مقابلات

مشعل: لا عودة لمفاوضات القاهرة قبل التسليم بمطالبنا

خالد مشعل خلال لقائه في الدوحة - الأناضول
خالد مشعل خلال لقائه في الدوحة - الأناضول
رهن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" العودة إلى مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل "بتأكد المقاومة من أن هناك ظرفا حقيقيا يدفع إسرائيل للتسليم بالمطالب الفلسطينية، وعلى رأسها كسر الحصار المفروض على غزة".

وجدد مشعل، خلال حوار مطول مع وكالة الأناضول، تأكيده على تمسك المقاومة بمطالبها، قائلا "لن نتراجع عن مطالبنا الفلسطينية وعلى رأسها كسر الحصار عن غزة".

وأبدى استعداد المقاومة للقتال "حتى النهاية دفاعا عن النفس والأرض"، موضحا أن "الشعب الفلسطيني يقاتل منذ مائة عام، ولن يتعب من شهر أو سنة أو سنوات".

ونفى الرواية الإسرائيلية عن خرق حماس للتهدئة، معتبرا أنها "تمارس الكذب مرة أخرى على المجتمع الدولي كما سبق أن خدعته وخرقت الهدنة قبل ذلك بزعم أن هناك جنديا مختطفا"، وبين أن إسرائيل "كانت تخطط لخرق التهدئة لاغتيال قيادات بالمقاومة، لكنها فشلت".

كما نفى مشعل مزاعم إسرائيل بشأن تخطيط حماس للانقلاب على السلطة الفلسطينية، واعتبر تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن ضرب البنية التحتية لحماس بأنها تنطوي على "مبالغة"، مشيرا إلى أن خسائر الحركة العسكرية "محدودة".

ووصف قائد حماس، نتنياهو بـ"قاتل الأطفال"، معتبرا ما قامت به إسرائيل في غزة منذ شن عدوانها على القطاع في 7 يوليو/ تموز الماضي هو "هولوكست" حقيقي.

واعتبر مشعل، الذي يقيم حاليا في الدوحة، قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوصف حركة حماس بداعش بأنه "يركب موجة الحرب على الإرهاب، لمحاولة التقاطع مع الأجندة الأمريكية، في محاولة للحد من خسارته".

وجدد مشعل التأكيد على عدم تدخل الحركة في الشأن المصري، وطالب مجددا بفتح معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة كمعبر دولي، فيما ثمن الموقف التركي والقطري تجاه القضية الفلسطينية عموما وغزة خصوصا، وقال "نحن ممتنون للموقف التركي، وشكرا للشعب التركي وللقيادة التركية".

وبين أن لقاءه المرتقب مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (يعقد في وقت لاحق الخميس) سيركز على تعزيز مسيرة المصالحة والوحدة الوطنية، وتنسيق كيف نتصدى لملفاتنا الوطنية بموقف مشترك منسق على قاعدة الشراكة الوطنية التي انطلقنا على أساسها في مسيرة المصالحة.

وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

* خلال مؤتمر صحفي مساء أمس وصف نتنياهو حماس بحركة "داعش"، وقال إنه دمر الأنفاق وضرب البنية التحتية لحركة حماس.. ما تعليقكم على تلك التصريحات؟

- قاتل الأطفال في غزة والقدس وفي الضفة الغربية وفي أماكن عديدة من العالم لا يحق له أن يعطي أوصافا للآخرين، ما تفعله إسرائيل منذ 45 يوما في هولوكست حقيقي يجري في غزة من قتل للأطفال وتدمير للأحياء السكنية  والمساجد ومدارس الأونروا والمستشفيات، 10 آلاف جريح، ألفا شهيد ربعهم من الأطفال وربع آخر من النساء وكبار السن، هذا العدو يستنسخ نسخة رديئة وسيئة مما فعله هتلر قبل عشرات السنوات، فاليوم نحن نشهد نازية حقيقية، ونتنياهو يحاول أن يركب موجة الحرب على الإرهاب لمحاولة التقاطع مع الأجندة الأمريكية ولكن أوراق العدو الصهيوني أصبحت مكشوفة، أمام المجتمع الدولي وهو يخسر يوما بعد لذلك هو يحاول أن يحد من هذه الخسارة.

