر، وحليفه الروسي بجواره في سوريا، ثم يفرك يديه بسعادة وهو يرى خصومه الذين يفترض أن يرفضوا وجوده على سواحل البحر الأبيض وهلاله الممتد شمالهم وجنوبهم مختصمين متنافرين.


الثورة السورية بشتى أشكالها ليست أحسن حالا، ولا تملك غير أن تراهن على المستقبل هي أيضا، فهي لا تزال على أرضها موجودة، حتى في «سوريا المفيدة» التي اختصها بشار لنفسه بمنزلة «فكرة»، وأنصار يعملون تحت الأرض ويقاومون مخابراته، حولت افتقارها إلى الزعيم الواحد إلى ميزة تواجه بها الضغوط الإقليمية، فلا أحد يستطيع أن يوجهها إلى غير ما تريد، فهي مبعثرة في ائتلاف وطني موجود في اسطنبول، وهيئة عليا للمفاوضات في الرياض، وهيئة تنسيق وفصائل في الداخل، وكلها متداخلة في بعضها بصورة أو أخرى، بما في ذلك مجموعتا القاهرة وموسكو، اللتان تسعى الرياض إلى تمثيلهما في الهيئة العليا للمفاوضات، باجتماع قد يعقد الأسبوع المقبل هناك، مع حماسة روسية وأممية لذلك سموها «توحيد المعارضة»، وهم يرونها مساعي لإيجاد مقعد للمعارض الموالي للرئيس بشار (قدري جميل) الشهير برجل موسكو، تفعل ذلك ببراغماتية مثيرة للإعجاب فتتعامل مع الجميع وكل المتناقضات، بما في ذلك القاهرة التي فجأة استجد اهتمامها بالثورة فتواصلت معها على رغم موقفها السلبي منها المنحاز إلى النظام.


من الواضح أن المعارضة، ومعها الدول الإقليمية، تستعد لمرحلة «تجميد الصراع» وليس حسمه. خطورة ذلك أنه صعب إن لم يكن مستحيلا، ولا يعني غير حال تشبه أفغانستان قبيل 11 أيلول (سبتمبر) 2001، ولكن في منطقة أخطر وفي قلب الشرق الأوسط، كما أن ذلك يصب في مصلحة إيران التي ستجهز سوريا لنفسها ولمشروعها الطائفي التوسعي على نار هادئة.


خلال فترة تجميد الصراع سيندلع في الغالب صراع بين الشعب السوري والفصائل المعتدلة والمتطرفين، لسبب بسيط، هو أن الشعوب لا تختار التطرف. «داعش» أمره انتهى، وسيخرج من المسرح بنهاية العام، ولكن بالطبع لن يموت فكره المغالي في التطرف، فهو لم يولد يوم دخل الرقة أو الموصل، وإنما هي فكرة تكفيرية متطرفة عمرها عقود، تعيش في السر وتحت الأرض وفي السجون وتنتشر للعلن في زمن الفوضى، نسختها المخففة «النصرة» أو «القاعدة» لا تزال تجد موطئ قدم في إدلب وغيرها، ولكن بدأ ضيق الشعب بها وتحديها. قبل أيام، شهدت المدينة تظاهرات شعبية أنشدت فيها أهازيج وطنية على أنغام الموسيقى وبألحان إحدى أغاني السيدة فيروز. هذا فسق وفجور بعرف «النصرة»، ولكنها لم تعترض تلك الاحتفالية! تختلف «النصرة» عن «داعش» بأن ثمة حاضنة شعبية لها، فالمال الوفير الذي جرى يوما بيدها، مكّنها من تقديم خدمات يتذكرها المواطن البائس الذي نسيه الجميع، ولكنها بدأت تخسر شعبيا، وهناك ضغوط عليها لحلّ نفسها. بعد جدل، اقتُرح حل وسط، أن تحلّ الفصائل نفسها كافة، وتنقل إدارة المناطق المحررة إلى إدارة محلية مدنية، اقتراح دعمته تركيا، ولكن ستعارضه بشدة إيران والنظام. الفكرة لا تزال محل تداول، وفي الغالب لن تنجح، فلا أحد يتذكر أن قيادات «القاعدة» اتخذت قرارا استراتيجيا صحيحا، وحينها ستقع لا محالة حرب تصفية بينها وبين الفصائل الأخرى، وتصبح موضوعا لعناوين الصحف فترة، ريثما تنضج أزمة أخرى تحل محلها، فسوريا مزدحمة بشتى الفرقاء والأحزاب والفصائل ومعهم شتى الأزمات.


