سياسة عربية

استنفار كبير بإدلب.. وتحذيرات من اشتباك "الهيئة" و"الحركة"

تتهم هيئة تحرير الشام لواء صقور الشام التابع لحركة أحرار الشام
تتهم هيئة تحرير الشام لواء صقور الشام التابع لحركة أحرار الشام
عاد التوتر  بين هيئة تحرير الشام من جهة، وحركة أحرار الشام من جهة أخرى، في حين وصف ناشطون حجم الاستنفار الأخير للهيئة بأنه "غير مسبوق"، الأمر الذي أثار مخاوف كبيرة لدى السكان في جبل الزاوية بريف إدلب؛ من احتمال اندلاع قتال جديد في الشمال السوري.

وجاء التوتر إثر مقتل من وصفتهما حركة أحرار الشارم بـ"تاجري سلاح" في منطقة خاضعة لنفوذ لواء صقور الشّام المنضوي تحت راية الحركة، رغم الاتفاق بين الحركة والهيئة على تشكيل محكمة مشتركة للتحقيق في القضية.

وكانت اشتباكات عنيفة قد اندلعت في معرة النعمان الشهر الماضي، على خلفية مشابهة، حيث اقتحمت هيئة تحرير الشام مقرات لـ"الفرقة 13" التابعة للجيش الحر، بحجة مسؤوليتها عن مقتل والد أحد قياديي الهيئة في المنطقة؛ وُصف بأنه "تاجر مخدرات".

اقرأ أيضا: هل تعيد المعرة السورية مسلسل تصفية فتح الشام للجيش الحر؟

وكان "التاجران"، وهما أحمد الممدوح وأبو عزيز، قد قتلا الثلاثاء في قرية حنتوتين في جبل الزاوية بريف إدلب، فيما يقول ناشطون مقربون من الهيئة إنّ الشخصين هما من عناصر مجموعة "البنات" التابعة للهيئة.

وبعد إعلان حمل توقيع نائب قائد حركة أحرار الشّام، جابر إبراهيم باشا، والشرعي في هيئة تحرير الشام، أبو الحارث، لتشكيل محكمة مشتركة من قبل الجانبين للنظر في القضية، واعتبارها جنائية فقط، أصدرت الهيئة بيانا؛ اتهمت فيه بشكل مباشر فصيل صقور الشّام بالتستر على الهجوم، متحدثة عن وجود قرائن في هذا الموضوع.

وطالب البيان الأخير الذي صدر عقب الاتفاق بين الحركة والهيئة بساعة واحدة؛ فصيل صقور الشّام بتسليم المتهمين بالهجوم، متوّعدة بـ"حرب ضد المفسدين" و"الخوارج"، للحفاظ على ما أسمته الهيئة "نقاء الجهاد على أرض بلاد الشّام".

ومن مظاهر التوتر، تعزيز حواجز الهيئة على امتداد الشمال السوري، وتحريك بعض الأرتال في جبل الزاوية من قبل الطرفين، تخللته اشتباكات متقطعة بينهما في المنطقة الأخيرة.

من جهته، أكد الناطق العسكري باسم حركة أحرار الشام، عمر الخطاب، وجود توترات بين الهيئة والحركة على امتداد الشمال السوري، لكنه نفى أن تكون تلك التوترات قد وصلت إلى حد الاشتباكات المباشرة.

وتساءل خطاب في حديث لـ"عربي21": "التوترات بين الجانبين، جاءت على خلفية مقتل شخصين في جبل الزاوية، وهذه جريمة مجهولة الفاعل، وتم تشكيل لجنة بالاتفاق لمتابعة هذه الجريمة والتحقيق بها، فلماذا يتم التجييش والتصعيد وجلب الأرتال لمهاجمة القرى والاعتداء على المجاهدين بحجة البحث عن القتلة؟".

وبحسب خطاب، فإن تعزيزات الهيئة في الشمال تمثّلت في تكثيف الحواجز، ونشر رشاشات ثقيلة عليها، مشيرا إلى أن ملاحقة القتلة هي مسؤولية الجميع، وجميع الفصائل هي "أولياء هذا الدم"، مطالباً بالكف عما أسماها بـ"المزاودات".

بدوره، قال قيادي في الهيئة، فضّل عدم نشر اسمه، إن القضية لا علاقة لها بالتوتر بين الفصيلين، وإنّما مطالبات بتسليم القتلة الذين قال إن فصيل صقور الشام يتستر عليهم، مشددا على أن التحركات العسكرية للهيئة تأتي في إطار البحث عن المجرمين لا أكثر، وفق قوله لـ"عربي21".

وتمركزت مدافع رشاشة من عيار 23 ملم، للهيئة، بالإضافة إلى مدافع هاون على أطراف جبل الزاوية، تبع ذلك تفتيش دقيق وتدقيق في الهويات على الحواجز.

حمزة، شاب من مدينة إدلب، تعرض للتفتيش أكثر من خمس مرات خلال توجهه إلى مدينة إدلب وهو قادم من بلدة كفرنبل على دراجة نارية، ولا يحمل السلام. وأكد أن عناصر الحاجز التابع لهيئة تحرير الشام؛ يرتدون اللثام ويسألون جميع المارة عن وجهتهم، ويعتقلون أي شخص يشكون بأمره.

