مقالات مختارة

طاعون داعش

عبدالرحمن ديلي باك
1300x600
1300x600
لم نعلم إمكانيات تنظيم الدولة في العراق والشام المعروف إعلامياً باسم "داعش" بالقدر الكافي. حتى أن تنظيم الدولة غير مدرك لنفسه وحجم قوته.. وأن قوة هذا التنظيم ليست نفس قوته قبل بضعة أشهر. 

الحل الوحيد في هذا الصدد، يكمن في إخراج سوريا من كونها مدرسة ترعي الإرهاب ، بشرط مغادرة "بشار الأسد" وتوفير النظام العام في سوريا.

كما لا يتمثل الحل في تنكيس عَلَم تنظيم الدولة ، ورفع عَلَم حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سوريا. حيث أن ذلك يعمل على تغيير أطراف الصراع، بل ويجعلها مستمرة... لذا فالعَلَم الذي ينبغي رفعه هناك، هو عَلَم سوريا...وإلا سيذهب الجيش السوري الحر ويقدم يد العون لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، وغدا يقاتل جنباً إلى جنب مع حزب الاتحاد الديموقراطي.

ولو نظرنا إلى الجيش السوري الحر بالأمس، نجد أنه كان يقسم على محو حزب الاتحاد الديموقراطي من جذوره. بينما تنظر تركيا التي فتحت ممراً يصل إلى "عين العرب" اليوم، إلى حزب الاتحاد الديموقراطي على أنه امتداد لحزب "البي كا كا"  اليوم كما كان بالأمس. من يضمن أن قوات البشمركة التي اتجهت إلى كوباني "عين العرب" اليوم، لم تقاتل جنباً إلى جنب مع حزب الاتحاد الديموقراطي غداً. ألم يكن اليوم قسم كبير من شعب عين العرب ضيوفاً لنا في مدينة أورفه وما يجاورها؟ ألم يوجد أكراد داخل تنظيم الدولة يقاتلون ضد حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي؟     

لا يدرك التحالف الدولي ذلك، أنتم لا يمكنكم إيقاع الهزيمة بتنظيم الدولة... وإذا هزمتم تنظيم الدولة ، تعود ميليشيات التنظيم المشتت آنذاك إلى المكان الذي جاءت منه ، وسيصل تنظيم الدولة إلى نيويورك، كما يمكن أن يظهر في برلين وروما وبروكسيل ولندن وموسكو... وسترونه أيضاً في تل أبيب.. في حقيقة الأمر، إن كل إنسان يدعم التحالف الدولي، يواجه بهذا التهديد من ناحية القوة.

ستكون المملكة العربية السعودية هي بمثابة الهدف الأول للقادمين من العالم العربي.. وتكون مناطق مكة والمدينة ونجران، هي نشاط جيد بالنسبة لهم من حيث الموارد البشرية والدعاية وميدان الحرب.. ولعل الممر المؤدي إلى اليمن من منطقة نجران قد أثار شهيتهم أكثر... وذلك لمحاسبة الحوثيين، وكذلك تشكيل ولادة جبهة جديدة تكون صوتاً بالنسبة لهم... ويمكن أن يحظوا بدعم من القبائل العربية بسهولة تامة في أراضي المملكة العربية السعودية الواسعة.. كما يمكن أن يصلوا إلى أي مكان يريدونه في شبه الجزيرة العربية.

ويتحول المذهب  الوهابي الذي أراد السعوديين استخدامه ضد إيران، إلى عصا ملتوية ترتد إليهم... كما سيتوجه الشيشانيون والأوزبك نحو موسكو وطشقند... وسنرى القوميين العرب المنتمين لتنظيم الدولة في العاصمة الإيرانية طهران يوماً ما... فإذا ما كانت الحرب في العاصمة العراقية بغداد، ستكون في العاصمة الإيرانية نفسها... وإذا ما أخذنا سوريا والعراق في الاعتبار، ستشهد ثلاثة من الدول يوماً مماثلاً كالذي تشهده سوريا والعراق، وهي إيران والمملكة العربية السعودية وإسرائيل. فمن زرعوا الرياح يحصدون العواصف.

ويمكننا القول إن الوهابية أو بالأحرى النظام السعودي الحاكم، هو المسئول عن الدمار الذي لحق بأفغانستان. كما أنه نفسه مسئول عن ضياع الشيشان ومالي.. ومسئول عن ظهور تنظيم الدولة.. بالأمس كان النظام السعودي يفتعل الأخطاء، واليوم يكرر نفس الأخطاء... هو نظام لا يدرك أنه سيكتوي بالنار التي أوقدها في المنطقة. حيث أن الخروج بالمذهب الوهابي ضد الشيعة الصفويين، كان اختياراً غير صحيحاً.

سينقسم تاريخ الإرهاب إلى قسمين، هما ما قبل ظهور تنظيم الدولة وما بعد ظهورها... سيهاجمون بشكل مختلف أهداف المجموعات شبه العسكرية التي تحتذي بتنظيم الدولة الإسلامية نموذجاً لها.

