ملفات وتقارير

هل خلافة تنظيم الدولة ظاهرة عابرة حقا؟

باحثون قالوا إن تنظيم الدولة ظاهرة كيانية عابرة لن يُقدر لها البقاء- يوتيوب
باحثون قالوا إن تنظيم الدولة ظاهرة كيانية عابرة لن يُقدر لها البقاء- يوتيوب
بعد سقوط الموصل "عاصمة خلافة" تنظيم الدولة، انتعش من جديد توصيف بعض الباحثين والمحللين لـ"خلافة البغدادي" بـ"الظاهرة العابرة"، وهو ما يتوافق تماما مع توقعاتهم السابقة.

ووفقا لأستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الأردنية، وليد عبد الحي فإن "داعش ظاهرة كيانية عابرة، ولن يُقدر لها البقاء، ولن يبقى منها سوى جثة سيستثمرها البعض لبعض الوقت، وإن الظواهر العابرة في الدراسات المستقبلية هي التي تظهر وتختفي في حدود 3 سنوات".

وردا على أسئلة "عربي21" حول توصيفه لخلافة التنظيم بالظاهرة العابرة، أحالنا عبد الحي على مقالاته وندواته السابقة التي أعلن فيها رأيه وتوصيفه لها بـذلك. 

وقال عبد الحي في مقابلة صحفية منشورة في (28 أغسطس 2014): "لا أشك بأن دولة "داعش" ليست أكثر من ظاهرة سياسية عابرة وغير مقدر لها البقاء، فهي حركة تحاول الحياة في بيئة محلية وإقليمية ودولية غير مساندة لها".

وأضاف: "لذا ليس أمام الخليفة "وصحابته" إلا الهرب بالمال الذي جمعوه، أو أن يقعوا في الأسر، أو أن يتناحروا فيما بينهم". 

من جهته وافق الباحث الفلسطيني في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد أبو فرحة على وصف خلافة تنظيم الدولة بالظاهرة العابرة، معللا ذلك بأن "التنظيم مهما بلغت قوته، وكثرت أعداد أتباعه، فإن خلافته التي أعلنها ولدت ميتة أصلا".

وتابع: "وبعيدا عن نظرية الاختراق والمؤامرة التي قد يكون جزء منها صحيحا، لكننا بمحاكمة التنظيم بحسب ظواهر الأمور، نجد أن التنظيم اعتمد في إعلان خلافته على حلم الشباب المجاهد التواق للعيش تحت حكم يطبق الأحكام، ويقيم الحدود، ويتمتع بالاستقلالية".

ورأى أبو فرحة أن "أمورا كثيرة كانت تشير إلى أن خلافة التنظيم عابرة، من أبرزها: عدم شعبية التنظيم وعدم التحامه بالحواضن الشعبية، وفي الوقت نفسه كثرة أعدائه".
 
وأضاف في حديثه لـ"عربي21" كذلك فإن مواقف العلماء ورموز الحركات الإسلامية، وحتى منظري السلفية الجهادية المهاجمة بشدة للتنظيم أفقدته الغطاء الإسلامي، كما أن دخوله في مواجهات مسلحة مع الفصائل الثورية أدّى إلى استنزاف قدراته".

بدوره رأى الكاتب والباحث المصري، صلاح الدين حسن أن خلافة البغدادي إن كانت ظاهرة عابرة، فإن تنظيم الدولة لم يكن كذلك، بل كان "خليطا متجانسا" من السلفية الجهادية على الطريقة الزرقاوية وتنظيم القاعدة، الذي اختار في وقت ما أن يخضع للأخير، ثم اختار في مرحلة أخرى الانسلاخ عنه وإقامة دولته الخاصة به.

ووفقا لصلاح الدين فإن التنظيم يعتبر "أحد أطوار التنظيمات الجهادية التي نشأت على الساحة أواخر تسعينات القرن الماضي، وبناء على ذلك فإن من المتوقع أن نشهد في المرحلة المقبلة نسخة جديدة، إما أن تكون أكثر تشددا من سابقتها، أو أقل تشددا إن حاولت مراجعة نفسها والاستفادة من أخطاء الماضي".

وأشار صلاح الدين إلى أن التنظيم "لم يكن يعتبر خلافة أبي بكر البغدادي هي الخلافة الدائمة، بل هي أولى إرهاصات الحديث النبوي "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"، فهم لا يرون في جيلهم ذلك الجيل الذي تنطبق عليه الشروط والمواصفات الدقيقة لجيل آخر الزمان".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "بعضهم كتب بشكل صريح عن أن هذه الخلافة سوف تتعرض لنكبة يعقبها تشرذم، ثم وحدة مرة أخرى، مما يرسخ في المخيال الجمعي لأتباع التنظيم روح الأمل التي تجعل الفكرة باقية وتتمدد، وليس الدولة بحدودها الجغرافية". 

لكن إن كانت خلافة التنظيم ظاهرة عابرة، فما هي الأسباب التي جعلتها كذلك؟ أجاب الباحث السوري المتخصص في الفقه الاجتماعي، إبراهيم سلقيني أن تنظيم الدولة لم "يشكل خلافة حقيقية، بل هم عصابة خارجية" على حد وصفه.

ولفت سلقيني إلى أن التنظيم يحمل فكر الخوارج، وهم كلهم ظاهرة عابرة، تماما كما وصفهم الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: "كلما ظهر منهم قرن قطعه الله"، مضيفا: "هذه سنة كونية ماضية".

وأوضح الباحث السوري لـ"عربي21" أن النصوص الشرعية تقدم توصيفا في غاية الدقة للظواهر الاجتماعية، وتأتي أحداث التاريخ في كل عصر لتصدقها. 

برؤية مغايرة رأى الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية أن إطلاق وصف "الظاهرة العابرة" على تنظيم الدولة، يتطلب مزيدا من التدقيق حين إطلاقه واستخدامه، فإن كان المراد به سقوط خلافة التنظيم ككيان سياسي فالأمر مقبول وواقعي، لكن إن أريد به قوة التنظيم وانتشار أيديولوجيته فالأمر ليس كذلك.

وشدد أبو هنية على ضرورة التفريق والتمييز بين "خلافة التنظيم" كسلطة وكيان سياسي، وبين التنظيم كقوة باقية وفاعلة على الأرض، فدولة التنظيم معرضة للسقوط والاختفاء تحت وقع الضربات القوية، أما التنظيم كقوة ضاربة فقد يختفي من هذه البقعة الجغرافية ليظهر في بقعة أخرى.

وذكّر أبو هنية بنموذج دولة طالبان التي سقطت قبل ما يقرب من 15 سنة، لكن حركة طالبان ما زالت قوة حاضرة ومؤثرة في الجغرافيا الأفغانية حتى بعد سقوط دولتهم.

وجوابا عن سؤال "عربي21": "هل يعني سقوط خلافة التنظيم تراجع قوته وحضوره على أرض الواقع؟ قال أبو هنية: لا ليس الأمر كذلك، بل معطيات الواقع تشي بأن التنظيم ما زال قويا، وإن اضطر للاختفاء في منطقة ما، فإنه سرعان ما يظهر في منطقة أخرى".

وأشار أبو هنية إلى أن تنظيم الدولة يدرك تماما أنه لا يستطيع مواجهة التحالفات العسكرية ضده بالطرق العسكرية الكلاسيكية، لذا فإنه سيتحول إلى خوض حروب العصابات والمغاوير، التي يجيدها تماما، مذكرا بما أنزله التنظيم من ضربات موجعة بالقوات الأمريكية في عهد الزرقاوي، والتي اضطرته للانسحاب من العراق.

ورجح أبو هنية أن التنظيم بتشكيلاته العسكرية والأمنية والإعلامية، وبما يحمله من أيديولوجيا دينية متشددة، وبما يتوافر تحت يديه من مصادر تمويل مجزية، سيبقى متواجدا وبقوة إلى سنوات طويلة قادمة، لأن الأسباب الموضوعية لوجوده ما زالت قائمة وموجودة.
التعليقات (2)
قاسم بوقداح
الأربعاء، 05-07-2017 09:39 م
اذا قضى الغرب على تنظيم الدولة في العراق و الشام، فسيجد نفسه في ورطة أكبر لأن البديل الوحيد المتاح امام التنظيم سيكون في داخل اراضي الغرب ذاتها، و هو ما بدأت ارهاصاته.
مراقب
الأربعاء، 05-07-2017 09:17 م
هدا ليس تحليل بل تعبير عن الكره والحقد ضد من اقاموا الخلافة