وما لم يعد العالم إلى أصل المشكلة ومنطق «يجب أن يرحل بشار سلما أو حربا»، وهذا لم يعد واردا الآن، لننتظر خلال العقد المقبل مزيدا من الأحداث الصغيرة في سوريا، الكفيلة بإخراج دولة عربية أخرى من الحياة.
 
الحياة اللندنية


جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "عربي21"

  
3
التعليقات (3)
محمود المصرى*ّ ... السبع السمان وأخر عجاف والسبع الخضر وأخر يابسات (تصحيح)
الأحد، 03-09-2017 09:06 م
قبل الذهاب فى تفسير العنوان أشير إلى تعليقى السابق ومساحته 3164 خانة وفيه أربعة خانات بيضاوات مثل سابقاتها وهى 1402 و1498 و2847 و3126 ويرجى تصحيحها بشقها على التوالى حتى يتشابه التعليق المنشور مع التعليق المُرسَل ويمكن قراءته بطريقة صحيحة , العنوان "من أين جاء الأعرابُ؟" ومساحته 20 خانة , وعدد النقاط 85 نقطة , ويرجى قراءة التعليق بتولية الوجوه إلى شطر التعليق الذى كان بين ألف ولام "الضفادع" , والإنتباه لما أشارت إليه خانات الفج العميق أعنى البيضاوات المذكورة , وما أشارت إليه النقطة الأخيرة بوجهيها كعين الديك , مرة بإعتبارها سنام التعليق أعنى الخانة 3164 التى أشارت إلى التغابن ومعها المنافقون والطلاق , ومرة بإعتبارها آخر نقطة أى 85 التى أشارت إلى البروج ومعها الطارق , , والكلمات يمكن قراءة كل منها برقم حرف طرفها , الطرف الأول فى حالة أسماء الرسل والطرف الأخير فى حالة الكلمات العادية , والإنتباه إلى ما أشارت إليه كل نسوة بالزيادة أو بالنقصان أو بالتغيير أو بخرق الكلمة بظهور خانة بيضاء بين حروف الكلمة أو بينها وبين علامة الإستفهام التى تليها , وبعد ذلك هناك ترقيات فى القراءة حسب ما يفتح الله به , وبعد حصة القراءة هذه أذهب إلى تفسير العنوان كمثال على ما سبق , السبع بقرات السمان والأُخَر العجاف يمكن فهمها من تعليق قديم نُشِر فى 1 أكتوبر/ تشرين 2015 وعنوانه (إِنّي أَتَيتُكُمُ مِنَ القَبرِ وَالناسُ مُحتَبِسونَ لِلحَشرِ) , مساحة العنوان 60 خانة , والسبع بقرات السمان تعنى كلمات العنوان السبعة المكتوبة بخط Tahoma , والسبع بقرات العجاف تعنى أول سبعة كلمات فى التعليق المكتوبة بخط Arial (Body CS) الذى يبدو نحيفا بالمقارنة مع الخط السابق , أما السبع سنبلات الخضر والأُخَر اليابسات فيمكن فهمها من تعليق قديم نُشِر فى 11 إبريل/ نيسان 2016 وعنوانه (إستغلال نظام متهاوى تحسباً لما بعده) , مساحة العنوان 35 خانة , والسبع سنبلات الخضر تعنى الحروف السبعة لأول كلمة فى العنوان "إستغلال" ورقم لامها 7 , أما السبع اليابسات فتعنى كلمة "استغلال" الواردة فى التعليق ورقم لامها 335 , وانتبه إلى همزة الألف فى كل منهما , وقبل الختام أود التنبيه إلى أننى إعتدت عند ملاحظة إشتمال التعليق على خانة بيضاء مثل سابقتها بعد إرساله الذهاب إلى موقع بوابة الشروق وأعيد إرساله ضمن تعليقات "فيس بوك" مع التنويه عن تلك الخانات برد مُختصر أسفل التعليق , إعادة الإرسال تكون تحت أى مقال من المقالات التى أجدها منشورة فى موقع بوابة الشروق سواءً كانت منشورة فى نفس اليوم أو "بايتة" كما لاحظت فى المرات الأخيرة.