ويأتي الدور على المملكة الأردنية الهاشمية، فهي لا تستطيع الصمود ساعة واحدة أمام هجمات تنظيم الدولة.. والأهم من ذلك كيف ستقنعون الفلسطينيين المقيمين هناك.. وإذا أردتم أن تأخذوا الشعب الفلسطيني خلفكم، ينبغي عليكم ضرب إسرائيل من ناحية الأردن. فهذا يؤدي إلى انطلاق الحرب في بُعد مختلف.

وإذا ما تراجع "السيسي" عما يدور في خلده، يصبح مستقبل مصر مثلما يحدث في سوريا أو العراق، وليبيا وتونس على نفس المثال أيضاً.

يمكنكم محو تنظيم الدولة من عين العرب في ومضة عين، ولكن تنظيم الدولة لم يرفع يده عن حزبي الاتحاد الديموقراطي الكردي والـ بي كا كا.

دعونا نشاهد ذلك، مازال تنظيم الدولة الإسلامية لا يدير معاركه من مركز واحد. فهو لا يمتلك مهارة إيقاف الحرب التي بدأها.. وإذا طلب إيقاف الصراع، يمكن أن تنفصل هذه المجموعة عن الهيكل المركزي... يغادرون إلى حيث أتوا.. ويخرج عن سيطرة تنظيم الدولة زيادة في العدد ويستمرون ... وتتحول المجموعات المنتمية للتنظيم من العرب والسنة والسلفيين إلى منظمة عمل مجهولة للمجموعات التي تقاتل ضد إيران والشيعة... وتسارع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب إلى التوجه نحو المكان الذي يعتقدون أن السعوديين والإيرانيين والمتعاونين معهم فروا إليه.

ولو لم تقبلون بالإخوان المسلمون، سيكون البديل الوحيد هو ولادة نوع على شاكلة تنظيم الدولة في المنطقة. وفي النهاية ستقبلون بالرئيس المصري المنقلب عليه "محمد مرسي" ورئيس حزب النهضة التونسية "راشد الغنوشي". ففي الوقت الذي تحاولون فيه الحصول على الأفضل بالنسبة لكم، ستفقدون ما في أيديكم.

ويمكن للمجموعات التي تتكون على شاكلة تنظيم الدولة ، أن يقدر لها الوجود في أفغانستان وباكستان وبنغلاديش.. وينبغي عدم نسيان أنه يمكن ظهور من يتبنون نموذج تنظيم الدولة من داخل التجمعات المسلمة في تلك المناطق... فالآن تنظيم الدولة أصبح علامة تجارية.

ولعل إيران وحزب الله اللبناني تورطوا في خطأ تاريخي في العراق وسوريا واليمن.

ولو ترغبون في الوصول إلى حلول سلمية، ينبغي عليكم التخلي عن دعم "السيسي"، فهناك حاجة للدولة إلى زعيم في المنطقة قادر على حماية النظام في العالم العربي. حيث لا يمكنكم الوصول إلى أي شيء يرتكز على الأنظمة هذه. وأوقفوا الجرائم التي يرتكبها نظام "بشار الأسد"، عن طريق توجيه الدعم للحكومة المؤقتة والجيش السوري الحر.

ينبغي تطهير المنطقة من السلاح عاجلاً، وإقامة منطقة حظر الطيران وتوفير الاحتياجات العاجلة للمدنيين من أمن وغذاء وصحة وإيواء.

وفي حالة عدم توافر السلطة العامة في سوريا، ستستمر المنطقة تحت سيطرة القوات شبه المسلحة.. وعلى سبيل المثال، فإن حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سوريا عَلم من أين تأكل الكتف، حيث أعلن " الكانتونات " فارغة من السلطة.

إن الملك السعودي المُسن والمريض والمتعاونون معه، يشبهون الرجل الذي يحمل الحطب على ظهره حيث مقعده في جهنم. كأنهم غير مدركين أنهم محوا دينهم ودنياهم بما كسبت أيديهم.. إنهم يدعمون السيسي في مصر وأنصار الدكتاتور التونسي "بن علي".

الظلم لا يدوم إلى الأبد. كأنهم ليسوا مدركين للتحذير الإلهي في قوله تعالى "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ".

هل بإمكانكم سماع صوت أقدام تنظيم الدولة ، بالطبع قريباً ستسمعون أصوات هذه الأقدام.. وما خفتم منه سيقع على رؤوسكم .. سوف تتمادون في الكبر وتتأخرون عن التوبة، وحينئذ لا ينفعكم الندم الأخير. فما وقع على رؤوس الأطفال السوريين من بلاء، سيقع يوماً على رؤوس أطفالكم.. لأنكم طلبتم البلاء الذي سيقع على رؤوسكم بالدعاء. اللهم من أعان عبادك المظلومين والمستضعفين في الأرض فأعنه ، ومن نصرهم فأنصره..... اللهم انصر المظلومين على الظالمين في كل زمان ومكان، يا رب العالمين.

عن صحيفة يني عقد

خاص بـ "عربي21"

ترجمة وتحرير- تركيا بوست
التعليقات (0)

خبر عاجل