أما فيما بتعلق بتدمير الأنفاق وضرب البنية التحتية لحركة حماس، فأي حرب لا بد لها من خسائر وبكل مسؤولية، أقول نعم هناك ما نخسره، وضحّينا بالكثير، ولكن هو (نتنياهو) يبالغ في إنجازاته، هو لم ينجز شيئا، الشيء الوحيد الذي أنجزه هو قتل الأطفال وتدمير البيوت ومجازر الهولوكست التي ارتكبها بحق أهل غزة، أما أننا خسرنا عسكريا فهناك خسارات ولكنها محدودة كما قالت كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس)، وما زالت المقاومة بكل أجنحتها العسكرية قادرة على مواجهة العدوان الإسرائيلي وستنتصر في المعركة.

* على ذكر المعركة، أعلنت كتائب القسام مساء الأربعاء أنه لا عودة للمسار التفاوضي مجددا.. ماذا تقصدون بهذا الأمر؟

- هذه حرب عدوانية على غزة، ونحن معنيون بوقف هذا العدوان من خلال الدفاع عن أنفسنا، ومعنيون بعد وقف هذا العدوان بأن نحقق مطالب شعبنا الفلسطيني، وعلى رأسها كسر الحصار عن غزة والإفراج عن المعتقلين وكل المطالب التي تقدمت بها المقاومة، فهذا مطلبنا أن يتوقف العدوان، أن يرفع الحصار عن غزة، وأن  تلبى المطالب الفلسطينية، فهذه قضية واحدة، نخوضها في الميدان العسكري والميدان السياسي بما يخدم الشعب الفلسطيني.

* وما مدى استعدادكم للعودة للتفاوض غير المباشر مرة أخرى مع إسرائيل بوساطة مصرية؟

- الحوار للوصول إلى اتفاق من خلال مفاوضات غير مباشرة وسيلة وليست هدفا، وليست ملهاة وليست غاية نقصدها، وما لم يتوفر الظرف لتحقق مطالبنا الفلسطينية فلا فائدة من أي حوار، بصرف النظر عن المكان وعن الوسيط، العبرة لدينا أن نتأكد أن هناك ظرفا حقيقيا يدفع العدو للتسليم بالمطالب الفلسطينية.

* وكيف لكم أن تتأكدوا من توفر الظرف؟

- إدارة المعارك تكون مزيجا من الفعل الميداني والفعل السياسي، ونحن نعرف متى تكون هناك جدوى من المفاوضات، نحن كقيادة سياسية نقرر، متى تكون الخطوة في الاتجاه الصحيح يكون لها جدوى، وهذا مرتبط بالوضع الميداني.

* على ذكر الوضع الميداني، إسرائيل اتهمت حماس أنها خرقت الهدنة قبل انتهائها الثلاثاء الماضي.. ما مدى صدق رواية إسرائيل عن خرقكم التهدئة؟

- العدو الصهيوني ارتكب خطيئتين، الأولى أنه أوصل المفاوضات عبر الوسطاء المصريين إلى طريق مسدود وأفشل كل الجهود السياسية للوصول إلى اتفاق، وبالتالي فهو يتحمل المسؤولية عما فعل، والأمر الثاني أنه خرق الهدنة قبل ساعات من انتهاء أمدها، ومارس الكذب مرة أخرى على المجتمع الدولي وعلى الإدارة الأمريكية (كما سبق أن خدعهم وخرق الهدنة وساق قصة الجندي المفقود)، حين زعم أنه رد على بضع صواريخ انطلقت من غزة وهذه عبارة عن ذريعة واهية، بينما كان هو يخطط لعدوان مدبر على غزة في ظل الهدنة وقبل أن تنتهي، ظنا منه أنه يستطيع أن يقتل بعض القيادات كما تبين أمس، حين حاول اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، ولكنه فشل ونجح العدو في شيء وحيد أنه قتل زوجة القائد الضيف وابنه علي، وهكذا هو العدو لا يكتفي بارتكاب الجرائم، ولكن يمعن في الكذب يوما بعد يوم.

