قضايا وآراء

أسرانا في سجون الانقلاب

حمزة زوبع
1300x600
1300x600
التظاهر حق مشروع للمواطن ضد سياسات اي حكومة حتى ولو جاءت بأغلبية كاسحة فما بالك بسلطة جاءت على ظهر دبابة عسكرية ومن فوقها كانت تحوم طائرات الهيليكوبتر فوق رؤوس المتظاهرين تحذرهم من التظاهر رغم أن الجيوش من المفترض ألا علاقة لها بالعمل السياسي والتظاهر جزء منه . 

تعامل الانقلاب مع القوى الثورية على أنها عدو وأنه في حالة حرب مفتوحة مع هذا العدو الافتراضي  بلا أي  ضوابط ولا  أدنى محاذير ، على الرغم من أن القوى الثورية التزمت العمل السلمي المتمثل في التظاهر فقط لا غير إلا أن الانقلاب اعتبر التظاهر في حد ذاته عملا عدوانيا ضد الدولة وليس ضد النظام ، وهذا قلب للحقيقة وتزييف للواقع وللوعي أيضا . 

ونتيجة لهذا التوصيف فقد قام الانقلاب باعتقال أعداد تعد بعشرات الألوف من الثوار والمتعاطفين معهم وتعامل معهم كما لو كانوا أسرى حرب أو موقعة حربية دارت بين طرفين أو معسكرين لدى كل منهما أسلحته وعتاه العسكري بينما الواقع أن الانقلاب وحده هو من كان يملك السلاح والقوى والعتاد المادي والبشري والاستخباراتي والإعلامي ، ورغم ذلك اعتمد استراتيجية أسر الخصوم والمقايضة عليهم . 

لا يمكن وصف الثوار بأنهم طرف محارب أو أنهم ميلشيات مسلحة فبعض هؤلاء أو معظمهم أو على الأدق الأغلبية الساحقة منهم تم القاء القبض عليهم في مسيرات ومظاهرات سلمية جابت قلب عواصم المدن وكانت علنية وسلمية لم يتم رصد حالات اعتداء على المكون الاتقلابي والمشكل من الأمن والجيش والمخابرات ومليشيات غير عسكرية من البلطجية وأحيانا من شباب الكنيسة.

كما أن هؤلاء المعتقلين لم توجه لهم تهم تجعل منهم أسرى لحرب حقيقية فكل تهمتهم الاخلال بقانون التظاهر وبعضهم اعتقل قبل هذا القانون ولا يزال رهن الاعتقال  ، ومن خرج منهم خرج على ذمة قضية سياسية وليس بتهمة ارتكاب عنف أو محاربة الدولة إنما الاعتراض على طريقة الحكم وهذا أمر مشروع  أقره حتى الدستور الي صنعه الانقلاب على عينه . 

ولو افترضنا أن هؤلاء محاربين أو ينتمون للعدو وهذا ليس بصحيح على الاطلاق فإن القوانين والتشريعات الدولية التي تعالج مسألة الأسرى لا يطبقها النظام على أبناء بلده ومواطنيه . 

تنص اتفاقية جنيف الخاصة بالأسرى والتي دخلت حيز التنفيذ في 21/10/1950  في مادتها الأولى على أن  " الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم علي العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة، أو أي معيار مماثل آخر" ، هذا بالنسبة لأسرى الحرب فمابالك بالمعتقلين على خلفية سياسية ؟ 

 تمنع هذه الاتفاقية الاعتداء الجسماني والنفسي والتشويه والتعذيب أو استعمال القسوة مع الأسرى ، وتطالب بمعالجة الجرحى ولامرضى و تحظر الاهانة الشخصية والاعتداء على الكرامة بأي شكل من الأشكال ، كما تحظر السجن بدون محاكمات.

  هنا أطالبك عزيزي القارئ أن تقوم بمراجعة  سجل  المعتقلين لدى الانقلاب وراجع أعداد المرضى وكبار السن والمصابون بسبب اطلاق الشرطة والجيش النار على المصابين واسأل ضميرك الانساني عن نوعية المعاملة التي يتلاقاها هؤلاء الذين لم يحاربوا الدولة إنما انتفضوا ضد النظام طلبا للحرية والعدالة والكرامة ؟ ثم اسأل العالم الحر الأعمى لماذا عميت عيناه عن هؤلاء وفتحت فقط لحالات فردية ناضل من أجل اخراجها لتحقيق نصر سياسي كما فعل الرئيس الأمريكي دونالد  ترامب الذي جعل من اخراج آية حجازي وعائلتها من سجون السيسي ورغم أنف نظامه القضائي نصرا سياسيا أدرجه على قائم انجازاته في المائة يوم الأولى لاعتلائه كرسي الحكم في البيت الأبيض .

سكت العالم عن التعامل غير الآدمي مع  الرئيس محمد مرسي الرئيس الفعلي للبلاد والذي غيب في غيابات السجون لأربع سنوات ولو كان زعيم تنظيم مسلح أو وزير حربية دولة معادية لربما سمح للصليب الأحمر بزيارته والاطمئنان على سلامته الشخصية ، ولكنه ولأنه أول رئيس منتخب بعد أول ثورة حقيقية في مصر فقد صمت الجميع ، وحتى أولئك الحكام العرب الذين سارعوا  لزيارة رفيق دربهم في الاستبداد حسني  مبارك وهو قيد المحاكمة لم يخجلوا من أنفسهم وهم يرون رئيسا شرعيا يلقى به خلف القضبان ومن أين يأتيهم الخجل وهم الذين لم يخجلوا حين أعدم الشيعة والأمريكان رئيس دولة عربية كبيرة الرئيس صدام حسين  صبيحة يوم العيد. 

إن صرخة الرئيس محمد مرسي أثناء المحاكمة الصورية التي تجرى لهم  والتي احدثت دويا يجب أن يبنى عليه مستقبلا من أجل استعادة القضية المركزية وهي الثورة في مواجهة الانقلاب ، الكرامة في مواجهة الإهانة ، العدالة في مقابل الظلم ، الشفافية في مواجهة الفساد ، الدولة في مواجهة شبه الدولة ، الثورة في مواجهة الفوضى ، و أخيرا الشعب في مواجهة  العسكر . 
2
التعليقات (2)
طير حيران
الأربعاء، 17-05-2017 09:47 ص
صدقنى د . حمزة معظم المصريون مغيبون تماما بسبب غسيل أدمغتهم والضلال الذي يعيشون فيه وهم به سعداء ... لذلك تجدهم سعداء بوجود أناس كثيرون من الشباب وغيرهم فى المعتقلات بل ويدعون الله أن يموتوا فيها ( أقسم بالله أن هذا موجود من غالبية الناس ) فالمراهنة على المصريين ( مراهنة فاشلة ) وإقرأوا جيداً
عبدالله العثامنه
الأربعاء، 17-05-2017 06:39 ص
المصريون: أرادوها شورى؛ جائهم شاور.