قضايا وآراء

تحرير الغاز وسلسلة بيع المواطن المصري

أشرف دوابه
1300x600
1300x600
صادق عبد الفتاح السيسي رئيس الانقلاب في مصر في الأول من شهر آب/ أغسطس الجاري على القانون رقم 196 لسنة 2017 الذي أصدره برلمان الإنقلاب بإصدار قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز في مصر، وقد عمل القانون على فتح المجال لشركات القطاع الخاص للمتاجرة المباشرة في الغاز الطبيعي نقلا وتوزيعا وتخزينا وشحنا وتوريدا مستخدمة في ذلك البنية التحتية لخطوط الأنابيب والشبكة الحكومية.

وفي المقابل عمل القانون على تقليص دور الدولة ليقتصر دورها على تنظيم ومراقبة سوق الغاز وذلك من خلال إنشاء هيئة عامة مستقلة هى جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز تقوم مهمتها على التنظيم والمراقبة لسوق الغاز، وتعمل على ضمان إتاحة شبكات وتسهيلات الغاز للغير بناء على اقتراح من مشغليها وضمان جودة الخدمات، إلى جانب جذب وتشجيع الاستثمارات في مجال أنشطة سوق الغاز وتهيئة المناخ المناسب لتحقيق حرية المنافسة، وإقرار التعريفة اللازمة لاستخدام البنية التحتية لخطوط الأنابيب والشبكة الحكومية . ويسعى جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز إلي وضع خطة لتحرير سوق الغاز بصورة تدريجية على مراحل، وتحديد المدة الزمنية لكل مرحلة والإجراءات اللازمة لتنفيذها.

ويأتي هذا القانون كحلقة في سلسة بيع المواطن للمستثمرين، فالقانون بدأ إعداده في تشرين الأول/أكتوبر 2015 بعد إصدار السيسي في تموز/ يوليو 2015 قرار بقانون تنظيم الكهرباء رقم 87 لسنة 2015 الذي حصر دور الدولة في جهاز تنظيم مرقق الكهرباء وحماية المستهلك كهيئة عامة مستقلة عن أطراف مرفق الكهرباء تكون له الشخصية الاعتبارية بهدف تنظيم ومراقبة ومتابعة وتطوير كل ما يتعلق بنشاط الكهرباء إنتاجا ونقلا وتوزيعا وإلى جذب وتطوير الاستثمار في هذا المجال في إطار المنافسة الحرة المشروعة .

وكذلك قرار السيسي بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 102 لسنة 1986بإنشاء هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة بهدف تمكين الهيئة -بعد موافقة وزير الكهرباء والطاقة المتجددة - من إنشاء شركات مساهمة بمفردها أو مع شركاء آخرين لجذب المستثمرين للدخول مع الهيئة في مشروعات مشتركة لتشجيع إنتاج وبيع الكهرباء من الطاقة المتجددة.

إضافة إلى توجهات حكومات الإنقلاب لتطبيق ذلك عمليا وترك المواطن فريسة للمستثمرين بعيدا عن أي حماية اجتماعية مقبولة. وفي هذا الإطار أشار إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في العام 2015 إلى أن الحكومة ستنسحب تدريجيا من السيطرة على قطاع الكهرباء، وستقوم بخصخصته، لتتحول الدولة إلى دور المنظم وليس المشغل للقطاع.

وفِي هذا الإطار أيضا قررت وزارة الكهرباء الأسبوع الماضي طرح 3 شركات جديدة للتأسيس والطرح بالبورصة، ضمن برنامج الطروحات الحكومية، ممثلة في ثلاث محطات تقوم شركة سيمنس الألمانية بإنشائها ببني سويف، والبرلس، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومن المتوقع تأسيس تلك الشركات الثلاثة نهاية شهر ديسمبر من العام المقبل، على أن يتم طرحها للاكتتاب العام خلال الربع الأول من عام 2019 وفق مصادر حكومية.

إن هذه الإجراءات تعكس أن ما يحدث من بيع للمواطن المصري من تحرير سعر الغاز هو نتاج لسلسلة الخنوع لشروط صندوق النقد الدولي بتعويم الجنيه وقتل الحماية الاجتماعية والتحرير التدريجي لأسعار الوقود والكهرباء ورفع الدعم حتى يسدل الستار على أي دور حكومي لمساعدة المواطن وحمايته الاجتماعية بنهايات العام 2020 وهو ما يزيد من حجم المعاناة للمواطن رفعا في الأسعار وزيادة في معدلات الفقر والبطالة والحيلولة دون العيش بكرامة وتركه في غيابات القهر والجهل والموت فقرا أو انتحارا.

كما أن أخطر ما في هذا القانون هو أنه يَصْب في صالح الكبار ويفتح الباب على مصراعيه للتوغل الصهيوني في الغاز من خلال ما يمنحه هذا القانون للشركات الخاصة من حرية لاستيراد الغاز الإسرائيلي وسيطرة الكيان الصهيوني على سوق الغاز بمصر لا سيما وأن شركة دولفينوس القابضة التي تستورد الغاز من حقل تمار الأسرائيلي تم منحها - من الشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) - ترخيصا لاستيراد الغاز الطبيعي من الكيان الصهيوني. ولا قيمة لما يتردد عن اكتشافات الغاز في مصر فهو من باب التخدير، فما زلنا نسمع صوتا ولا نجد غازا!.
التعليقات (0)

خبر عاجل