كتاب عربي 21

خطاب إعلان الفشل وبيع الوهم (1 - 2)

حاتم عزام
1300x600
1300x600
تحدث قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في كلمة مسجلة أذيعت يوم السبت 4 أيلول/ سبتمبر 2014، معلقاً على أزمة الطاقة الخانقة التي تمر بها مصر وما نتج عنها من "سواد" في عموم مصر يوم الخميس 4 أيلول/ سبتمبر 2014، في الوقت الذي كنت قد أرسلت فيه مقالة الأسبوع الماضي "مصر في عصور الظلام" متناولاً الأزمة نفسها للنشر، فلم أستطع أن أتناول بالتحليل ما جاء في كلمته في المقال السابق.

لذلك، ولخطورة مدلولات هذا الخطاب فإنني أفرد هذا المقال (بجزأيه) لتناول ما ورد في خطابه وتحليله تحليلاً موضوعياً. 

ملخص خطاب السيسي بحسب ما جاء فيه على لسانه:  أن أزمة الطاقة لن تحل قبل خمس سنوات وتحتاج مصر فيها إلى 12000 ميجا من الطاقة بتكلفة تتراوح من 12  مليار دولار إلى 13 مليارا، وفي موضع آخر تحدث عن الاحتياج إلى 130 مليار جنيه وهو ما يعادل 18 مليار دولار،  بواقع 2.5 مليار دولار سنوياً. وأضاف أن هذا الاحتياج بخلاف تمويل تكلفة تحديث الشبكة الكهربائية وأنظمة التحكم بها لتتحمل ما يضاف من الإنتاج الجديد لتكون لديها القدرة على المناورة. ثم تحدث أيضاً في معرض كلامه وبشكل سريع دون لفت كثير من الانتباه عن الاحتياج إلى 700 مليون دولار سنوياً من الوقود لتدوير هذه المحطات. 
وكما أشار في معرض آخر إلى الشركات التي تنتج الكهرباء وتريد بيعها للدولة بالسعر التجاري دون أن تهتم بالسعر الذي تبيع به الحكومة الكهرباء للمواطنين، مؤكداً أن هذه الشركات إن لم تتقاض السعر التجاري لإنتاج الكهرباء فلن يستثمر أحد في مصر.   

ودعا المصريين إلى أن يعوا هذه المعلومات وحجم الأزمة، ويكونوا قادرين على حلها ومجابهتها. وأسهب في هذا الإطار ليدلل على أنه لن يستطيع حلها منفرداً دون تكاتف شعبي معه، وأنه لم يعد بشيء من قبل غير هذا  وأنه حذر ونبه إلى هذا من قبل. كما انتقد التعامل الإعلامي مع الأزمة للحد الذي وصل إلى أن تكتب صحيفة واحدة عنوان "الحكومة منورة"، موضحاً أن مثل هذا التعامل الإعلامي "يوتر" المسؤولين العاملين في مجال الكهرباء والحكومة بالشكل الذي قد يؤدي إلى ارتكابهم أخطاء تضر بالبلاد نتيجة العمل في هذه الأجواء من التوتر. 

ثم تحدث عن أزمات مرافق أخرى مرتبطة بأزمة الكهرباء وتتأثر سلباً بها، مثل مرفق المياه. وعرج على أزمة الصرف الصحي في ريف مصر وقراها ونجوعها، التي يبلغ عددها أكثر من 4500 قرية وأكثر من 40000 تابع لها، لا تغطي بشبكات صرف صحي إلا بمقدار 20% فقط ، ولإضافة مزيد من التغطية لهذه الشبكة يحتاج إلى مليارات من الجنيهات. 

فضلت أن يستحضر معي القارئ ملخص ما جاء في هذا الخطاب حتى نستطيع تناوله بالتفصيل لأنني أعتبره بمنزلة "خطاب إعلان الكذب والعجز وبيع الوهم"، وذلك للأسباب الآتية: 

أولا: أكد خطاب السيسي الأخير، كما خطاباته السابقة، احتراف رئيس المخابرات الحربية السابق للكذب والخداع. فلم ننس عندما جمع سحرته «الإعلاميين»، في حملته الترويجية لاغتصاب كرسي السلطة والرئاسة، وحدثهم حينها بأنه يستطيع القضاء على أزمة الكهرباء من دون إضافة محطة كهرباء واحدة بالخدمة (لأنها تستغرق عامين لتشييدها ودخولها الخدمة) حسب قوله، وذلك عن طريق استخدام "اللمبات" الموفرة للطاقة، وأنه سينفذ ذلك في ستة أشهر -وهو المجهود الذي يأخذ في دول أخرى ثلاث سنوات- وبالطبع طأطأ السحرة رؤوسهم مهللين ومباركين.. إذن كان للسيسي حل مقترح لحل أزمة الكهرباء كتبت عنه في حينه إنه "الوهم والضحالة والكذب ممزوجة كلها ببعضها البعض"، فاستبدال اللمبات العادية بالموفرة، سيقلل من استهلاك الكهرباء لا شك، لكنه لن يستطيع حل مشاكل مصر المعقدة من الطاقة بالطبع وهو ما يعلمه طالب إعدادي هندسة أو رجل غير متعلم صاحب خبرة في الحياة. 

