قضايا وآراء

مآخذ الشيوخ على الشباب

عصام تليمة
1300x600
1300x600
ذكرت في مقال لي سابق بعنوان: (مآخذ الشباب على الشيوخ والدعاة)، أن حوارا دار في اسطنبول بين عشرين من الشباب وعشرين من الشيوخ والدعاة، حول مآخذ كل منهما على الآخر، وتحدثت عن مآخذ الشباب، بشيء من الإيجاز، ولامني بعض الشيوخ الذين تعجلوا ولم ينتظروا حتى أذكر بقية الحوار، أني ذكرت مآخذ الشباب عليهم، ولم أذكر الشيوخ أيضا على الشباب.

وكما ذكرت في مقالي السابق أن الحوار كان بناء، ومثمرا، بدعوة من هيئة علماء فلسطين في اسطنبول. وكان مجمل مآخذ الشيوخ على الشباب كالتالي:

1ـ إغراق الشباب في العالم الافتراضي: وذلك أن الشباب يمضي معظم وقته على مواقع التواصل الاجتماعي، أو العالم الافتراضي، بينما لا تجد لهم وجودا حقيقيا على أرض الواقع، في مشروعات تنموية، أو مشروعات علمية تهمه وتفيد المجتمع، وكذلك تحول كثير من الشباب إلى مناضلين على الفيسبوك، لكن على أرض الواقع لا تجد له نضالا حقيقيا، هو كثير التواجد والشكوى والانتقاد على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه عند النضال العملي قل من تجده، وبخاصة شبابنا في الخارج من أبناء الثورات التي تم الانقلاب عليها.

2ـ سطيحة المصادر العلمية عند الشباب: كما يلاحظ بناء على ما سبق أن أصبحت هذه المواقع وغيرها مصادر لتلقي الشباب المعلومة، وبالتالي رسخت لدى كثير منهم سطحية علمية، سواء على المستوى الديني، أو بقية المستويات، ومواقع التواصل وغيرها، هي وسائل لنشر العلم، لكنها ليست دائما وسائل آمنة لتلقي المعلومة، ولا موثوق بها، وهو ما نلاحظه في معلوماتهم عن التدين، والإسلام، فكثير منهم يعتمد على السوشيال ميديا، من حيث التلقي، وربما كانت بعض هذه المواد تحمل تشكيكا لا تثبيتا، وتحمل رأيا سطحيا لا علميا ناضجا، وهو نفس خطئهم في بحثهم عن معلومات تخص مراحلهم العمرية، وبخاصة المراهقة، وما يليها، فيعتمد الكثير منهم على مواقع لا تعد دقيقة، بل تأتي بنتائج سلبية في هذا الملف.

3ـ تعجل الشهرة: ومن المآخذ كذلك على الشباب تعجلهم الشهرة، والشهرة وذيوع الصيت حق مشروع، ما دام يبتغي به وجه الله، وعند امتلاء الشخص بما يتكلم فيه، لكن التعجل في حد ذاته هو آفة، لأنه يؤدي في كثير من الأحيان، إلى تصدر من لم يتشبع بتخصصه، ويصبح مصدرا للرأي والقرار، سواء في الدين أو السياسة، والشعور بأنه أصبح رمزا، ونجما ملهما للشباب، وتكون عاقبة الشهرة دون التمكن: التشبث بالرأي، ولو كان سطحيا، وغير دقيق، فالشهرة مع الشاب غير الممتلئ علميا، تجعل منه عنيدا في الحوار والنقاش في الرأي.

4ـ التجاوز اللفظي في النقاش: ومن المآخذ على الشباب بروز ظاهرة واضحة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي التجاوز اللفظي، عند الحوار والنقاش، وعند نقده للشيوخ أو للكبار، رغم أن الفكرة يمكن أن تصل بدون هذا التجاوز، لكن بعض الشباب يلجأ للتجاوز اللفظي بديلا عن الحجة القوية، تعويضا عن ضعف حجته، أو عدم امتلاكه للرؤية الواضحة في نقاشه، والبعض يظن اللجوء لمثل هذه التجاوزات كنوع من الروشنة، أو الشاب المودرن الكيوت، الذي ينال إعجاب من حوله، وإن كانت هذه الظاهرة صارت مرصودة لدى الشباب وغيرهم، بل تعدت للفتيات، ولشريحة من النساء، مما يستلزم وقفة للبحث عن أسبابها، وسبل علاجها، وبخاصة أنها بدأت في الانتشار في أوساط من يوصفون بالتدين. 

أما وسائل علاج المآخذ المتبادلة بين الشيوخ والشباب، فهو حديث مقالات أخرى إن شاء الله، ولقاءات ومحاورات أخرى مع الشباب، بغية الإصلاح والتسديد.
0
التعليقات (0)

خبر عاجل