* ولكن ما مدى صحة الحديث عن قرب التوصل لاتفاق قبيل انهيار الهدنة ؟

- في المفاوضات السياسية هناك مد وجزر، وهناك اقتراب وابتعاد، لأن التكتيات التفاوضية معروفة في هذا المجال، ولكن طوال الأسبوعين الماضيين العدو كان يمارس المناورة والمراوغة والالتفاف والضغوط والابتزاز، ويحاول أن يحرم غزة والمقاومة الفلسطينية فيها من قطف ثمار صمودها وفشل العدو عسكريا، لأن القيادة الإسرائيلية تعاني من أزمة داخلية نتيجة فشلها الميداني، وتريد أن تعوض ذلك بأمرين، أولهما ادعاء النجاح الميداني سواء في قصة تدمير الأنفاق والمبالغة فيها أو في تدمير البنى التحتية في غزة، وثانيهما منع المقاومة الفلسطينية من تتويج صمودها بمكاسب سياسية على رأسها رفع الحصار، و لكنها محاولات واهية وفاشلة وكما صمدت المقاومة على الأرض ستصمد في الميدان السياسي، ولن نتراجع عن مطالبنا الفلسطينية المحددة التي عليها إجماع فلسطيني على رأسها كسر الحصار عن غزة، وهذه رسالتنا للعالم أنه آن الآوان لمعالجة جذر المشكلة، وهو إنهاء الاحتلال والاستيطان وتمكين الشعب الفلسطيني من أن يعيش بسلام على أرضه بعيدا عن الاستيطان، وأن يحقق تقرير المصير وأن يعيش في دولة بعيدا عن هذا الاحتلال الذي بات آخر احتلال في العالم.


*على خلفية رعاية مصر للمفاوضات.. هل هناك تحسن في العلاقات بين حماس و مصر ؟

- هذا سابق لأوانه الحكم عليه، نحن كما أعلنا لا نتدخل في الشأن المصري الداخلي ولا في أي شأن إسلامي أو عربي أو دولي، لذلك فنحن رغم رفضنا للمبادرة المصرية للتهدئة، فإننا لم نرفض الدور المصري، وتعاونا مع الدور المصري، ونحن حريصون أن تكون علاقاتنا مع الأمة جيدة لصالح معركة فلسطين.

* على ذكر العلاقة مع مصر.. هل كان فتح معبر رفح مطروحا على أجندة المفاوضات ؟

- معبر رفح لم يطرح على أجندة المفاوضات مع الإسرائيليين لأن هذا شأن مصري فلسطيني، وطرحناه بيننا وبين المصريين، وهذا أمر طبيعي لأنه لا بد من فتح معبر رفح، ونحن لا ندعو إلى فوضى، ندعو أن يفتح المعبر ككل المعابر بين الدول، ليس لأن غزة معزولة عن الضفة أو حالة مستقلة بذاتها، ولكن هذا معبر بين الفلسطينيين والمصريين، ونحن ندعو أن يفتح المعبر كما المعابر بين كل الأشقاء المتجاورين في العالم.

* وهل كان نزع سلاح المقاومة مطروحا على أجندة المفاوضات أيضا؟

- العدو طالب به ولكن رفضنا أن يكون على أجندة البحث، لكن العدو يسعى إلى ذلك، ونحن نرفضه ولا نقبل أن يطرح على أجندة البحث.

* هناك لقاء مرتقب الخميس يجمعكم مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأمير قطر.. ما أبرز الأمور المرتقب بحثها خلال  اللقاء؟

- هناك حالة من المصالحة الفلسطينية وحالة من تقارب المواقف الفلسطينية وظهرت في هذه الحرب بشكل جيد، نحن معنيون بتعميقها أكثر، وتعزيز مسيرة المصالحة والوحدة الوطنية، وتنسيق كيف نتصدى لملفاتنا الوطنية بموقف مشترك منسق على قاعدة الشراكة الوطنية التي انطلقنا على أساسها في مسيرة المصالحة.

