قضايا وآراء

الوعد الإماراتي بشرق أوسط جديد (2)

حمزة زوبع
1300x600
1300x600
ليس ثمة شك الآن على الأقل في أن الكيان الصهيوني نجح وبامتياز في تجنيد دول عربية صغرى وكبرى لتكون من بين أبرز حلفائه والسبب يعود إلى أن الكيان الصهيوني قدم لهم خدمة العمر بدعمهم في الانقلاب على الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي وهو أول رئيس إسلامي منتخب ديمقراطيا وأول رئيس عربي يأتي بعد أعظم ثورة في التاريخ العربي.

هذه الثورة شكلت كابوسا لحكام العالم العربي المستبدين ولداعميهم في أمريكا وأوربا وفي الكيان الصهيوني، لأن استمرار الرئيس مرسي ممثلا للثورة كان سيشكل نواة صلبة لإرادة الشعوب في مواجهة مثلث السلطة والمال والاستقواء بالخارج .

كانت الإمارات هي نقطة البدء حينما قررت أن تساعد الجنرال الطامح للسلطة في الانقلاب على الرئيس محمد مرسي ولم تكن السعودية بقيادة عبد الله بن عبد العزيز بعيدة عن المشهد وكانت تل أبيب حاضرة ومؤثرة عبر تواصل بينها وبين الإمارات والسعودية وهو ليس تواصلا عبر وسائل الاتصال بل عبر لقاءات تمت على عدة مستويات بين ممثلين للأطراف الثلاثة الصهاينة والسعوديين والإماراتيين، وليست لقاءت أنور عشقي الخبير العسكري السعودي ولا رئيس المخابرات السعودية الأسبق تركي بن فيصل مع سفراء ووزراء صهاينة سابقين ببعيدة عن عيون العالم.

دعونا نتحدث بصراحة فالمملكة العربية السعودية تحتاج إلى العقل الصهيوني وشبكة العلاقات الصهيونية في المنطقة وفي أمريكا من أجل تنفيذ خطة بقائها وسط أجواء الربيع العربي والتربص الإيراني وبالتالي وبعيدا عن التفلسف الديني الذي يساق ليل نهار فإن المملكة لا ترى حرجا في تطبيع العلاقة مع الصهاينة في مقابل وقف التهديدات الأمريكية من الخارج ورغبة الشعوب العربية في التحرر في الداخل وهي مستعدة أن تدفع نصف ثروة شعبها وليس حكامها من أجل البقاء، وبالمناسبة فإن أمريكا مستعدة هي الأخرى أن تقبل نصف ثروة الشعب السعودي من أجل الحفاظ على النظام والثروة التي توهب لها دون عناء.

الوعد الإماراتي لا يتمثل في القضاء على الثورة العربية الكبرى التي بدأت في 2011 ولكنه يتمثل في طي ملف الصراع العربي الصهيوني وادخال الكيان الصهيوني في المنظومة العربية، فمن يتابع التسريبات سوف يجد أن الإمارات أو بالأحرى حكامها يتولون تسويق ما يسمى بالإرهاب الإسلامي وهو الملف الذي عجز الكيان الصهيوني عن تسويقه لأوربا وأمريكا وجاء عيال زايد ليقوموا بالمهمة على أكمل وجه وبإنفاق الملايين على وزراء ومسئولين أمريكان يمينيين ومتصهينين، وهو ما يعني لفت الأنظار عن قضية فلسطين وتحويل بوصلة العداء إلى الإسلاميين في المقام الأول وهي رغبة مشتركة بين السعودية والإمارات والصهاينة.

لم تكشف التسريبات التي خرجت من البريد الإلكتروني لسفير الإمارات في أمريكا عن جديد ولكنها قدمت دليلا ملموسا يمكن الاعتداد به قانونيا أو تاريخيا حين تسنح الفرصة للشعوب لكي يقوموا بالثأر من هؤلاء الذين باعوا الشعوب وثرواتهم واشتروا السلطة وصداقة بني صهيون.

هذه التسريبات التي تسبب الكشف عنها في غضب سعودي إماراتي قامت على إثره الدولتان بقطع العلاقات مع قطر وانحازت معها مملكة البحرين المتهم نظام الحكم فيها بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، ناهيك عن "رئيس" اليمن منصور هادي ودولة أخرى أو بالأحرى جزيرة مالديف "ربما لا يسمع عنها بعض القراء المحترمين"!

الغضب السعودي الإماراتي من التسريبات يؤكد ما ذهبنا إليه في تحليلات سابقة من أن المملكة والإمارات متورطة ليس في الانقلابات العربية، بل في علاقة غير مشروعة مع الكيان الصهيوني، وينذر التحرك السعودي الذي أعتقد أنه يمهد لانقلاب سياسي أو حتى عسكري في قطر بأن المملكة في طريقها للتطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني في إطار صفقة القرن وهو الأمر الذي أشرت إليه في مقالي السابق على هذا المقال.

من زاوية أخرى لست أتصور أن منظومة التعاون الخليجي قابلة للاستمرار ولو استمرت فسوف تستمر لوقت قليل لحين عزل ولي العهد السعودي الحالي محمد بن نايف وتنصيب الشاب محمد بن سلمان حاكما على السعودية شعبا وثروة وأماكن مقدسة.

سوف ينتظر حلف ابن زايد-ابن سلمان-نتنياهو بعض الوقت لحين ترتيب البيت السعودي والقضاء المبرم على عناد قطر وموقفها من الربيع العربي ليتم إعلان كيان جديد أو اتفاقية أمنية وتجارية لتأطير العلاقة الموجودة أصلا بين معظم دول الخليج والكيان الصهيوني.

لست أدري ما إذا كانت الاتفاقية ستعني خروج قطر وحدها من مجلس التعاون الخليجي، لأن دولة مثل عُمان-مسقط لها علاقات مع إيران ومع الكيان الصهيوني أيضا ولها موقفها غير المريح مع الإمارات والسعودية، أو دولة مثل الكويت التي لديها حرية وانفتاح وبرلمان لطالما سعت السعودية لغلقه مرات عدة ولكنها  فشلت.

أم أن الاتفاقية تعني خروج المتمردين وداعمي الثورات وإدخال الكيان الصهيوني ونظام الانقلاب في مصر في المنظومة الجديدة.
الأيام حبلى دعونا ننتظر
1
التعليقات (1)
احمد بابانا العلوي
الجمعة، 16-06-2017 03:38 ص
ونظرا للاوضاع الداخلية في السعودية لما بعد سلمان فا ابن زيد يريد اعادة تشكيل مجلس تعاون الخليج ليكون الكونبارس مع اسرائيل وبدعم من الادارة الامريكية الجديدة ..