كتاب عربي 21

خارج النص/ وطن أم قالب كيك؟

حلمي الأسمر
1300x600
1300x600
-1-

"حتى أولئك الذين يتصايحون للتحذير من مخططات الأعداء، يفعلون ذلك بناء على أوهام يتخيلونها وأساطير يتداولونها، وليس على أساس معرفي علمي. لذلك، يحبذ الخبراء الصهاينة نشر استراتيجياتهم المستقبلية علنا، لتوعية أكبر عدد ممكن من اليهود والإسرائيليين بها، دون أدنى قلق من اطلاع العرب عليها، فإمكانية تصدي حكوماتهم لتلك الخطط إزاء معرفتهم بها شبه معدومة".

هكذا تحدث إسرائيل شاحاك، المحلل السياسي الإسرائيلي والأستاذ في الجامعة العبرية- القدس المحتلة، رئيس الرابطة الإسرائيلية لحقوق الإنسان!!

هذه العبارة هي الوجه الآخر لكلمة تروى عن أحد قادة الصهاينة، وهو وزير حرب العدو موشي دايان، حين قال: العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لايفهمون، وإذا فهموا لا يطبقون،

أما مناسبة هذه المقولة، كما يروى، فهي كما يلي:

في الستينيات من القرن الماضي، زار صحفي هندي شهير اسمه كارانجيا الكيان الصهيوني، وأجرى حديثا مطولا مع موشي دايان، وزير الحرب آنذاك، وشرح دايان للصحفي الهندي أن إسرائيل ستدمر الطائرات العربية في مرابضها بضربة سريعة، ثم تصبح السماء ملكا لها، وتحسم الحرب لصالحها. 

وحينها تساءل كارانجيا باستغراب: كيف تكشفون خططكم بهذه الطريقة؟ فرد عليه دايان ببرود : لا عليك فالعرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يطبقون.

وعليه، قام الكاتب الهندي كارانجيا بتأليف كتابه الخطير بعنوان "خنجر إسرائيل"، روى فيه تلك المقابلة، قبل أن تقع حرب حزيران/ يونيو عام 1967، وعندما وقعت الحرب طبق الجيش الإسرائيلي كل تصورات دايان بحذافيرها التي ذكرها في مقابلته مع كارانجيا، وكانت توقعاته صائبة، فلم يقرأ تلك المقابلة أحد، ولم يستعد لها أحد، وإن قرئت كأنها لم تفهم، وإن فهمت، فلم يتم تطبيق ما فهم منها!

-2-

ثمة بحوث كثيرة منشورة هنا وهناك، ومن قبل مراكز دراسات معتبرة، وشخصيات مؤثرة، وتصريحات من مسؤولين كبار ورجال فكر وتخطيط، كلها تتحدث عن تفكيك الوطن العربي، وحدود سايكس/ بيكو تحديدا، وإعادة رسم خرائط جديدة، كأن هذا الوطن قطعة كيك. 

وحولها محتفلون بعملون سكاكينهم بها، ويوزعون قطعها عليهم، ولا أحد من أصحاب القرار أو من "ولاة الأمر" يدلي ولو بتصريح عن المسألة، كأنها لا تعنيهم، بل إنك غالبا ما ترى الأحداث والقرارات التي يتخذونها منسجمة كلها تماما مع ما هو مخطط، ولا من مقاومة أو قلق حتى!

الحديث عن إعادة ترسيم الحدود الجديدة للوطن العربي لم يعد مخططات ولا سيناريوهات، بل هو اليوم "برنامج عمل"، ويتم تنفيذه بأيدينا وبأيديهم، بهمة ونشاط منقطعي النظير. 

والأنكى من ذلك كله، أن مال العرب يمول التفكيك، وإعادة رسم الحدود، وما علم من يدفع هذا المال أن الدور عليه بعد الانتهاء من أكل الثور الأبيض!
التعليقات (0)