كتاب عربي 21

الاستقلال الفكري والاقتصادي

محمد عمارة
1300x600
1300x600
إن أكبر ثلاث تجارات في عالم الرأسمالية الربوية الغربية المتوحشة هي:

1- تجارة السلاح.. الذي تباد به ملايين البشر في الحروب العالمية والمحلية.

2- وتجارة المخدارات التي تدمر العقول وتخدر الشعوب.

3- وتجارة الدعارة، في النساء والأطفال، والتي يبلغ عائدها، في الأطفال وحدهم وفي أمريكا وحدها، ملياري دولار سنويا.

وإن 90% من العقول والأبحاث العلمية، على نطاق العالم الغربي، موظفة بشكل مباشر أو غير مباشر في خدمة الصناعات الحربية.

وأكثر من 95% من رأس المال العالمي، في النظام الرأسمالي الربوي، موظف في المضاربات والسمسرة، بحثا عن الربح السريع والأعلى، وليس في الإنتاج والخدمات، وذلك لانخفاض القوة الشرائية لأغلبية سكان العالم!

وإن الشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات، والمجتاحة للسيادة في الدول الوطنية والقومية، تقترض الدولارات بفائدة 6% لتقرضها لدول الجنوب بالفائدة المركبة التي تتراوح بين 20% و50%، الأمر الذي جعل الكثير من الدول المدينة، في عالم الجنوب، عاجزة عن سداد فوائد الديون - مجرد الفوائد - التي تزيد قيمتها أحيانا عن قيمة صادارات تلك الدول!

الأمر الذي يستوجب على عالم الإسلام - كي يكون إسلاميا حقا - الخروج من عموم هذه البلوى، وذلك بإقامة سوقه الإسلامية المشتركة، وكتلته الاقتصادية، التي تطبق فلسفة الإسلام في الثروات والأموال، وتسلك الطريق اللاربوي في تنمية هذه الثروات والأموال.

لقد استعمرت أوربا أفريقيا خمسة قرون، اعتصرت فيها ثروات القارة السمراء وخيراتها كما تعتصر الليمونة، ثم ألقت بها إلى النخبة السياسية والثقافية التي صنعها الاستعمار على عينه، فلما حكمت هذه النخبة واصلت طريق التبعية للمركز الحضاري الغربي، وغدت القروض الربوية هي الغواية الجديدة التي ترهن ثروات أفريقيا وخيراتها، كما كان "الخرز" هو الغواية التي بدأ بها الاستعمار نهب هذه الثروات والخيرات في الزمن القديم!!

وهذه الحال البائسة التي قامت في أفريقيا هي ذاتها القائمة في كل عالم الجنوب، وفي المقدمة منه وطن العروبة وعالم الإسلام.

وإذا نحن نظرنا إلى تجارب التاريخ، وعبرة هذا التاريخ، فإننا واجدون أن السبيل إلى التحرر والتقدم والنهوض لابد أن يبدأ أولا بتحقيق "الاستقلال الفكري" الذي يعتق الأمم والشعوب من التبعية لمراكز الهيمنة والاستلاب.

ثم يأتي بعد "الاستقلال الفكري" "الاستقلال الاقتصادي" الذي يحرر ثروات الأمة من النهب الإمبريالي، ويحرر مؤسساتنا الاقتصادية من قيود مؤسسات الهيمنة التي تسترق بلادنا بالتبعية الاقتصادية للغرب الإمبريالي.

لقد كان "التوحيد" - عند ظهور الإسلام - هو المحقق للاستقلال الفكري، الذي حرر المسلمين الأوائل من عبادة الطواغيت، فكانت العبودية لله وحده قمة الحرية والتحرير للإنسان التي فجرت فيه الملكات والطاقات.

فلما أقام هؤلاء الأحرار الدولة، أنشأوا السوق التي حررت اقتصاد المدينة المنورة من سيطرة اليهود، ثم جاء إحياء الأرض الموات، فتحقق الاستقلال الاقتصادي الذي جسد الاستقلال الفكري في واقع الممارسة والتطبيق.
1
التعليقات (1)
محمد صلاح الدين
الخميس، 12-10-2017 03:46 م
طيب هذا على المستوى الدولى والفردى كيف يكون ؟