اقتصاد عربي

تصريحات حكومية متضاربة حول رفع دعم السلع بمصر

نحو 70 مليون مواطن مصري يستفيدون من دعم السلع التموينية
نحو 70 مليون مواطن مصري يستفيدون من دعم السلع التموينية
حذر اقتصاديون وخبراء وسياسيون وناشطون مصريون؛ من تحويل الحكومة الدعم العيني للسلع التموينية، إلى الدعم النقدي، بحجة أن هذا الأخير يصل مباشرة إلى مستحقيه.

والدعم النقدي هو تقديم أموال نقدية شهرية إلى المواطنين محدودي الدخل.

وتضاربت التصريحات الحكومية حول رفع "الدعم السلعي"، حيث قال وزير التنمية المحلية عادل لبيب، إن هناك ضرورة لرفع الدعم الذي تقدمه الدولة بمليارات الجنيهات نهائياً خلال الفترة المقبلة "مع توصيله للفقراء يداً بيد".

وأشار خلال افتتاح المؤتمر الدولي بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بالإسكندرية، أول أمس الخميس، إلى موافقته على رفع الدعم عن البنزين، خاصة وأن الفقراء لا يستفيدون منه، على حد قوله.

في المقابل؛ قال الناطق باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، محمود دياب، إن سلبيات الدعم النقدي أكثر من إيجابياته، مؤكداً أن تطبيقه يؤدي إلى حدوث تضخم كبير، وفورة في أسعار السلع لا يمكن كبح جماحها.

وأضاف دياب لـ"عربي 21": "أجمع الخبراء على أن الدعم العيني أفضل بكثير من الدعم النقدي، خاصة إذا علمنا أن الأسعار تزيد بشكل كبير مع إقرار الحكومة لأية علاوة، فكيف بها إذا تحول الدعم السلعي إلى دعم نقدي؟".

وتابع: "سيشكل ذلك ضغطاً غير مسبوق على الأسواق، ويؤدي إلى زيادة الطلب وقلة المعروض، ما يهدد بثورة جديدة في الأسعار لن يمكن التحكم بها".

كارثة على الفقراء

 من جانبه؛ قال مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية الدكتور عبدالمنعم السيد، إن تحويل الدعم العيني إلى نقدي "كارثة على الفقراء ومحدودي ومتوسطي الدخل"، معللاً ذلك بـ"عدم وجود قاعدة بيانات صحيحة ودقيقة لتحديد مستحقي الدعم".

وأضاف لـ"عربي21" أن خطوات الدولة نحو رفع الدعم خلال السنوات القليلة القادمة "لا تتناسب مع معدلات القضاء على البطالة وزيادة فرص العمل، وتحسين الدخل"، مؤكداً أن "أحد أهم الأسباب في عدم تعظيم إيرادات البلاد؛ هو الفكر التقليدي والمتحجر للدولة العقيمة والعميقة" على حد وصفه.

وأوضح أن من أعظم أسباب عجز الموازنة هو "انخفاض الإيرادات سنة تلو الأخرى، بما لا يتناسب مع حجم الثروات البشرية والموارد الطبيعية في البلاد"، مشيراً إلى أن "المحاجر والمناجم يتم بيعها بأسعار بخسة؛ مقارنة بالأسعار العالمية، وهي وحدها كفيلة بحل جزء كبير من عجز الموازنة لصالح الفقراء".

وكان وزير المالية المصري هاني قدري قد أعلن في تصريحات إعلامية، أن العجز في الموازنة الجديدة للعام المالي 2014 - 2015 يصل لنحو 10 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، أي نحو 240 مليار جنية مصري (34 مليار دولار).

واستهجن المتحدث باسم حزب التجمع نبيل ذكي، فكرة تحويل الدعم العيني إلى نقدي، مشيراً إلى أن ذلك سيزيد التضخم، "ويجعل من الفقراء لقمة سائغة لارتفاع الأسعار، ما يوسع الفجوة بينهم وبين الأغنياء بشكل كبير".

وتساءل في حديثه لـ"عربي21": "لماذا لا يتم القضاء على الفقر بدلاً من القضاء على الفقراء؟ ولماذا لا يحارب الفساد بدلاً من تقنينه؟ ولماذا لا تكافح البيروقراطية بدلاً من زيادتها؟".

تعجيل للثورة


أما حزب مصر القوية؛ فانتقد عدم "وجود توجه اقتصادي واضح للدولة، باستثناء زيادتها الأعباء على الفقراء والطبقات الكادحة والعاملة والمتوسطة".

وقال المتحدث باسم الحزب أحمد إمام لـ"عربي 21" إنه "منذ مقولة المشير السيسي الشهيرة بأن (الشعب لم يجد من يحنو عليه) والمواطن معاناته في ازدياد"، مضيفاً أن "السلطة مشغولة بمشاريع قومية مجهولة الجدوى الاقتصادية، ولا تستطيع التصدي لتغول رجال الأعمال الذين دعموها، وإنما تفرد عضلاتها على الفقراء".

وأكد أن النظام الحالي يسير على نهج حكومات مبارك المتعاقبة في القضاء على الطبقة المتوسطة "ليصبح المجتمع عبارة عن فقراء وقلة من الأغنياء"، قائلاً إن "هذا النظام يحمل بذور نهايته في تصرفاته غير المحسوبة، ويعجل في قيام الثورة عليه بأسرع مما كنا نتخيل".

بدورها؛ اعتبرت حركة الاشتراكيين الثوريين حديث الحكومة المصرية عن رفع دعم السلع "انحيازاً من النظام لطبقة الأغنياء، وعودة دولة مبارك للمشهد بقوة".

وقال القيادي في الحركة محمود عزت لـ"عربي21" إن قرارات الحكومة "تؤذن بانضمام المؤيدين للنظام إلى المعارضة، وتحولهم إلى الحراك الاجتماعي الذي بدا واضحاً في زيادة معدلات الاحتجاجات الاجتماعية بعدد من المصانع والشركات".

وأضاف: "هذا النظام يخلق أسباب الثورة عليه من خلال عدائه للجماهير، سواء على المستوى الاقتصادي، بزيادة الفقر والبطالة ورفع الدعم، أو على المستوى السياسي، بتكبيل الحريات ومحاربة الرأي الآخر من خلال ديكتاتورية عسكرية؛ لتمرير سياساته وقراراته".

أما جبهة "طريق الثورة" فقد أبدت "يأسها" من الحكومة التي وصفتها بأنها "لا تمثل طموحات الشعب".

وقال عضو الجبهة خالد عبدالحميد لـ"عربي 21": "نحن لا ننتظر من الحكومة أن تقدم شيئاً لمحدودي ومتوسطي الدخل"، مؤكداً على وجوب "معالجة أزمة عدم وصول الدعم إلى مستحقيه؛ من خلال حزمة إجراءات تحسّن الخدمات المقدمة والمعاشات والأجور".

يشار إلى أن نحو 70 مليون مواطن مصري، يستفيدون حالياً من منظومة دعم السلع التموينية من خلال 18.2 مليون بطاقة تموينية.

ووصل دعم السلع التموينية في موازنة العام المالي الجاري 2014/2015 لنحو 31.3 مليار جنيه (4.38 مليار دولار) مقارنة بموازنة العام الماضي التي سجلت نحو 30 مليار جنيه (4.2 مليار دولار) بحسب تصريحات إعلامية لوزير التموين المصري خالد حنفي قبل حوالي شهرين.
0
التعليقات (0)