سياسة عربية

ذي نيويوركر: تطبيق قطر للمطالب يعني تخليها عن سيادتها تماما

كول قال إن تشديد الحصار سيدفع بقطر للدخول في تحالف أعمق مع تركيا وإيران- ا ف ب
كول قال إن تشديد الحصار سيدفع بقطر للدخول في تحالف أعمق مع تركيا وإيران- ا ف ب
نشرت صحيفة ذي نيويوركر مقالا للكاتب ستيف كول قال فيه إن قائمة الـ13 مطلبا التي قدمتها دول الحصار لا تصدق ولو طبقتها قطر لتنازلت عن سيادتها تماما. 

وقال كول إنه مع انتهاء المهلة التي وضعتها تلك الدول يوم الاثنين "لا يوجد ولا حتى أدنى فرصة لأن توافق قطر على المطالب الثلاثة عشر"، مذكرا أنه في خضم هذا التصعيد يتواجد ما يزيد عن عشرة آلاف جندي أمريكي في قاعدة العديد الجوية داخل قطر، ويستمر الطيارون والجنود الأمريكان في شن الحرب والقيام بطلعات جوية ضد تنظيم الدولة، وطالبان، وضد أهداف أخرى في كل من سوريا والعراق وأفغانستان.

ولفت الكاتب إلى أن الولايات المتحدة، من خلال تحالفها مع الدول التي تفرض الحصار على قطر، "تقدم تضحيات في سبيل محاربة بعض أعداء هذه الدول بينما تقوم هي بالاعتداء على حليف أساسي من حلفاء الولايات المتحدة، وكل هذا كما هو ظاهر بموافقة من الرئيس ترامب، الذي شجع دول الخليج عبر تغريدات له في تويتر على فرض الحصار على قطر".

وحول موقف ترامب الغير منسجم من الأزمة قال: "يعطي الصراع انطباعاً بأننا إزاء حالة من التنافر وعدم الانسجام باتت مألوفة في عهد ترامب، بتنا نرى، وبشكل متزايد حول العالم كما في واشنطن نفسها، الزعماء الذين لا يعتقدون أنهم قيد المساءلة والمحاسبة يتصرفون انطلاقاً من نزواتهم في إدارة العلاقات الدولية".

وأضاف: "مثل هؤلاء الرجال الأقوياء يخلطون بين التنمر والمهارة في إدارة شؤون الدولة، ومن خلال مبالغاتهم ينتهي بهم الأمر إلى الكشف عن سوءاتهم ونقاط ضعفهم، ويخلقون الفوضى ويولدون المخاطر".

وتابع الكاتب بالقول: "إن الفوضى العارمة التي تجتاح الخليج ما هي إلا حكاية من حكايات الحطام المحترق للربيع العربي، إذ يمثل تحالف الدول المشاركة في الحصار الثورة المضادة التي تشعر بنشوة النصر على الإخوان المسلمين وعلى غيرها من الحركات الشعبية التي انطلقت وحركت معها الجماهير العربية في مطلع عام 2011".

وأضاف كول الذي يترأس عمادة  كلية الدراسات العليا في الإعلام في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة أن "الحصار الذي فرض على قطر يمثل أحدث إعاقة للجهود التي ما لبثت تبذلها واشنطن منذ ثلاثة عقود لضمان وجود قواعد عسكرية في محميات الخليج السلطوية، التي تتحاشى الانتخابات وتقمع حرية التعبير والتجمع".

وتابع: "من حين لآخر، وفي أجواء يعمها التأزم أو الامتعاض، يضطر سلاح الجو الأمريكي إلى نقل قواعده من إمارة إلى أخرى، مثله في ذلك مثل العم الثري الذي يجبر على التنقل بين أفراد عائلته المتخاصمين والمتشاحنين دون أن يفهم بالضبط لماذا هذا التخاصم وذلك التشاحن. وقد يجد نفسه الآن مضطراً للانتقال من جديد".  

وقال الكاتب: "تشترك الدول الأعضاء في التحالف المحاصر لقطر في خوفها العميق وغير المنطقي من الإخوان المسلمين ومن إيران، وكلاهما فتحت لهما قطر بابها إلى حد ما. يصل الارتياب الجنوني من الإخوان المسلمين أقصى حد له بشكل خاص في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة".

وأضاف: "بينما تتمتع الجماعة بمصداقية عالية في الشارع ولديها مهارات جيدة في التنظيم، وتجد في ترويجها للديمقراطة والمشاركة السياسية مواصفات، لا يحظى أي من الحكام الدكتاتوريين لدول التحالف بها".

