قضايا وآراء

مش قادر تشيل والمسؤولية كبيرة عليك.. إمشي

رضا حمودة
1300x600
1300x600
عشرات العمليات الإرهابية ومئات وآلاف الضحايا والمصابين ولجان تقصى حقائق تنعقد وتخرج ببيانات شديدة اللهجة تتوعد بالقصاص لدماء الشهداء منذ أكثر من عام ولا نتيجة فلم نرى سوى ضجيجا إعلاميا بلا طحن حتى صار من الغريب ألا نسمع أو نشاهد أو نقرأ خبر انفجار هنا أو هناك، هذا بالرغم من وعود وهمية سابقة ولاحقة بالأمن والأمن تحديداً والطنطنة المستمرة على مصطلح فضفاض اسمه ( الأمن القومى) المنتهك ليل نهار بعد الثالث من يوليو2013 وحتى اللحظة والأنكى أنه لم يُقدم أى مسئول للمحاكمة أو حتى الإقالة نتيجة للإهمال والتقصير وكأنها مؤامرة كونية لا دخل للحاكم ومساعديه فيها، هذا على خلاف الماضى القريب بطبيعة الحال حيث كانت تُلصق تهمة الخيانة والفشل مباشرة للحاكم ونظامه وجماعته إبان حكم الرئيس محمد مرسى والمطالبة بسقوطه ورحيله على الفور، فنجد كيف تتبارى وسائل الإعلام الآن فى دعوة المواطنين ودفعهم دفعاً إلى الوقوف خلف القيادة السياسية للفشل والإخفاق لأنه الحل الوحيد للعبور إلى بر الأمان على حد زعمهم وفهمهم!!.

تعيش مصر منذ الثالث من يوليو 2013 حالة عامة تحت عنوان عريض (الحرب على الإرهاب) وعاصمة الإرهاب الأولى شبه جزيرة سيناء نتيجة تراكمات عقود طويلة من التهميش والتشويه ونظرة الدونية من الدولة تجاه المواطن السيناوى المقهور والمحروم من أبسط حقوقه فى حرية التنقل خارج محافظته والعمل فى الوظائف الهامة حيث يتم النظر إليه من جانب النظام الحاكم وأجهزته الأمنية على وجه الخصوص على أنه مواطن درجة ثانية متهم دائماً حتى تثبت براءته!، وليت هذه الحرب التى تخوضها السلطة الحالية على عدونا التقليدى القديم (الكيان الصهيونى) والذى بدا من الواضح تماماً أن هذا العدو صار شريكاً وصديقاً بينما صار الشقيق والجار وما يربطنا به من روابط الدين واللغة هو العدو فاحذره بل من الواجب الوطنى قتاله وحصاره وتجويعه وتشويهه وابتزازه!، فهل يُعقل حتى الآن وبعد كل تلك العمليات الإرهابية ألاّ يتم مجرد الإشارة أو التلميح بتورط وضلوع الكيان الإسرائيلى فى عملية واحدة من الناحية المنطقية على أقل تقدير بحكم حقائق الجغرافيا(الجوار المفروض) فضلاً عن حقيقة التاريخ حيث العداء التاريخى الذى يستعصى على النسيان ولو بألف معاهدة سلام مما يزعمون؟! وفى المقابل يتم تصدير التهمة الجاهزة دون تمحيص أو تدقيق للتيار الاسلامى عامةً (وفى القلب منه جماعة الإخوان المسلمين) وكل من ينتمى لهذا التيار بالحق والباطل من جهة وحركة المقاومة الإسلامية حماس (الإخوانية) الفلسطينية من جهةٍ أخرى تماهياً وتناغماً وتوافقاً مع الرواية الإسرائيلية ومحاولة إلصاق التهم بها جزافاً توطئةً وتمهيداً للتنكيل بها وشرعنة إعلان الحرب عليها محلياً وعالمياً.

ثمة ملاحظتين تجدر الإشارة إليهما على خلفية الحادث الإرهابى المؤلم الأخير الذى راح ضحيته قرابة الثلاثين من جنودنا الأبرياء فى نقطة عسكرية بالشيخ زويد بشمال سيناء الجمعة الماضية ( 24 أكتوبر):

الأولى أنه رغم قوة القبضة الأمنية التى يتباهى بها النظام الحاكم وأذنابه ومريديه إلا أنه أثبت فشلاً ذريعاً متكرراً على مدى أكثر من عام دون تقدم ملحوظ فى هذا الملف (الأمنى) المفترض أن يكون أقوى حلقة فى سلسلة النظام الحالى ذلك أن النظام الذى يفشل فى أدق اختصاصه وأهم ما يميزه عن غيره من الأنظمة حتماً سيفشل أيضاً فى كافة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية..الخ.

أما الملاحظة الثانية فتتعلق بتغير ملحوظ فى الخطاب السياسى (رغم سوءه واستفزازه) لرأس السلطة فى تعاطيه المختلف مع الحادث بعد يوم من التفجير حيث اتهم أطرافاً خارجية لم يسمّها بالضلوع فى هذا العمل الإرهابى على غير العادة دون الإشارة التقليدية لجماعات الإسلام السياسى ( فى إشارة واضحة للإخوان المسلمين خاصة) فى المرات السابقة، فهل نتج ذلك التغير عن شعوره بمدى سذاجة الاتهام المُعَلّب لتيار الإسلام السياسى بالحق والباطل لاسيما وهم خارج السلطة بين مقتول ومعتقل ومُطارد وبالتالى يصبح من اللامنطقى وغير المقبول الاستمرار فى ترديد تلك الرواية السمجة المستهلكة والتى فطنها الكثير من المعسكر المؤيد لسلطة الانقلاب ذاته؟!.

بقى أن نشير فى هذا السياق أنه إذا كان المنطق الأعمى والمجرد من كل هوى يقول أن الفاشل لابد أن يتنحى أو يتم إسقاطه إن لم يرضخ للإرادة الشعبية كما حدث مع الرئيس محمد مرسى عبر ثورة الفوتوشوب (30 يونيو) فإن من العدل أيضاً تطبيق هذا المنطق على حالة السلطة الحالية التى فشلت فى كل شىء( حتى فى أعز ما تملك وهو الأمن) وتماشياً مع مقولة لميس الحديدى ونداءها للرئيس مرسى وجماعته بعد حادث قطار البدرشين ما نصه( مش أد الشيلة يا دكتور مرسى متشيلش.. مش أد الشيلة يا مهندش خيرت الشاطر متشيلش.. مش أد الشيلة يا جماعة الإخوان متشيلوش) على طريقة وشهد شاهد من أهلها.

حل مشكلة سيناء ليس بتهجير أهلها كما قال أحد (الخوابير) الإستراتيجيين الذين ابتلانا الله بهم، بل الحل فى تنميتها تنمية حقيقية وزرعها بالبشر وبالتالى تكون حائط الصد أمام العدو الصهيونى الحقيقى القابع على حدودنا الشرقية، ذلك أنه من مصلحة العدو أن تظل شبه جزيرة سيناء أرض أشباح خالية من السكان حتى يسهل عليها احتلالها متى شاءت وكيفما شاءت حيث أن استمرار تردى الأوضاع الأمنية فيها تحت مسمى الحرب على الإرهاب يصب فى المقام الأول والأخير فى المصلحة الإسرائيلية للحيلولة دون تنمية هذه المنطقة لأنه لا صوت يعلو فوق صوت معركة الحرب على الإرهاب الذى لن ينتهى، فلن تجتمع تنمية حقيقية وحرب على الإرهاب فى وقتٍ واحد!.
التعليقات (0)