* على ذكر الشراكة الوطنية، أعلنت إسرائيل، الإثنين الماضي، اعتقالها خلية تتألف من 93 ناشطا من حركة حماس في الضفة الغربية "خططت للانقلاب على السلطة الفلسطينية".. ما تعليقكم؟

- هذا خلط للأوراق وكذب، ليس هناك في التاريخ الفلسطيني خلايا من 93 شخصا، الخلايا العسكرية عادة آحاد من الأشخاص، وإنما هي تجميع لعدد من المعتقلين منذ 9 شهور، أكثر أو أقل، ومحاولة تقديم رواية كاذبة للتحريض على الضفة الغربية، والعدو يقاتل شعبنا ويعتدي عليه في غزة، وهي محاولة لتخريب المصالحة الفلسطينية، مرة يقول هؤلاء يريدون تنفيذ عمليات ضد الاحتلال ومرة يقول للانقلاب على السلطة، رواية كاذبة مختلة لا أصل لها، والوعي الفلسطيني لن يقع في خديعتها، نحن لدينا معركة وحيدة من الاحتلال الإسرائيلي أما داخل الصف الفلسطيني، فحتى مع وجود الخلافات نعالجها بالحوار والتواصل وبالأدوات السياسية، وليس غير ذلك.

* رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، قال إن "العالم العربي ضد حركة حماس، وليس معهم سوى قطر وتركيا وإيران"؟

- الذي تابع معركة العصف المأكول أدرك كم حظيت حماس وحركات المقاومة الفلسطينية وكتائبها العسكرية، كم حظيت بالتأييد الواسع عربيا وإسلاميا ودوليا، لا ننكر أن هناك بعض الحكومات والنظم (لم يسمها) ليست معنا، لكن كل الشعوب معنا وكثير من الحكومات والقيادات والمسؤولين معنا  سواء بالسر أو بالعلن، أما من يقف إلى جانب نتنياهو والعدو الصهيوني فهم القلة، وهؤلاء ماذا نفعل معهم، لا نبالي طالما الأمة معنا وهي فرحة وفخورة بإنجازات المقاومة، فمن يريد أن يكون في مربع آخر، سامحه الله، ولكن هم المعزولون وليست المقاومة الفلسطينية.

* وما تقييمكم للموقف التركي من القضية الفلسطينية؟

- الموقف التركي دائما متميز سواء على المستوى الرسم أو الشعبي، ولتركيا مبادرات كريمة موضع تقدير الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين جميعا، ولا ننسى شهداء سفينة مرمرة التسعة، فلتركيا بصمات من قياداتها وشعبها، ومن مسؤوليها ومن هيئاتها المختلفة، ومن إعلامها، وهذا موضع تقديرنا، في الحرب الأخيرة ورغم انشغال القيادة التركية بالانتخابات لكنها كانت حاضرة بدعمها السياسي والمعنوي والجماهيري، وبالمساعدات التي قدمتها أثناء الحرب وفي فترات الهدنة الإنسانية بشكل خاص، وكنت طوال فترة الحرب على تواصل مع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان (الفائز بالانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا)، الذي نبارك له فوزه بالانتخابات الرئاسية، ومع الدكتور أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية التركي، وكان التواصل والتنسيق كبيرا، لذلك نحن ممتنون للموقف التركي فشكرا للشعب التركي وللقيادة التركية.

وللشعب التركي كل التحية والتقدير، أهل فلسطين لا ينسون أهل تركيا قيادة وشعبا، لهم الشكر والتقدير، وأقول لهم ولكل الشعوب التي ناصرتنا: الله لا يضيع أجر من أغاث أهل غزة ووقف إلى جانب فلسطين وانتصر للمقاومة وللقضية الفلسطينية.

* وماذا عن العلاقة مع قطر التي دائما ما تتهمها إسرائيل بدعم الإرهاب على خلفية موقفها من المقاومة؟

- العلاقة بين قطر وحماس ليست جديدة وهي على رؤوس الأشهاد، وحماس لديها شبكة علاقات عربية وإسلامية ودولية واسعة، فهذه مسألة لا أحد يستحي منها، ولدينا تقدير كبير للموقف القطري الرسمي والشعبي ولشجاعة القيادة القطرية وما تقدمه للقضية الفلسطينية، والدعم القطري ليس لحماس كحركة على وجه الخصوص وإنما للشعب الفلسطيني، وأميرها السابق حمد بن خليفة آل ثاني وأميرها الحالي تميم بن حمد بن خليفة بمواقفهم من غزة وزيارتهم المباشرة، ودورهم في الإعمار ومواقفهم السياسية الداعمة للحق الفلسطيني واحتضانهم للقاءات عديدة في الدوحة بين القوى الفلسطينية، وبيننا وبين الرئيس عباس، وقمة غزة الأولى في حرب 2008 و2009، كل ذلك تاريخ شرف لقطر، قطر تشكر لا تلام، أما أن يهاجمهما العدو فهذا فخر لقطر ودليل على صواب الموقف القطري.

