صحافة دولية

إندبندنت: هل تغيرت مواقف الفيلسوف تشومسكي اليسارية؟

إندبندنت: نقاد تشومسكي يرون أنه أصبح أقل يسارية مع تقدمه في العمر- أ ف ب
إندبندنت: نقاد تشومسكي يرون أنه أصبح أقل يسارية مع تقدمه في العمر- أ ف ب
ذكرت صحيفة "إندبندنت" أن ناشطين مناهضين للفاشية وجهوا سهام نقدهم للمفكر والفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي؛ لتهجمه على الحركة المعادية للفاشية، مشيرة إلى أن تشومسكي اعتبر أفعال الحركة خطأ ومدمرة لذاتها، وليست إلا مجموعة صغيرة على هامش اليسار.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الحركة المناهضة للفاشية تمثل تحالفا واسعا لا مركزيا من ناشطي القاعدة الشعبية المناهضين لليمين المتطرف، ظهرت في العشرينيات من القرن الماضي، لكنها عادت لتحتل عناوين الصحف أثناء الأحداث التي شهدتها مدينة تشارلوتسفيل بداية هذا الشهر.

وتلفت الصحيفة إلى أن أفراد هذه الحركة قاموا بمواجهة أفراد من النازيين الجدد وجماعات التفوق العرقي الأبيض وكوكلاس كلان واليمين البديل، وأسفرت المواجهات عن مقتل امرأة دهسها نازي بشاحنته، وجرح 19 شخصا. 

ويفيد التقرير بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثار غضبا عندما ساوى بين جماعات التفوق الأبيض والمعادين للفاشية، حيث قال إن الذين واجهوا المتظاهرين كانوا عنيفين مثل اليمين المتطرف، وإن في اليمين البديل أناسا "طيبين"، مشيرا إلى أن تشومسكي يعد صوتا بارزا في معسكر اليسار، وعرف بدراساته الناقدة للسياسة الخارجية الأمريكية والنيوليبرالية والإعلام الرئيسي.

وتورد الصحيفة نقلا عن تشومسكي، قوله لصحيفة "واشنطن إكزامنر": "فيما يتعلق بالحركة المعادية للفاشية فهي كسابقتها، جزء هامشي من اليسار"، وأضاف الفيلسوف والمفكر البالغ من العمر 88 عاما: "هي هدية كبيرة لليمين بمن فيهم اليمين المسلح"، وتابع قائلا: "ما يفعلونه أساسا هو خطأ مثل منع الحديث، وهي أفعال مدمرة". 

ويورد التقرير أن الصحيفة المحافظة نقلت عنه قوله: "عندما تنحرف المواجهة إلى مجال العنف فإنه من الصعب الفوز بها، ونحن نعرف هذا، ويختلف هذا عن ثمن الفرصة، خسارة التعليم والتنظيم والنشاط البناء". 

وتستدرك الصحيفة بأنه مع أن هناك قلة ترتبط بالنشاط المتشدد للحركة المعادية للفاشية، إلا أنه يجب ملاحظة أنها تتبنى عددا من الأساليب منها تنظيم النقابات، والتضامن مع المهاجرين وبرامج التعليم العام، ومنع المتفوقين البيض والنازيين الجدد من التظاهر، وحصرهم في مناطقهم، وإجبار اليمين على إلغاء مناسباته في الأماكن العامة.

وينوه التقرير إلى أن تشومسكي، الذي غادر منصبه في معهد "ماساسوشيتس" للتكنولوجيا إلى جامعة أريزونا، تعرض لنقد بسبب تقييمه للحركة المعادية للفاشية. 

وتقول المتخصصة في الحركة الفاشية واليمين المتطرف إلينور بيني لـ"إندبندنت": "يتعامل تشومسكي مع المعركة ضد الفاشية على أنها معركة أخلاقية خالصة، ويمكن الانتصار بها طالما التزم اليسار الاحترام والأدب وظل متنوعا"، وتضيف: "لكن الفاشيين لا يهتمون بربح المعركة، ولا يريدون احترام حرية التعبير، أو حق المحاكمة العادلة، بل يعربون عن نيتهم الإجرامية ضد الناس الملونين (وغير المرغوب فيهم)، ويلاحقون هذا الهدف، مستخدمين الأساليب الضرورية كلها، وفي هذا السياق فإن المقاومة المادية تعد واجبا وفعلا للدفاع عن النفس".

وتتابع بيني قائلة: "أكثر من هذا فإنه منذ معركة كيبل في عام 1939 إلى مواجهات لويشام وود غرين في لندن عام 1977، فإن المقاومة المادية حمت المواطنين من العنف العنصري، ومنعت جماعات الفاشيين من تحقيق موطئ قدم لهم في السياسة الرئيسية". 

وبحسب التقرير، فإن نقاد تشومسكي ناقشوا على وسائل التواصل الاجتماعي أنه أصبح أقل يسارية مع تقدمه في العمر، مشيرين إلى أن تعليقاته تجعله غير مهم، مع أنه يعد أكثر شخص اقتباسا في الكتب والدراسات الأكاديمية في التاريخ.

وتورد الصحيفة نقلا عن الصحافية الأمريكية أسا وينستانلي، قولها: "للأسف، أصبح تشومسكي قريبا من ترامب ويلوم (الطرفين)، وقال إن الحركة المعادية للفاشية هدية لليمين"، حيث تعد الحركة المعادية للفاشية، التي تعتمد على ناشطيها في القاعدة للمعارضة، ولا تحبذ الاعتماد على الشرطة أو الدولة، ليست جماعة واحدة مركزية، ولها تاريخ طويل يعود إلى مقاومة بينتو موسولييني وجماعة القمصان السوداء المؤيدة له في العشرينيات من القرن الماضي، ومقاومة هتلر "القمصان البنية" في ميونيخ. 

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن الحركة المعادية للفاشية في بريطانيا واجهت القمصان السوداء بقيادة زعيم اتحاد الفاشيين البريطانيين أوزوالد موزلي في الثلاثينيات من القرن الماضي، خاصة شارع كيبل في شرق لندن.
التعليقات (0)