مقالات مختارة

"حماس" لم تركع

رندة حيدر
1300x600
1300x600
كتب رندة حيدر: مع بدء الأسبوع الثالث للعدوان الإسرائيلي على غزة، لم تركع "حماس" على رغم أطنان القذائف التي انهمرت عليها، والشعب فيها لم ينكسر على رغم الثمن البشري الباهظ الذي دفعه الأبرياء حتى الآن. والأهم من ذلك أن إسرائيل وجيشها الذي يعتبر الأقوى في الشرق الأوسط هما الآن أمام ورطة حقيقية، فإما أن يوسعا العملية البرية المحدودة مما يعني الدخول في عملية معقدة ومحفوفة بالمخاطر ستؤدي في النهاية إلى إعادة احتلال غزة، وإما أن يسعيا إلى وقف النار والقتال من دون تحقيق نصر حاسم، مما يعني التعادل بين إسرائيل و"حماس"، الأمر الذي سيثير غضب الجهمور الإسرائيلي الذي لن يقبل هذه المرة بأنصاف الحلول ويريد انتصاراً حاسماً.

تشير أيام القتال السابقة الى صعوبة تحقيق إسرائيل نصراً عسكرياً حاسماً على "حماس" من خلال عملية برية محدودة وقصيرة الأمد كتلك التي تقوم بها حالياً. واستناداً الى أكثر من مسؤول عسكري، يتطلب تدمير الأنفاق وحده عملاً عسكرياً لا يقل عن أسابيع. أما اذا توسّع الهدف نحو القضاء على الترسانة الصاروخية لـ"حماس" و"الجهاد الإسلامي"، فإن هذا سيتطلب وفقاً لخبراء عسكريين نصف سنة الى سنة كاملة. في هذه الأثناء سيكون على الجيش الإسرائيلي أن يتحمّل الثمن الباهظ لعمليات التوغّل في المناطق الكثيفة سكانياً، حيث سيكون هدفاً للعبوات الناسفة ونيران القناصة والعمليات الانتحارية.

في جردة حسابات الربح والخسارة للأسبوعين الأولين للمعارك، يعترف الإسرائيليون بعدد من الأمور الأساسية، أولها: المفاجأة الاستراتيجية المتمثلة في الأنفاق الهجومية التي بنتها "حماس" طوال الأعوام الاخيرة، والأداء الاحترافي لقيادة الجناح العسكري لـ"حماس" برئاسة محمد ضيف، والتنسيق العملاني بين القصف الصاروخي وعمليات التسلل النوعية التي قامت بها الوحدات الخاصة، والصلابة التي أظهرها مقاتلو الحركة في المواجهات التي دارت مباشرة مع الجنود الإسرائيليين لدى تقدّمهم في المناطق المأهولة.

لقد أثبتت "حماس" و"الجهاد الإسلامي" حتى الآن قدرتهما على الصمود والمواجهة. وكلما ارتفع الثمن الذي يدفعه الغزاويون من حياتهم وأرزاقهم، ازدادوا اقتناعا بأنهم يخوضون معركة حياة أو موت لا مجال فيها للتراجع إلا بعد تحقيق هدفهم الأساسي وهو رفع الحصار عن غزة، وأي شيء أقل من هذا هو بمثابة هزيمة لهم.

من جهة أخرى، ترفض إسرائيل تقديم أي تنازلات قبل القضاء على الأنفاق وتدفيع "حماس" ثمناً باهظاً عسكرياً. وهي لا تستبعد إذا واصلت "حماس" رفضها للمبادرة المصرية اللجوء الى أساليب أخرى أشد عنفاً مثل إعادة احتلال القطاع من جديد.

(النهار اللبنانية)
التعليقات (0)