وشهدت مدينة سلقين هي الأخرى؛ انتشارا مكثفا في محيطها بالأسلحة الثقيلة، في حين يؤكد مقربون من الهيئة أن الاستنفار الحالي سببه الخلايا "النائمة" لتنظيم الدولة. إلا أن السكان المحليين في إدلب أكدوا أن الاشتباك وشيك بين أحرار الشام وهيئة تحرير الشام.

حركة أحرار الشام هي الأخرى رفعت جاهزيتها إلى درجات عالية، خشية الهجوم على الألوية والمقرات التي ترفع رايتها في كل من معرة النعمان وسراقب وحارم وجسر الشغور، في ريف إدلب، كما عزز الحزب التركستاني حواجزه في محيط مدينة جسر الشغور تحسبا لأي اشتباك وشيك.

ويقول الشاب أحمد الخطيب، من مدينة إدلب، لـ"عربي21"، إن "جميع العناصر جهزوا بنادقهم ورفعوا مقبض الأمان بانتظار الرصاصة الأولى"، حسب قوله.

بدوره، قال عضو سابق في جبهة النصرة (التي تحولت لاحقا لجبهة فتح الشام ثم هية تحرير الشام)، إن هناك جماعات في إدلب لا تزال تناصر تنظيم الدولة، وترى ضرورة قتال أحرار الشام، "ومعظم المنتسبين لهذه الجماعات يحملون راية هيئة تحرير الشام في الوقت الراهن،

وأبدى المصدر، في حديث خاص لـ"عربي21"، تخوفه من أن تبدأ هذه المجموعات بإطلاق الرصاص باتجاه أحرار الشام، وقال إن هذه المجموعات تضم في غالبيتها عناصر غير سوريين، وخصوصا من أصول مغربية وتونسية وسعودية، وفق قوله.

وكان القائد العسكري لهيئة تحرير الشام، أبو جابر هاشم، قد أصدر بيانا يمنع بموجبه تكفير أي من الفصائل في إدلب تحت طائلة المسؤولية والعقاب، في محاولة على ما يبدو لتهدئة الأوضاع مع أحرار الشام؛ التي بدورها كتبت عدة أحاديث على حواجزها المنتشرة في إدلب ومن بينها، "دم المسلم على المسلم حرام".

وناشد عدد من الشرعيين على الساحة عناصر الهيئة والحركة للكف عن الاقتتال، وعدم الانصياع للقادة في سفك دماء المجاهدين.

وحذّر ماهر علوش؛ عناصر هيئة تحرير الشّام من أن "يستعملهم" قادتهم في معركة، لم تكن، بحسب علوش، في يوم من الأيام معركتهم، معتبرا أن جريمة جبل الزاوية تحوّلت من جنائية إلى سياسية.

بدوره، رفض الشيخ رامي الدلاتي؛ الدعوات من قبل عدد من قادة الهيئة لاستئصال حركة أحرار الشام، مطالبا في الوقت ذاته الحركة بمعاقبة من يسيئون من عناصرها للهيئة على مواقع التواصل الاجتماعي.

اقرأ أيضا: بماذا ردّت "تحرير الشّام" على اتهامها بالسعي لضرب "الحر"؟

والتوتر بين الهيئة والأحرار ليس بجديد في ريف إدلب، إذ سبقت حادثة مقتل الرجلين بأيام؛ توترات بين الجانبين، شهدت تعزيز حواجز من قبل الهيئة بالقرب من معبر باب الهوى الحدود. وبينما قالت الهيئة إن هذه التعزيزات تأتي في إطار الجهود لمكافحة الخلايا النائمة لتنظيم الدولة، اعتبرتها حركة أحرار الشام تهديدا مباشرا لها.

وبالرغم من إعلان كلا الطرفين عن تفكيك عدد من خلايا تنظيم الدولة في إدلب، إلا أنّ بعض الأصوات من الطرفين تُظهر أن ما يجري من توترات في الشمال يأتي على خلفية الصراع الإيديولوجي، والحديث الذي يتردد بين الفينة والأخرى عن نية الجيش التركي الدخول إلى إدلب.

في هذا الإطار، يقول الناشط أبو معاذ المعري، لـ"عربي21"، إنّ التوتر الجديد بين الهيئة والحركة، وهو الأكبر على الساحة في الشمال، "ليس مرحلياً، ولا يرتبط بحادثة معينة، وإنما كل ما يحصل من تجاذبات بينهما، بشكل يومي، يهدف في النهاية لتغليب فصيل على آخر في الشّمال، كون الأحاديث البينية لقادة وعناصر كلا الطرفين، تتفق على أن الساحة لا تحتمل وجود تيارين متصارعين، وتمهد لصراع شامل بينهما، يؤدي في النهاية لسيطرة طرف على حساب آخر"، وفق تقديره.
التعليقات (1)
بسام
الجمعة، 14-07-2017 07:48 م
اولاد و سفهاء و بايديهم اسلحة... و بين فترة و أخرى يذكروننا ان نتفائل بالخير !!! اي خير هذا الذي سيأتي من افكار و تخطيطات طائشين! و الكل يعرف ان السلاح بيد -بعض الناس- يجرح . النظام ظالم و مكروه لكنه يبقى اقل وطأة و أكثر امانا من الوقوع تحت رحمة سفهاء طائشين يظنون انهم دعاة دين و عقيدة!!..و عقيدتهم صناعة امريكية..بمستوى جودة منخفض..الله يخلص المسلمين من شرورهم و فجورهم