قضايا وآراء

"متلازمة" الإخوان المسلمين!

جمال الدين طالب
1300x600
1300x600
دعوني أؤكد بداية، وبعيدا عن أي تبرير، أنني أختلف جذريا، بل أزعم أن لي "خصومة" فكرية مع "الإخوان المسلمين"، لكنني أستغرب هذا الهوس "المَرَضي" الذي يصيب كثيرين بهذا التيار بكل ما له "موضوعيا"، وما عليه. 
 
المفارقة أن "حُمّى الإخوان" وعكس "الحمّى" التي يصفها المتنبي في قصيدته الشهيرة "ليس بها حياء"! حيث "تُبدل لها المطارح والحشايا" السياسية والإعلامية العربية مع محاولات تصديرها غربيا خاصة عبَّر "الرشاوى التحريضية"! 
 
المفارقة أن يلتقي على هذه "المطارح والحشايا" العربية خاصة، و"بلا حياء"، تياران أساسيان متناقضان في كل شيء، إلا في نوبات "الهذيان التعريضي" حول الإخوان المسلمين، حيث يتحولان إلى ما يشبه "التوأم السيامي"! 
 
من جهة، تيار يزعم أنه حداثي تنويري علماني، الذي لا يكتفي مثلا بدعم "العسكري" عبد الفتاح السيسي وانقلابه الدموي ضد محمد مرسي، الرئيس المدني المنتخب ديمقراطيا لأول مرة في تاريخ مصر فقط لأنه "إخواني"، بل يُحرض على التنكيل واستئصال كل من تشتم منه رائحة "الإخوان المسلمين"، ومن جهة أخرى "قرينه" الذي يصفه بـ"القروسطي" الرجعي السلفي الوهابي!
 
تحول هذا الهوس بـ"الإخوان المسلمين" إلى "متلازمة" حقيقية من أعراضها "حمى هذيانية" تدفع المصابين بها لتحميل "الإخوان" كل مصائب العالم، ولم يبق إلا "ثقب الأوزون" و"كروية" الأرض، التي لا يؤمن بها تيار ديني سلفي يحب السيسي -مثل "قرينه الحداثي"- ولكنه لا يحب، بل يحرض ضد الإخوان!

بدا غريبا أن يدشن أمين عام "المركز العالمي لمكافحة التطرف"، الذي نُصب أخيرا باحتفالية كبيرة خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض، وبحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أولى تغريداته عبر حسابه الرسمي في "تويتر" قائلا: 
 
"التاريخ يشهد بأن الإخوان المسلمين وراء كل تطرف، وهم المظلة الحاضنة لكل الجماعات التكفيرية؛ فكأنها الجناح السياسي للجماعات المسلحة، والجناح العسكري". 
 
واعتبر أن الإخوان المسلمين يتفننون باستخدام "التقية". 
 
والمفارقة أن هذا التعبير يستعمل عادة من التيار الديني الرسمي الغالب في السعودية أي "الوهابية" للتهجم على "الشيعة"، فإذا به يستخدم لضرب "الإخوان المسلمين السنة"! 
 
ويرى مدير المركز أن "الإخوان المسلمين يستعملون التقية لإخفاء توجهاتهم، ومخادعة للناس في سبيل استقطاب المجندين. من واجبنا التنبيه على خطرهم وكشفهم".
 
وإذا كانت هذه التغريدة (وكما يُراد للمركز) أن تكون رسالة للخارج، وللغرب خاصة، فإن الرسالة قد "يرتد سحرها على الساحر"! 
 
فالاتجاه السائد في الغرب لا يفرق حقيقة بين هؤلاء المسلمين (بشيعتهم وسنتهم!)، وإن كان يتهم تيارا إسلاميا بعينه بالوقوف وراء الجماعات التكفيرية الإسلامية المسلحة، فإنه يسمى وبصوت عال "الوهابية"!

هناك بالتأكيد اتجاه سياسي وإعلامي "انتهازي"، أو"مؤدلج على طريقة الحداثيين العرب!". 
 
في الغرب قد "يرقص"، ويردد كلمات هذه الاتهامات الموجهة لـ"الإخوان"، وإن ليس بالضرورة "يتناغم" معها!  
 
وفي المقابل، فإن هناك اتجاها سياسيا وإعلاميا وأكاديميا فكريا يطرح أسئلة "موضوعية" عن الإخوان المسلمين، لكنه رفع صوته -مثلما اتضح في بريطانيا وأمريكا بشكل خاص- ضد حملات التجييش والتحريض والحظر (العربية أساساً!) ضد هذا التيار الإسلامي، الذي قَبِل مهما كان بقواعد اللعبة الديمقراطية. 
 
وأن التحريض والتضييق عليه بالعكس يصب في صالح التيارات الإسلامية التكفيرية العدمية العنفية المسلحة، التي لا يتردد هذا الاتجاه الغربي في القول إن "الوهابية" هي مشربها الرئيس!
التعليقات (0)

خبر عاجل