أين لمباتك يا سيسي؟! ولماذا لم تتحدث في خطابك الأخير عن «كذب» أو «فشل»  أو «وهم» وعودك؟! أم أن السيد محمد السويدي رجل الأعمال الكبير - رئيس اتحاد الصناعات الحالي- وأحد أعضاء حملتك لاغتصاب السلطة وصاحب أكبر مصنع لإنتاج «اللمبات» الموفرة للطاقة بمصر والكائن بمدينة العاشر من رمضان والمسجل بسجل موردي وزارة الكهرباء لتوريد «اللمبات» الموفرة  كانت نصائحه "فشنك" ؟! الحقيقة إن السويدي كان يدعم حملتي المرشحين الرئاسيين الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح وعمرو موسي في آن واحد، نعم في آن واحد كان يدعمهما.. (يعني يمكن واحدة فيهم تغمز ويبقي قريب من الرئيس ويبيع لمبات)  ثم ما لبس أن دعم شفيق بعدما خسر أول رهانين.. وخسر شفيق أيضاً.. ثم أضطر إلى التعامل والتقرب إلى مرسي، لكنه للأسف "معرفش" يبيع "لمبات" ، ثم وصلت به الحال إلى أن أقنع السيسي  للخروج على الهواء ليروج ل "لمباته" الموفرة  كحل إستراتيجي لأزمة الطاقة في مصر.. بصراحة، هو لقى «زبون سقع» يسمع كلامه والعيب مش عليه. مع خالص الاعتذار لعائلة السويدي التي تضم بين أبنائها رجالاً ونساء لهم أياد بيضاء في خدمة مصر وأهلها، ولا ينكر ذلك إلا جاحد، لكن يبدو أن صداقة السيد محمد لجمال مبارك كان لها أثرها عليه . 

ثانياً: من أين ستأتي بالغاز لتشغيل المحطات التي تتحدث عنها؟! ولماذا لم تتطرق لهذا في حديثك؟! هل لا تملك القدرة على مواجهة الشعب بها، أم أنك تغيبهم عمداً؟ فإذا كنت تدعي الصراحة في محادثة الشعب ولا تخبرهم بهذه المشكلة العضال.. إذن أنت تريد تغييبهم.

لماذا لم توضح أن للشركات الأجنبية المنتجة للغاز في مصر مديونيات لدى الدولة زادت في عهد انقلابك لتصل إلى 6.5 مليار دولار بعد أن كانت بدأت في التراجع قبل الانقلاب؟! لماذا لا تخبر المصريين أنه من دون سداد هذه المديونيات فإن الشركاء الأجانب لن ينتجوا غاز، وبالتالي لن تعمل هذه المحطات التي تتحدث عنها؟! أم أنك تنوي استيراد الغاز من إسرائيل كما نقلت "رويترز"؟! ولماذا ستستورد الغاز من إسرائيل وأنت تفرط في 20% من إنتاج مصر اليومي من الغاز وهو ما قيمته 32 مليار دولار لصالح الشركة البريطانية العالمية "بي بي" وتصر على تنفيذ تعاقداتها بشمال المتوسط وشرق الإسكندرية، وهو ما أفسده مبارك وجمال وأحمد عز وسامح فهمي؟! و لماذا جئت بوكيل سامح فهمي لشؤون الغاز، والذي باع غاز مصر المستقبلي وزيراً للبترول في عهدك ليستكمل المسيرة؟! ولماذا جعلت عدلي منصور يوقع اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع قبرص في ديسمبر 2013 بموجبها تتخلي مصر عن حقول غاز لصالح «قبرص» و«إسرائيل»؟! ثم توقع أنت اتفاقية في أول سبتمبر وأثناء أزمة الظلام هذه اتفاقية مع قبرص تقر فيها بملكيتها لآبار الغاز هذه التي تقدر قيمتها بـ 220 مليار دولار. وبما أن قبرص مرتبطة باتفاقية مع إسرائيل، فإنك ستترك الغاز المصري لهم لتستورده منهم مجدداً.. أين الغاز يا سيسي؟

