صحافة دولية

كاتبة بريطانية: أنجيلا ميركل تظهر كيف يكون زعيم العالم الحر

الغارديان: ميركل قادرة على معارضة ترامب مباشرة- أ ف ب
الغارديان: ميركل قادرة على معارضة ترامب مباشرة- أ ف ب
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتبة سوزان مور، تقول فيه إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أو "زعيمة العالم الحر"، كما أصبح لقبها، لم تنتظر طويلا بعد مغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتعلن أن الأمور تغيرت.

وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ميركل قالت أمام جمع من 2500 شخص في ميونيخ، حيث بدأت حملتها الانتخابية: "إن الأوقات التي كان بإمكاننا فيها الاعتماد تماما على الآخر انتهت إلى حد ما.. لقد أحسست بذلك في الأيام الأخيرة الماضية، وعلينا نحن الأوروبيون أن نأخذ مصيرنا بأيدينا".

وتعلق مور قائلة إن "هذا الكلام كان كلاما دراميا من زعيمة لم تعتد على الدراما، ولن تمسك بيد ترامب قريبا، وقد يريحه سماع ذلك، لكن الاستخفاف بميركل، كونها عالمة فيزياء رثة، مكنها من التفوق على القادة الذكور المغرورين".

وتضيف الكاتبة أنه "قيل إنها التقت صدفة مع باراك أوباما في اليوم ذاته الذي التقت فيه بترامب، حيث أنها أخذت فترة حتى طورت علاقة صداقة مع أوباما، وقيل إنه لم تعجبها (الأجواء المكهربة) المحيطة به، وسعت إلى علاقة أكثر (حوارية)، وحصلت على ذلك". 

وتقول مور إن "رؤيتها خلال اجتماعات جي 7، ومؤهلات قيادة الدولة التي تملكها، وسهولة تعاملها، وبراعتها في التوسط للتوصل إلى صفقات، وإنشاء علاقات هو مثير للإعجاب أكثر من أي من قت مضى، وأسمع المزيد من الناس الذين يقولون إنهم يحبونها، وحتى اليساريين يحبونها، بالرغم من كونها من تيار الوسط، وفي الوقت الذي كان فيه ترامب يتنقل في أوروبا، مستعرضا ببلاهة جهله باللغات الأخرى والثقافات، وحتى مبادئ الأخلاق، كانت ميركل مسيطرة تماما، وفي الوقت الذي كان فيه خلفهم على عربة غولف؛ لأنه لا يملك قوة الاحتمال للمشي إلى أي مكان.. كانت هي تسير بخطوات كبيرة مع الزعماء الآخرين". 

وتلفت الكاتبة إلى أن "كل صورة نقلت لترامب كانت تظهره يتلعثم، أو يدفع الآخرين بكبر، أو تدفعه ميلانيا، في المقابل، فإن صور ميركل لها بهجة: تعبيرها عن الاستغراب لدى التعامل معه، وذلك البريق وتحريك كتفها، إنها متقنة لعملها بشكل جيد، لعبة لم يعرف ترامب شيئا عن كيفية لعبها".

وتقول مور: "كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعرف أنها تخاف من الكلاب، ولذلك أحضر معه كلبا (من نوع لابرادور) للقائها عام 2007، لكنها لم ترمش، وعلقت لاحقا قائلة: (أنا أفهم لماذا قام بفعل ذلك؛ ليثبت أنه رجل.. فهو يخشى من ضعفه)، فليس غريبا أننا رأينا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يسير باتجاه ترامب، لكنه يسلم على ميركل أولا".

وتؤكد الكاتبة قائلة: "طبعا لا يحبها الجميع، فقد شعر الإيرلنديون والبرتغاليون واليونانيون والإسبان والإيطاليون بدفعها باتجاه الإجراءات التقشفية، ثمنا لعضوية الاتحاد الأوروبي، وفي مرحلة ما حمل المتظاهرون اليونانيون صورا لها رسموا عليها شاربي هتلر، وسياساتها التوسعية، حيث ترى أنه يجب على كل بلد أن يكون بثراء ألمانيا ذاته، كانت مكلفة جدا لدول تراها ميركل أنها غير مسؤولة ماليا، وناقدوها في ألمانيا يرون أنها حققت (موافقة مشلولة)، ويشتكون من عدد الاستطلاعات التي أمرت بها، ومن أسلوبها العلمي في التعامل مع السياسة".

وتستدرك مور بأنه "في الواقع، فإن هذا هو السبب الذي يجعل ميركل جيدة جدا في إدارة الأزمات، لا تهمها الاستعراضات، لكن هناك رؤية وأخلاقيات وقلبا جعلتها قادرة على الدفع بسياسة استيعاب اللاجئين، وتطلب ذلك شجاعة حقيقية".

وتنوه الكاتبة إلى أنه "لدى سؤال ميركل عما إذا كانت ناشطة نسائية عندما كانت تجلس بجانب إيفانكا ترامب، فإن إيفانكا رفعت يدها مباشرة لتقول إنها ناشطة نسائية، في الوقت الذي ترددت فيه ميركل، التي قدمت الكثير للنساء، ثم قالت: (إن كنتم تظنون أني كذلك، فاذهبوا وصوتوا على ذلك)،  ويقول أصدقاؤها بأنها لطالما اعتبرت نفسها متحررة لنشأتها في ألمانيا الشرقية، حيث كان من الطبيعي للنساء أن يعملن، وزوجها جوخيم سوور، أستاذ الكيمياء النظرية لا يحتاج إلى ما يشعره بالأمان، ويعيشان معا حياة عادية غير مبهرجة، وصورها وهي تخرج لشراء البطاطا المقلية، أو منفعلة أثناء مباراة كرة قدم، أو تشرب البيرة ليست مفتعلة (للدعاية)، إنه ما تفعله، مع أنها لم تعد تدخن، أو تقضم أظافرها، وهو ما كانت تفعله عندما كانت أصغر، وهذا كله بالإضافة إلى الهوس، تسبب بصعودها في حزبها". 

وتقول مور: "يمكنك أن تراها اليوم، على عكس رئيسة وزرائنا، قادرة على معارضة ترامب مباشرة، وبأن تقول إن أمريكا ترامب ليست صديقة لأوروبا".

وتخلص الكاتبة إلى القول إنها "حقا امرأة غير عادية، فهي تقول ليست هناك مشكلات، بل هناك (مهمات) يجب حلها، وتجلس في الاجتماعات، وتقوم بإرسال الرسائل النصية، وترفض أن ترى نفسها بأنها زعيمة أنثى، وتفضل أن ترى نفسها واحدة من فئة السياسيين من الوزن الثقيل، ويتزايد وجودها في فئة خاصة بها، والمراقب لها لا بد وأن يقول لنفسه: هذا هو معنى ثابت ومستقر".
التعليقات (0)