*وفيما يتعلق بإيران.. هل مازلتم تتلقون دعما إيرانيا وتمدكم بالصواريخ؟

- في الماضي دعمتنا إيران ماليا وعسكريا، وهذا ليس بالأمر المجهول، لكن في السنوات الأخيرة دخلنا في مرحلة أخرى من العلاقة، لم تنقطع العلاقة، ولكن تغير حالها، وفي هذا الظرف الاستثنائي المقاومة الفلسطينية بحثت وسائل التسليح الذاتي، وكان الاعتماد الأكبر على التصنيع داخل غزة وعلى ابتكار التكتيكات العسكرية والإبداع فيها، وهو ما فاجأ العالم.

* يرى مراقبون أن موقف حماس مرتبك مما يجري في سوريا.. لماذ حدث ذلك؟

- نحن لا نتدخل في الشأن السوري، ولكن حدث افتراق حول الأزمة السورية، ونحن لا نتدخل في شؤون الآخرين، الجميع يعلم أننا مصطفون مع الشعوب من حيث القيمة الأخلاقية  والمبدئية والسياسية، ولكن لا نتدخل في أي أزمة لا في مصر ولا في سوريا ولا العراق، ولكننا مع الشعوب دائما وحريتها وكرامتها لأن هذه أخلاق ومبادئ.

* كأحد الحلول، هل يمكن أن تقبلوا بوجود قوات مراقبة دولية، مثل قوات اليونيفل في لبنان؟

- القوات الدولية تنفع في الصراعات بين دول مستقلة، ولكن عندما يعيش شعب كالشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، فإذا كان من طرف يحتاج إلى قوة دولية للجم عدوانه وكف يده عن الاحتلال والاستيطان فهو الكيان الصهيوني، أما الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة فيحتاج لنصر المجتمع الدولي لا تقييده، الشعب الفلسطيني يتطلع لأن يقف المجتمع الدولي معه وأن يكف يد الجاني واللص والمعتدي والقاتل، وهو العدو الصهيوني.

* ما مدى صحة طلبكم التدخل من حزب الله وما مدى استعدادكم للتنسيق معه مستقبلا؟

- لا صحة لها الأمر، لم نطلب شيئا، هذه ليست أول حرب نخوضها دفاعا عن النفس ردا على العدوان الإسرائيلي، هذه ثالث حرب على غزة في أقل من 6 سنوات، ونعتمد بعد الله على أنفسنا ونعرف ظروف الأمة كل له وضع خاص، أما التواصل مع الدول والقوى الفاعلة في الأمة فهناك جوانب نتفق عليها وهناك جوانب نختلف بشأنها مع كل القوى بما فيها حزب الله.

* إذن، في ضوء التطورات الأخيرة، ما مدى استعدادكم لحرب طويلة الأمد؟

- نحن استراتيجيتنا ليست خوض الحروب، الحروب تكون بين الدول، نحن حركات مقاومة، لكن العدو يمارس علينا أشكالا من الحروب التي تكون عادة بين الدول يستعمل الطيران والمدفعية والبحرية واليورانيوم المخصب وكل الترسانة الإجرامية التي يمتلكها، ونحن لا نملك سوى أن ندافع عن أنفسنا، ولكن المفاجأة كانت ان الشعب الفلسطيني بقدراته المتواضعة استطاع أن يصمد في ميدان الحروب التي فرضت عليه كما صمد في ميدان المقاومة، نحن حضرنا أنفسنا لمعارك مقاومة ضد المحتل، وإذا فرضت علينا حروب سندافع عن أنفسنا، لكن التعبير الأدق نحن نخوض معارك مقاومة وتحرر وطني لأننا شعب تحت الاحتلال، أما عن استعدادنا لحرب طويلة الأمد فهذا يقاس بالتاريخ الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني يحضر نفسه من مائة عام أن يقاتل حتى النهاية دفاعا عن النفس والأرض ومن يقاتل منذ مائة عام لن يتعب من شهر أو سنة أو سنوات.

