مقالات مختارة

تركيا والطريق الجديد

فايز الفايز
1300x600
1300x600
خاضت تركيا خلال الأشهر الماضية معارك حرب باردة وطاحنة مع الكثير من المنافسين والمناوئين للديمقراطية التركية حسب الطراز المتفرد للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وإن كانت الخاتمة هي "نعم" كبيرة وضعها الناخبون الأتراك في صناديق الاقتراع داخل وخارج تركيا، فإن البلاد هناك بدأت مرحلة جديدة لإعادة بناء نظام حكم أراده أكثر من نصف الشعب التركي، وبهذا تكون تركيا قد انتصرت مرتين خلال أقل من عام في معركتين متضادتين؛ الأولى المحاولة الانقلابية على الديمقراطية وحكم الرئيس أردوغان، المدعومة من جهات خارجية، وتلقاها الشعب بصدورهم لعرقلة طريق الدبابات، والثانية هي معركة الصناديق التي ناهضتها جهات خارجية وداخلية مدعومة، جعلت المشهد أكثر طرافة من المتوقع.

ورغم محاولات دول أوروبية وغربية، تبيع الديمقراطية والحرية في السوق السوداء، أن تعرقل مسيرة تقرير مصير الدولة التركية والشعب في الداخل والمهجر، فإن النتيجة جاءت مخيبة لطموحاتهم التي لم تكن خافية، فالجميع يريد تركيا جناحا ضعيفا تابعا لأوروبا كجار مزعج ولكنه غير ضار، ولكن بإرادة الشعب التركي، تم صفع كل المتشدقين بالديمقراطية والمدنية والحرية وعدم التدخل بشؤون الدول الأخرى، على وجوههم ليعرفوا أن الشعب التركي لم يعد رعايا كمال أتاتورك ليقودهم عمالا وعبيدا لخدمة الإمبراطوريات الغازية والمستعمرة، بل هو شعب عرف كيف يبدل جلده القديم ليتنفس مستشرفا المستقبل على طريقته الخاصة.

اليوم نقترب من السنة الأخيرة لذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى، والتي كانت نتيجتها تهافت الدول الأوروبية على الخلافة العثمانية، وصعود الاتحاديين والليبراليين ليتحكموا بمصير الدولة العثمانية حتى تركوها وجعلوها تابعة بعدما كانت قائدة، ورغم التذلل والتعبد في محاريب الغرب، لم تستطع تركيا الجديدة آنذاك من التميز وتحقيق الذات كدولة حرة، فالعسكر بدأوا منذ خمسينيات القرن الماضي السيطرة على الحياة المدنية، وأسسوا إمبراطورية الفساد العسكرية، حتى تدهور الاقتصاد وغرقت تركيا في الديون وشاع الانحلال ووقع الشعب تحت نير الفقر، إلى أن جاء أردوغان بكل صرامة ليضع خارطة طريق للخلاص، وهذا بالطبع لا يعجب الطامعين.

في قراءة لتعليقات العديد من المحللين العرب الذين يحاولون عبثا أن يثبطوا من عزيمة النهوض السياسي الإسلامي الاستشرافي في أكبر دولة سنية في غرب آسيا، نجد الأوصاف التاريخية التي يطلقونها على الرئيس أردوغان، فمن السلطان إلى الخليفة إلى الإمبراطور، ولكنهم عمّوا عن التميز والتفرد والديناميكية في تطويع المتغيرات لصالح مستقبل الدولة، ففي التعديلات الجديدة ظهر الفصل بين الازدواجية ما بين صلاحيات الرئيس ورئيس الحكومة، والنظام الرئاسي نجده في عدد من دول العالم والولايات المتحدة أكبر مثال، فيما حققت التعديلات لمجلس النواب الحق في محاكمة الرئيس، وإلغاء المحاكم العسكرية وغير ذلك من النصوص التي توافق عليها الشعب التركي لاختيار طريق جديد لدولته.

بقي القول أن تركيا حققت فتحا جديدا، وبدأت التغيير عندما قرر الشعب والنظام التغيير بملء صناديق الاقتراع بأوراقهم، فيما لا تزال دول تسخر من الطريقة التركية تملأ صناديقها بالرصاص والقتل، وغيرها يملأ صناديق الأموال ليبعث بها إلى عملائهم وجواسيسهم وأذنابهم في عالمنا العربي والإسلامي؛ كي يحرضوا على تعهير المجتمعات والدعوة لانحلالها وبث الروح المعادية للعقيدة الوطنية، وأكثر من ذلك التجييش العسكري والإعلامي لقتل الأبرياء والنيل من استقرار البلاد وأمن العباد.

الشرق القطرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل