كتاب عربي 21

من الموصل الى جرود عرسال: ماذا عن اليوم الثاني لانتهاء المعركة العسكرية؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
التطورات العسكرية والميدانية المتسارعة في الأيام الماضية  من الموصل في شمال العراق، إلى سوريا، ووصولا إلى جرود عرسال على الحدود اللبنانية الشرقية، تؤكد أننا دخلنا في مرحلة جديدة على صعيد المعركة ضد تنظيم داعش وجبهة النصرة.

وترافقت هذه التطورات العسكرية مع الاتفاق الروسي – الأميركي على صعيد الجبهة الجنوبية في سوريا والذي يهدف إلى إبعاد حزب الله وإيران عن جنوب سوريا حسب تصريحات أميركية وروسية وإسرائيلية، وهذا يعني أيضا انه بموازة المعركة الدولية والإقليمية والمحلية لمحاصرة تنظيم داعش وجبهة النصرة وبعض المجموعات الإسلامية المتطرفة، فإنه بالمقابل هناك جهود دولية وإقليمية لإضعاف الدور الإيراني وحزب الله وحلفائهم وذلك لمنع هذا المحور من استثمار الانتصارات التي يحققها في أكثر من جبهة عراقية وسورية ولبنانية.

والخلاصة التي يمكن استخلاصها من هذه المعطيات وحسبما تؤكد مصادر سياسية مطلعة في بيروت: إن الاتفاق الروسي – الأميركي حول سوريا سيؤدي إلى البدء بالبحث الجدي في المسارات السياسية ومستقبل الأوضاع في سوريا ودول المنطقة وان استهداف الأطراف الإسلامية على اختلاف توجهاتها هو العنوان الأساس لكل هذه التطورات.

ومع أن المعارك العسكرية  لم تنه كليا سواء في العراق أو سوريا أو منطقة جرود عرسال وجرود القاع وراس بعلبك على الحدود اللبنانية الشرقية، فان ما يجري من تطورات ميدانية وسياسية يفرض على جميع الأطراف وخصوصا القوى والحركات الإسلامية البحث الجدي حول اليوم الثاني لانتهاء المعارك العسكرية أو القسم الأكبر من هذه المعارك.

ومسؤولية البحث عن أفاق المرحلة الجديدة لا تقتصر على فريق دون أخر أو على بلد دون أخر، ففي كل بلد عانى ويعاني من التطورات والصراعات العسكرية والسياسية والأمنية وبروز التنظيمات المتطرفة هناك مسؤوليات مختلفة يجب أن تتحملها كل الجهات المعنية سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي أو الديني، ولعل السؤال الأبرز الذي يجب أن يطرح من قبل الجميع: لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه من أوضاع متردية سمحت ببروز التطرف والعنف الديني والسياسي والاجتماعي؟

والسؤال المركزي الأخر الذي على الجميع أن يطرحه : كيف يمكن أن نتجنب العودة إلى الأوضاع التي أدت إلى انهيار الدول والأنظمة وهل بالإمكان إعادة بناء المجتمع والدولة والمؤسسات على أسس جديدة تمنع من انهيارها مرة أخرى؟ وما هي البرامج والمسؤوليات والسياسات التي يجب اتباعها في المرحلة المقبلة لمواجهة حالات التفتت والانهيار والانقسامات المذهبية والطائفية والمجتمعية والعرقية؟.

ويضاف لذلك ضرورة وضع الخطط العملية السريعة لإعادة إعمار المناطق التي تهدمت والمساعدة في عودة النازحين واللاجئين إلى مدنهم وقراهم  وإعادة التواصل بين المناطق التي كانت مسرحا للصراعات والاشتباكات والمناطق الأخرى الآمنة.

وفي محاولة الإجابة على بعض هذه الأسئلة، فان القوى والحركات الإسلامية معنية قبل غيرها بإجراء مراجعة شاملة لأدائها طيلة السنوات الماضية إن على صعيد انخراطها في الصراعات المختلفة أو لجهة دورها السياسي والميداني أو حول توجهاتها الفكرية والسياسية ومدى مساهماتها بترك الساحة للتنظيمات المتطرفة والعنفية.

ومن الواضح أن الجميع من قوى سياسية أو حزبية أو مرجعيات دينية أو هيئات ثقافية وفكرية يتحملون مسؤولية ما وصلنا إليه من حالة انهيار في جميع المجالات، وان اقصر الطرق لإعادة بناء ما تهدم ينطلق من إعادة الاعتبار لفكرة الدولة العادلة وتعزيز المواطنة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لان قيام الدولة المركزية القوية، مع إعطاء جميع المكونات في هذه الدولة حقوقها، هو الطريق الوحيد من اجل الخلاص من حالة التمزق والصراعات البينية.

إذن وبانتظار انتهاء المعارك العسكرية ومع أهمية ما تحقق من انجازات في مواجهة تنظيم داعش وبقية التنظيمات المتطرفة في مختلف الساحات، فان الأهمية تكمن في ما يجب القيام به في اليوم الثاني من انتهاء المعارك العسكرية لأنه بذلك لا نعود للحرب مرة أخرى.
0
التعليقات (0)