كتاب عربي 21

حقبة أردوغان الثانية في حزب العدالة والتنمية

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
 بدأت في تاريخ حزب العدالة والتنمية التركي، الأحد الماضي، حقبة أردوغان الثانية، مع انتخاب رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان رئيسا للحزب في مؤتمره الاستثنائي الثالث الذي عقد في العاصمة التركية أنقرة. وكان أردوغان استقال من حزب العدالة والتنمية في 27 أغسطس / آب 2014 بعد انتخابه رئيسا للجمهورية.

حقبة أردوغان الأولى في حزب العدالة والتنمية تمتد من اليوم الذي أعلن فيه تأسيس الحزب إلى اليوم الذي اضطر فيه ليودِّع الحزب بموجب الدستور. وحقق حزب العدالة والتنمية في تلك الحقبة نجاحات سياسية واقتصادية باهرة وإصلاحات ديمقراطية كبيرة أنهت تدخل العسكر في الشؤون السياسية، ونقلت البلاد من دولة غارقة في مشاكل سياسية ومالية إلى قوة إقليمية تواصل خطاها نحو العالمية ومنافسة الكبار.

حزب العدالة والتنمية في حقبة أردوغان الأولى واجه أزمات عديدة، ولكنه نجح في تجاوزها بسلام. وكاد عمره ينتهي عام 2008، حين طلب المدعي العام عبد الرحمن يالتشين كايا من المحكمة الدستورية إغلاقه بحجة أنه أصبح بؤرة للأنشطة المعادية للعلمانية، إلا أن المحكمة الدستورية رفضت هذا الطلب، واكتفت بمعاقبة الحزب بحرمانه من نصف الدعم المالي الذي يحصل عليه من خزانة الدولة. 

وفي حقبة أردوغان الأولى، كان حزب العدالة والتنمية يتنافس مع الأحزاب الأخرى في ظل النظام البرلماني ليحل في المرتبة الأولى ويحصل على عدد كاف من مقاعد البرلمان يمكِّنه من تشكيل الحكومة بمفرده دون الحاجة إلى الائتلاف مع حزب آخر. 

وكان يكفيه الحصول على أقل من 50 بالمائة من أصوات الناخبين لتحقيق هذا الهدف، كما كان في الانتخابات البرلمانية التي خاضها في 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2002 وحصل فيها على 34 بالمائة من أصوات الناخبين وتمكن من الفوز بــ365 مقعدا في البرلمان التركي من أصل 550 مقعدا. ولكنه اليوم في حقبة أردوغان الثانية، سيتنافس في النظام الرئاسي، ولن يكفيه الحصول على أقل من 50 بالمائة من الأصوات. وهو ما لفت إليه أردوغان في كلمته بالمؤتمر، حيث قال إن الهدف الجديد أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية هو العمل الدؤوب للحصول على أكثر من 50 بالمائة من أصوات الناخبين في الانتخابات القادمة التي ستجرى في 2019.

أردوغان دشن الأحد الماضي مرحلة التجديد في حزب العدالة والتنمية، لإعادة هيكلته، وضخ دماء جديدة في شريانه، وإفساح المجال لتولي الشباب مناصب قيادية في لجانه وفروعه ومؤسساته. وفي هذا الإطار، تم انتخاب طالبتين جامعيتين لعضوية لجنة الإدارة المركزية واتخاذ القرار في الحزب، كما أن رئيس الجمهورية التركي أكد في كلمته التي ألقاها الجمعة الماضية في القصر الرئاسي بمناسبة عيد الشباب والرياضة، أن حزب العدالة والتنمية عازم على منح الشباب المكانة التي يستحقونها.

حزب العدالة والتنمية تعرض في الفترة الأخيرة لمحاولات حثيثة تهدف إلى شق صفوفه وتقسيمه من خلال إثارة الفتن بين أعضائه وقادته. وبالتالي، يحتاج في الحقبة الجديدة إلى تعزيز التكاتف والتلاحم ورص الصفوف حتى لا يجد المتربصون به فرجة للتسلل إلى داخله. 

وفي حقبة أردوغان الثانية، سيكون على رأس أولويات حزب العدالة والتنمية، بصفته الحزب الحاكم، دعم جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن البلاد واستقرارها، كحزب العمال الكردستاني والكيان الموازي. كانت هناك انتقادات موجهة إلى بعض قادة الحزب وكوادره تتهمهم بالتكاسل وعدم مواكبة خطوات أردوغان في مكافحة تنظيم الكيان الموازي الإرهابي، إلا أن المتوقع الآنأن يقوم الحزب بإبعاد هؤلاء المتكاسلين عن مناصبهم واستبدالهم بقادة وكوادر أكثر حيوية ونشاطا يدعمون بقوة عملية تطهير البلاد من فلول الإرهابيين والانقلابيين وخلاياهم النائمة.

كاتب تركي
0
التعليقات (0)