وحول إيران أضاف: "تعتقد الدول السنية الخليجية المغرقة في الطائفية أن الصراع متجذر في النصوص الدينية ويمتد لآلاف مضت من السنين وأنه مما أمر به الله. يضاف إلى ذلك أن إيران لديها شعب متعدد المهارات وإمكانيات اقتصادية هائلة يمكن أن تحدث نقلة نوعية فيما لو استبدلت حكومتها الدينية والطائفية والمسكونة بالثورية يوماً بحكومة تحديثية.


ونقل الكاتب عن محلل سياسي عمل فترة طويلة في المنطقة ويعرفها جيداً في حديث له هذا الأسبوع قوله "تعلم إيران أنها ستكون موجودة بعد مائة عام من الآن. وتركيا ستكون موجودة بعد مائة عام من الآن. أما دول الخليج فليست متأكدة من ذلك." ولأسباب وجيهة جداً. فكل ناطحات السحاب التي شيدت في دبي والدوحة والرياض والمنامة إنما قامت على قواعد هشة." 

وتساءل الكاتب: "إذن، لماذا الاستفراد بقطر، ولماذا الآن؟ أليست جميع دول الخليج الأغنى – قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت والمملكة العربية السعودية – بينها من نقاط الضعف المشتركة أكثر مما بينها من اختلافات وتباينات؟ ثم، إذا كانت الرياض قلقة حقيقة بسبب تقارب جارتها مع إيران، فلماذا الاستفراد بقطر؟ فسلطنة عمان لديها علاقات أوثق بكثير مع طهران مقارنة بقطر، ناهيك عن أن علاقات قطر بإيران ضرورة تمليها حقيقة أن البلدين يشتركان فيما بينهما في حقل غاز صخم. كما أن التسهيلات التي تقدمها قطر لجماعة الإخوان المسلمين، أو تعاونها معها، ليس أمراً خاصاً بقطر، فثمة شعبة للإخوان في الكويت وبعض أعضاء الجماعة هناك لهم مقاعد داخل البرلمان الكويتي، وفي الأردن شعبة للإخوان المسلمين تشارك بسلمية في النظام السياسي للدولة".

وعن قناة الجزيرة التي تطالب دول الحصار بإغلاقها قال: "لا يعبأ أعضاء التحالف الفارض للحصار بأن يستروا نواياهم تجاه هذه القناة الإخبارية متعددة الجنسيات، والتي توفر منصة نادرة للحوار الحر وللدفاع عن مختلف وجهات النظر والآراء في العالم العربي. ولا أدل على ذلك من تصريح سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى روسيا الذي أدلى به لصحيفة الغارديان، حيث قال: "نحن لا ندعي أن لدينا حرية إعلام، ولا نروج لحرية الإعلام".

وعن الحلول قال كول: "أحد المخارج هو التراجع بهدوء والقبول بما هو أقل مما أعلن عنه على الملأ من مطالب، والاكتفاء بأن قطر التي تعرضت للعقاب من جديد قد تعمد بعد هذا الحدث إلى تقليص أشرعتها والانضباط، على الأقل حتى حين".

وعن احتمالات التصعيد العسكري ضد قطر قال: " يوجد احتمالات للتصعيد وصولاً إلى نقطة لا تتسنى العودة من بعدها، و قد تلجأ المملكة العربية السعودية وحلفاؤها على سبيل المثال إلى غزو قطر والإطاحة بالعائلة الحاكمة هناك. أو، وهذا هو الاحتمال الأكثر واقعية، سيدفعون بقطر نحو الدخول في تحالف أعمق وأكبر مع كل من تركيا وإيران، وينالون من صدقية الدوحة من وجهة النظر الساذجة للرئيس ترامب، ويشجعون سلاح الجو الأمريكي على المضي قدماً في الاستعداد للرحيل من جديد". 

وفيما يتعلق بخروج القاعدة الأمريكية من قطر قال الكاتب : "يقال بأن دولة الإمارات العربية المتحدة على استعداد لاستضافة الطائرات والقيادة العسكرية الإقليمية للولايات المتحدة التي تتخذ حالياً في قاعدة العديد مقراً لها. فالبلد فيه فائض من الفنادق والمنتجعات ولكن تنقصه قوات المشاة الموالية، ولا يضيرها بتاتاً أن تستعين بمزيد من الحرس المسلح".

وختم الكاتب مقاله متحدثا عن التحالف بين الدوحة وواشنطن في هذه المرحلة الحساسة قائلا: "بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فقد أثبتت الأحداث أن ارتباطاتها التي يعتد بها في الخليج ليست بتلك المتانة. ومع ذلك، سيكون التخلي عن قطر في هذا الوقت نوعاً من الاستسلام للعدوان والكبر والعجرفة".
التعليقات (0)