* كيف تنظرون إلى وضع المنطقة بعد المتغيرات التي تشهدها حالياً؟

- وضع المنطقة العربية والإسلامية بشكل عام يتحرك كالرمال المتحركة، هناك حالة من المخاض العسر والصعب، هناك تحولات وهناك تقدم وتراجع مد وجذر وهذه طبيعة التحولات الاستراتيجية في الأمم، الأمة العربية والإسلامية تبحث عن ذاتها وتحاول أن ترسم لها مسارا وتشكل مستقبلها بصورة واعدة، ولكن هناك معوقات داخلية وخارجية، هذا التفاعل الداخلي العسر والصعب مؤلم، ويُحدث ارتباكات، ولكن في النهاية لن يتوقف قطار التحول الاستراتيجي في المنطقة، نتمنى أن يكون بسلام وأمان وبعيدا عن الدماء، وتبقى القضية الفلسطينية هي حجر الزواية في تحولات الأمة.

* برأيكم هل مازالت القضية الفلسطينية قضية الأمة الأولى؟

- في الضمير الجمعي العربي والإسلامي بلا شك كانت ومازالت وستبقى، وانشغال الأمة بهمومها المحلية -وهذا حقها- لا يصرفها عن قضيتها المركزية، والدليل على ذلك كلما سخنت القضية الفلسطينية في غزة من خلال فعل المقاومة او في الضفة لمواجهة الاستيطان أو في القدس لمواجهة التهويد دائما الشعوب تنسى همومها المحلية وتنشغل بالهم الفلسطيني أو على الأقل تظهر مشاعرها الحقيقية، وإذا كان هناك بعض النخب المحدودة سواء في عالم السياسة والإعلام لديها خلل بنيوي ولديها مزاج خاطئ فهذه شرائح محدودة في الأمة لا تعبر عن العقل والضمير الجمعي والعربي والإسلامي، ورأينا في الحرب الأخيرة كيف تفاعلت الأمة بفخر واعتزاز ودعمت بشكل غير مسبوق المقاومة لفلسطينية.

* ما هو تقييمكم للموقف الرسمي العربي من العدوان على غزة؟

- لاشك أن الموقف العربي الرسمي متنوع، هناك من وقف بشكل صريح مع الشعب الفلسطيني ومع المقاومة وهناك من صمد، وهناك من اكتفى بالحد الأدنى وهناك من دعم دعما كبيرا وهناك من خذل وهناك من قصر.

* ختاما كلمة توجها لأهل غزة وأخرى للإسرائيليين؟

- أقول لأهل غزة أنتم أصحاب قضية عادلة وأنتم على الحق وأنتم منصورون بإذن الله، غزة فخر الأمة وتاجها ورمز عزتها وباتت في موقع الريادة وقدمت النموذج المبدع والمبهر والله معكم ونحن إياكم نخوض هذه المعركة، ونحن فخورون بما تعمل غزة وهذا الذي أظهرته غزة من صلابة وصمود على صعيد الشعب والتفافه حول المقاومة ووحدة الموقف الفلسطيني خلف المقاومة كل هذا يقدم نموذجا نفخر به بثلاثيته المتوازنة المقاومة ضد المحتل والفكر المعتدل الوسطي والعقل السياسي المنفتح على محيطه العربي والإسلامي والإقليمي والدولي.

وأقول للإسرائيليين، قيادتكم تريدكم للمهالك، القوة العسكرية الغاشمة لا تغير الحقائق التاريخية ولا تجعل المعتدي صاحب حق، ولا تستطيع أن تهزم أصحاب الحق، والشعب الفلسطيني متمسك بحقه بأرضه والدفاع عن نفسه وكسر الحصار عن غزة، ومطلبه الأول والأساس أن يتخلص من الاحتلال والاستيطان، وإذا لم تدرك إسرائيل ذلك سيضيعون الوقت وسيستنزفون أنفسهم وأمنهم وستخدعهم قيادتهم إذا ظنت أنها تستطيع كسر إرادة شعب حر كالشعب الفلسطيني.
التعليقات (1)
فادي
الخميس، 25-09-2014 11:08 ص
صقر العرب