مقالات مختارة

حان الوقت حتى "تسمعّونا صوتكم"!

عبد الناصر بن عيسى
1300x600
1300x600
"سمّع صوتك" التي قرأناها على مدار أيام، في الجدران، وفي محطات الحافلات، وفي مختلف الصحف الوطنية، على صورة رجل تَرقي، وصبي بريء، وحتى "شابة أمريكية" لا تعرفنا ولا نعرفها، وعلى لسان بعض فناني "الراب"، كان الردّ عليها نهار أمس، من كل فئات الشعب، بين مقبل استجاب للنداء، ونافر، وغير مهتم إطلاقا بالحدث الانتخابي، تجلّى بوضوح من خلال حركة الشارع الجزائري، واهتمام الناس، وبدرجة أقل، بالأرقام المتباينة، ما بين ولاية وأخرى.

وعلى السلطة، والذين دخلوا معترك السياسة في الجزائر، وحاولوا أن يكونوا ضمن الفاعلين، تحمّل مسؤولية النتيجة التي حصلت عند غلق صناديق الاقتراع، والتي لا يمكن مهما حاول البعض، وصفها بـ"المقبولة"، والاستدلال بنتائج عمليات انتخابية في بعض البلدان الأوروبية ومقارنتها بما حدث عندنا، أن نقول بأنها قد رمّمت الجسر المحطّم ما بين السلطة والقاعدة.

وإذا كان الجواب من الطلب الرسمي، "سمّع صوتك"، ظهر أمس، وهو الذي حدّد إكرام الممتحن، في اختبار أمس، أو إهانته، فإن السلطة عليها الآن أيضا أن تُسمعنا صوتها، وعلى الذين حققوا مرادهم في بلوغ مجلس الشعب، أن لا يمضوا سنواتهم الخمس القادمة، مثل الذين سبقوه، لا يُحسنون سوى رفع الأيدي.

لا مشكلة أن يجتهد المرء، ولا أن يحقّق مراده، فالحياة دواليك، وحسب الإنسان أجر الاجتهاد والمحاولة، ولا مشكلة، أن تظهر السلطة نيّتها في التغيير، وفي إشراك الناس في الحلّ ولا يستجيبون في غالبيتهم، لكن أن لا نلتفت لردّ "عدم الاستجابة" لنداء "سمّع صوتك"، أو نسمع ما نريد ونحبّ، وليس كما جاء الردّ، فتلك هي المعضلة التي تجعلنا ننفخ ما هو مثقوب، ويصبح نداء "سمّع صوتك" الذي أطلقته السلطة، حتى بحّت حنجرتها، وصرفت لأجله الملايير بالعملة الوطنية والعملة الصعبة، التي نالت منها الشركة التي سوّقت الشابة الأمريكية صاحبة الخمار الأخضر الكثير من الدولارات، مجرّد صيحة في واد.

ولا مشكلة أن يكون غالبية الذين حصلوا على مقاعد البرلمان القادم، من الذين استعملوا طرقا ملتوية للحصول على المِنح والامتيازات والحصانة، ولكن المشكلة أن لا يُسمّعونا أصواتهم، ويبقوا صمّا، عندما يسمع الحجر، وبُكما عندما يطلب منهم المواطن البسيط ببراءة: "سمّعونا صوتكم".

انتهى الامتحان الأول، ولكل نتيجته وتقييمه للمشهد الانتخابي، بين من رأى نجاحه شعبيا، وبين من اعتبره حلقة جديدة من الفشل في رأب الصدع، الذي أصاب الجسر الرابط بين المواطن والقمة، وسيبدأ الامتحان الشفوي الثاني، ولا نتمنى له نهاية مثل الذي سبقه.

أجمل ما في الانتخابات التشريعية الحالية هو شعار "سمّع صوتك"، فقد كان مناسبا في ظرف خاص، تمرّ به الجزائر، صار فيه المواطن والشاب على وجه الخصوص معتكفا في مغارته الخاصة، لا أحد يفهم له اتجاها أو مطلبا أو حتى أمنية، فجاء النداء "سمّع صوتك"، وكان الرد! 

الشروق الجزائرية
0
التعليقات (0)