هل ينوي السيسي خصخصة الكهرباء؟ الإجابة عن هذا السؤال وأسئلة أخرى كثيرة بهذا الشأن في الجزء الثاني من هذا المقال، فإلى لقاء .  
التعليقات (4)
،fathy
الأحد، 14-09-2014 08:22 م
للاسف لسه فيه ناس مغيبه وبتصدقه عن طريق الاعلام المضلل
وائل طه
الأحد، 14-09-2014 08:13 م
الاخ العزيز حاتم عزام نشكر لك كمواطنين مجهودك العطيم فى الاستماع والقراءه والبحث ثم الكتابه والشرح والتوضيح ولكن اسمح ان الوم على سيادتكم ان لم يضايقك ذلك لعدم موافقتى لك فى الراءى او التصفيق لك والتضامن معاك للاسباب الاتيه 1- اولا جاء تحليلك بكثيرا من المغالطات والافتراءات حيث انك تحدث على الخطوط العريضه من الخطاب وماجاء به حيث ان الخطابات الرئاسيه لاتدخل فى التفاصيل وبالتالى جاءت ردودك وتحليلاتك على مبتدا دون ان تعرف التفاصيل او تطرق الى الخبر اسمح لى ان اوضح الخبر الذى اغفلته فى مقالك اولا :- بالنسبه الى اللمبات الموفره الرجل لم يقول انه سيبيع اللمبات الموفره التى ينتجها مصنع السويدى بل قال انه انه سيوفر اللمبات اللد ال اى دى وهذه اللمبات حتى الان لم تنتج فى مص بل يتم استيرادها من الخارج ويتم تجميعها فى مصر وحاليا تقوم بهذا التجميع احدى شركات قطاع الاعمال وهى شركة نيازا التابعه للدوله وليس اي مستثمر خاص واسال وابحث قبل ان تكتب او تصدق مايكتب حتى تستطيع ان تعطى معلومه صادقه كامله ثانيا:- بالنسبه لتوفير الكهرباء فى خلال ال 5 سنين هذا فعلا كلام صادق وحقيقي لان الامر هنا لايعتمد على محطات الغاز كما قولت سيادتك بل يقوم على اساس الطاقة البديله اى الجديده والمتجدده وبالفعل تكلفة الواحد ميجا يتكلف من مليون دولار الى الى مليون و200الف دولاروبالتالى هنا عندما يبدء من اول 2015 ينتهى توفير 12000ميجا على مدار 5 سنين ويتم ذلك على مراحل سنويه وبالفعل اعرف مثلا شركة اكساسولار الالمانيه تقدمت بعروض لبيع الكهرباء بسعر الكيلوواط التجارى للمستثمرين السياحه والصناعه وتفعيلا لذلك تم رفع الدعم عن الكهرباء التجاريه حتى يقوم المستثمر بتوفير الكهرباء اللازمه له بطريقته الخاصه من المنتج الاجنبى ولكن تحت رقابة الدولة حتى لانعود فريسه للشريك الاجنبى ثالثا:- بالنسبه للشبكه العموميه بالفعل كل ماقاله علمى بنسبة 100%ويستطيع ان يفهمه العامه وليس طالب اعدادى هندسه فان الشبكه العموميه لم يحدث لها تطوير منذ سنوات عديده واصبحت مهترئة ولن تتحمل ضخ عليها من اى نوع كهرباء سواء شمس او حراره او ضغط اقصى مايمكن تحملة بشرط ان تفرد من اللاقصر او اسوان الى القاهره او اسكندريه هو 500 ميجا اذن اين ستضخ اجمالى العجز الذى الذى يتخطى ال 1000ميجا اذن فعلا كما قال انت بحاجه ايضا الى تطوير الشبكه وهذه تكليفات ضخمه رابعا :- ايضا والاهم انت فى حاجه الى اهم من كل ذلك وهذا ماقد فهمهو معظم الشعب المصرى العظيم وهو اهم تطوير وهو تطوير السلوك الاجتماعى والاستهلاكى والانتقادى ارجو ان تكون وعيت الى ماقصد 2- ماقولته عن الاتفاقات والتوقيعات لااعلم مدى صحته من كذبه والوزر فى ذلك على على الناقل وهو سيادتك فانت قولت ولم تدلل او تقدم اسانيد الى اقوالك فهذه روايات تحتمل الصدق والفتنه 3- الاهم والذى اريدك ان تنقله الى نفسك والى كل من يقرء لك او يقتنع بافكارك او يتجمعوا لشئ ما يعلمه الله مصر لن تعود للوراء ولن يستطيع احد ان ينجرف بها مره اخرى الى تيار الفشل او الدمار وانشاءالله ستنطلق كالسهم للامام فى اعين الكارهين والحاقدين من مروجى الكذب والاشاعات والافتراءات حفظ الله مصر حمى الله جيشها اعز الله الاسلام والمسلمين الحق واسف للاطاله وارجو ان يكون الخلاف فى الراءى لايفسد للود قضية وائل طه مستشار المنظمه الدوليه للتنميه وحقوق الانسان مستشارالتحكيم الدولى باللجنة السياسيه بنقابة المحامين خالص تقديري وشكرى
باوزير
الأحد، 14-09-2014 07:49 م
سبحان الله وكأن الله يعاقب مصر بما قام به من نزل في 30 يونيو تأييدا لهذا المجرم الجاهل..وكأن الله جل شأنه أراد لأهل مصر اجمعهم ان يذوقوا الويلات من اختيارهم هذا الذي لايفقه شئ في ادب الحديث او اللغة العربية ولا حتى اللاتينية ولا اقتصاد واما الثقافة فهي ابعد ماتكون الى افضل مستشار عنده... مصر موقوفه مؤقتا ونراكم بعد 30 او 40 سنة او ان شاء الله يقوم اسد فيها فيدك اركان هذا المسخ لترجع مصر من جديد الى درب الانسانية
aliazazy
الأحد، 14-09-2014 05:32 م
خربها وقعد على تلتها الحق يلي ابتلحق