محمود المصرى*ّ ... السبع السمان وأخر عجاف والسبع الخضر وأخر يابسات
السبت، 02-09-2017 05:50 م
قبل الذهاب فى تفسير العنوان أشير إلى تعليقى السابق ومساحته 3164 خانة وفيه أربعة خانات بيضاوات مثل سابقاتها وهى 1402 و1498 و2847 و3126 ويرجى تصحيحها بشقها على التوالى حتى يتشابه التعليق المنشور مع التعليق المُرسَل ويمكن قراءته بطريقة صحيحة , العنوان "من أين جاء الأعرابُ؟" ومساحته 20 خانة , وعدد النقاط 85 نقطة , ويرجى قراءة التعليق بتولية الوجوه إلى شطر التعليق الذى كان بين ألف ولام "الضفادع" , والإنتباه لما أشارت إليه خانات الفج العميق أعنى البيضاوات المذكورة , وما أشارت إليه النقطة الأخيرة بوجهيها كعين الديك , مرة بإعتبارها سنام التعليق أعنى الخانة 3126 التى أشارت إلى الشعراء ومعها الفرقان والنمل , ومرة بإعتبارها آخر نقطة أى 85 التى أشارت إلى البروج ومعها الطارق , , والكلمات يمكن قراءة كل منها برقم حرف طرفها , الطرف الأول فى حالة أسماء الرسل والطرف الأخير فى حالة الكلمات العادية , والإنتباه إلى ما أشارت إليه كل نسوة بالزيادة أو بالنقصان أو بالتغيير أو بخرق الكلمة بظهور خانة بيضاء بين حروف الكلمة أو بينها وبين علامة الإستفهام التى تليها , وبعد ذلك هناك ترقيات فى القراءة حسب ما يفتح الله به , وبعد حصة القراءة هذه أذهب إلى تفسير العنوان كمثال على ما سبق , السبع بقرات السمان والأُخَر العجاف يمكن فهمها من تعليق قديم نُشِر فى 1 أكتوبر/ تشرين 2015 وعنوانه (إِنّي أَتَيتُكُمُ مِنَ القَبرِ وَالناسُ مُحتَبِسونَ لِلحَشرِ) , مساحة العنوان 60 خانة , والسبع بقرات السمان تعنى كلمات العنوان السبعة المكتوبة بخط Tahoma , والسبع بقرات العجاف تعنى أول سبعة كلمات فى التعليق المكتوبة بخط Arial (Body CS) الذى يبدو نحيفا بالمقارنة مع الخط السابق , أما السبع سنبلات الخضر والأُخَر اليابسات فيمكن فهمها من تعليق قديم نُشِر فى 11 إبريل/ نيسان 2016 وعنوانه (إستغلال نظام متهاوى تحسباً لما بعده) , مساحة العنوان 35 خانة , والسبع سنبلات الخضر تعنى الحروف السبعة لأول كلمة فى العنوان "إستغلال" ورقم لامها 7 , أما السبع اليابسات فتعنى كلمة "استغلال" الواردة فى التعليق ورقم لامها 335 , وانتبه إلى همزة الألف فى كل منهما , وقبل الختام أود التنبيه إلى أننى إعتدت عند ملاحظة إشتمال التعليق على خانة بيضاء مثل سابقتها بعد إرساله الذهاب إلى موقع بوابة الشروق وأعيد إرساله ضمن تعليقات "فيس بوك" مع التنويه عن تلك الخانات برد مُختصر أسفل التعليق , إعادة الإرسال تكون تحت أى مقال من المقالات التى أجدها منشورة فى موقع بوابة الشروق سواءً كانت منشورة فى نفس اليوم أو "بايتة" كما لاحظت فى المرات الأخيرة.
عابر سبيل
السبت، 02-09-2017 06:56 ص
و من خذل سوريا أكثر من خذلانكم لها؟ ستدور الدوائر و لن تنفعكم إيفانكا حينها.

خبر عاجل